فى الوقت الذي تمر فيه معظم الدول بأزمات داخلية أو خارجية سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية من خلال خلق مناطق للتوتر وصراعات إقليمية،
لا تزال تهيمن الولايات المتحدة الأمريكية على معظم مجريات الأمور حول العالم كنظام أحادي القطبية، حتي بات الحديث عن حتمية وجود تحولات إستراتيجية فى سياسات الدول الأخري كالناشئة والنامية، والتحول من النظام الأحادي إلي المتعدد القطبية من خلال إحياء التجمعات الاقتصادية والسياسية من جديد أمر مُلح؛ من أجل القيام بأدوار فاعله في مواجهة التحديات والتهديدات التي تعصف بالعديد من الدول.
ففى جزيرة (مارغاريتا) بفنزويلا تبدأ غداً الثلاثاء أعمال القمة الـ 17 لدول عدم الانحياز في الفترة ما بين 13و18 بمشاركة 122 دولة، في توقيت سبقه انعقاد قمة مجموعة العشرين في الصين ويسبق بالتاريخ انعقاد جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك؛ الأمر الذي يراه المراقبون للأوضاع الحالية بمثابة نواه في التحول نحو التغيير في النظام العالمى الجديد، بعيداً عن فكرة أحادية القطبية، خاصة بعد صعود أنظمة آسيوية أخري في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية ــ إقتصادياً ــ وهو ما تتحدث عنه الأبحاث والتقارير العالمية من ناحية موازين القوى العالمية الجديدة علي المديين المتوسط والبعيد.
وفي الوقت الذى نتحدث فيه عن قضايا شائكة ستطرح علي أعمال القمة يرى المحللون أن استضافة دولة فنزويلا ــ إنطلاقاً من أساس مبدأ التناوب الجغرافي ــ لإجتماعات حركة عدم الإنحياز قد تشهد مفاجأت كثيرة حيث أن العقيدة الأيدولوجية للرئيس الفنزويلى نيكولاس مادورو إشتراكية وهي ما لا تتناغم مع توجهات كبرى الدول الغربية، بالإضافة الي الأزمة الإقتصادية الطاحنه التي تعاني منها بلاده والتي قد تشهد موجه من الاحتجاجات الشعبية خلال زيارة الرؤساء والوفود الدولية لإجتماعات القمة .
عقد مؤتمر القمة الأول لحركة عدم الانحياز في بلجراد عام 1961 بمشاركة 25 دولة، وكان مؤسسو الحركة قد فضلوا إعلانها كحركة وليس كمنظمة تفادياً لما تنطوي عليه الأخيرة من بيروقراطية وقد انعكس انهيار النظام السياسي الدولي القائم علي القطبية الثنائية فى بداية التسعينيات على حركة عدم الانحياز، التى كان عليها التعامل مع هذا المتغير بواقعية بحيث أصبحت تجمعاً لدول الجنوب، كما تم تحديد أهداف الحركة في إطار الوضع الدولي الراهن، ومن أهمها: تعزيز التعددية فى العلاقات الدولية من خلال تشجيع الدور المركزي لمنظمة الأمم المتحدة، تعزيز الوحدة والتضامن بين دول الجنوب ودعم دور الحركة في إنعاش التعاون والحوار بين الشمال والجنوب.
يستند الهيكل التنظيمي والقواعد الإجرائية لحركة عدم الانحياز علي كل من وثيقة المنهجية الصادرة عن مؤتمر قمة الحركة الحادية عشرة في كارتاخينا بكولومبيا عام 1995، وتلك الصادرة عن القمة الرابعة عشرة في هافانا إلي جانب ممارسات عمل الحركة التي أصبحت نتيجة لاستمراريتها جزءاً من قواعد العمل بها حيث تتولي الدولة المضيفة لمؤتمر قمة حركة عدم الانحياز رئاسة الحركة تلقائياً إلي حين انعقاد القمة التالية، وتتولي مسئولية تنسيق جميع أنشطة الحركة في كل المحافل الدولية وخاصةً في الأمم المتحدة.
وتتكون ترويكا الحركة من كل من الرئيس السابق والحالي والقادم لمؤتمر القمة، وتعقد اجتماعها السنوي علي مستوي وزراء الخارجية في نيويورك علي هامش أعمال الدورة العادية للجمعية العامة للأمم المتحدة لبحث وتنسيق المواقف تجاه الموضوعات المطروحة علي أجندة الجمعية العامة، كما تعقد اجتماعات على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة مع ترويكا الاتحاد الأوروبي، والاتحاد الروسي وذلك لبحث المسائل ذات الاهتمام المشترك علي أجندة الجمعية العامة.
هذا بخلاف مكتب تنسيق الحركة اجتماعاته شهرياً في الأمم المتحدة بنيويورك علي مستوي المندوبين الدائمين ترأسها دولة الرئاسة للحركة، وهو مفتوح العضوية يشارك فيه الدول الأعضاء في الحركة.
ويعد مكتب التنسيق محور وأساس عمل حركة عدم الانحياز. ومن مهامه الرئيسية تعزيز وتنسيق عمل دول الحركة في الأمم المتحدة وغيرها من المحافل الدولية، إضافة إلي اضطلاعه بالتحضيرات اللازمة لمؤتمرات القمة أو المؤتمرات الوزارية المختلفة وكذلك تنسيق ومراجعة أنشطة مجموعات العمل ومجموعات الاتصال المنشأة في إطار الحركة.
إن من أهم تلك القضايا المطروحة علي جدول أعمال القمة والخاصة بالوطن العربي والمعنية بها مصر هى الأزمة السورية واليمنية وقضايا البيئة بالإضافة الى قضية بحر الصين الجنوبي والتي من المتوقع أن تشهد مناورات دبلوماسية بين الدول مجموعة الآسيان والصين، حيث كثفت الأخيرة من تحركاتها خلال الفترة الماضية لمنع استصدار بنداً أو قرار في الوثيقة الختامية للقمة تشير الي هذه القضية،
حيث أن الوثيقة الختامية في هذه الحركة هى بتوافق الآراء، وأن هناك قراراً سيصدر بخصوص دولة فلسطين وسوريا مع الإشادة بتخلي نظام بشار الأسد عن ترسانة أسلحته الكيماوية، بالإضافة الي قرار خاص بالأزمة اليمنية.
المصدر : وكالات