تاتي القمة العربية في تونس وسط مزيد من التحديات العربية و الإقليمية , حيث يتضمن جدول أعمال القمة العربية الثلاثين فى تونس 20 ملفًا، يأتى على رأسها ملف القضية الفلسطينية بأبعادها المختلفة، والأزمة السورية، والأزمة فى ليبيا، والأزمة فى اليمن، بالإضافة إلى البحث عن حلول للتدخلات الإيرانية فى الشئون العربية، واحتلال إيران الجزر الإماراتية، وتدخل تركيا فى شمال العراق، وملف دعم الصومال، ومتابعة ملف صيانة الأمن القومى العربي، بالإضافة إلى تطوير المنظومة العربية المسئولة عن مكافحة الإرهاب، و بند جديد وهو دعم النازحين من العراق.
وقد أسرع الأمين العام لجامعة الدول العربية قبل أيام بالتعبير عن تنديد الجامعة ورفضها الشديدين لإعلان الرئيس الأمريكى قائلاً إن التصريحات الصادرة عن الرئيس الأمريكي، والتى تمهد لاعتراف رسمى أمريكى بسيادة إسرائيلية على الجولان السورى المحتل، تعتبر خارجة بشكل كامل عن القانون الدولي، كما أنها اعتراف، إن حصل، لا ينشيء حقوقاً أو يرتب التزامات، ويعتبر غير ذى حيثية قانونية من أى نوع، وأكد أبو الغيط: أن الجولان هو أرض سورية محتلة بواقع القانون الدولى وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن وباعتراف المجتمع الدولي، وإن قرار مجلس الأمن497 لعام 1981 صدر بالاجماع، وأكد بصورة لا لبس فيها عدم الاعتراف بضم إسرائيل للجولان السوري، ودعا إسرائيل إلى إلغاء قانون ضم الجولان الذى أصدرته فى نفس ذاك العام، وعليه فإن الجامعة العربية تقف بالكامل وراء الحق السورى فى أرضه المحتلة.. ولدينا موقف واضح مبنى على قرارات فى هذا الشأن، وهو موقف لا يتأثر اطلاقا بالموقف من الأزمة فى سوريا.
ودعا الأمين العام للجامعة العربية الولايات المتحدة الى مراجعة موقفها والعودة عن هذا النهج والموقف الخاطئ الذى يدمر ما تبقى من رصيد ضئيل لوساطة أمريكية قد تنهى النزاع سياسياً..
وهكذا فرض الملف السورى نفسه بشكل أو بآخر وبقوة على قمة تونس. حيث يدور جدل مكتوم وغير معلن فى دهاليز القمة بشأن عودة سوريا، وهناك انقسام واضح بين الدول العربية، حيث تدعو دول إلى استعادة سوريا مقعدها ودورها فى منظومة العمل العربى المشترك، ودول لم تنضم إلى تلك الدعوة بعد، ودول أخرى صامتة تراقب اتجاه التيار. يشار إلى أنه فى أوائل نوفمبر 2011 قرر وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم الطارئ فى القاهرة تعليق مشاركة سوريا فى اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة اعتبارا من 16 نوفمبر من العام نفسه، وصدر القرار بموافقة 18 دولة وباعتراض 3 دول هى سوريا ولبنان واليمن، وامتناع العراق عن التصويت.
وتأتى قضية الشعب الفلسطينى الحائر منذ عام 1948 كقاسم مشترك فى كل فعاليات القمم العربية منذ تأسيسها، وقال هائل الفاهوم سفير دولة فلسطين فى تونس: إن فلسطين هى مفتاح السلام، وان من يقف مع الشعب الفلسطينى يقف فى حقيقة الامر مع الإنسانية، لأن القضية الفلسطينية هى قضية إنسانية بالدرجة الاولي، وأضاف اذا نجحت القمة العربية الثلاثون فى تونس فى خلق تماسك عربي، وأدركت أن عنوان الامن القومى العربى والتنمية والتكامل فى المنطقة يكمن فى حل القضية الفلسطينية، فانها ستوجه رسالة قوية لكل القوى الاقليمية والدولية بأن الحل فى فلسطين هو العنوان اذا رغبتم فى الخروج من بوتقة التطاحن والحروب والدمار. لكن تزامناً مع القمة ولقاء رئيس الوزراء الاسرائيلى بنيامين نيتانياهو مع الرئيس الأمريكى الاثنين الماضى شنت طائرات حربية إسرائيلية غارات مكثفة على قطاع غزة بعد إعلان إطلاق صاروخ من القطاع على شمال تل أبيب وسط إسرائيل واستهدفت الغارات مواقع لحركة حماس وفصائل أخرى فى مناطق متفرقة من قطاع غزة.
الملفات العربية الساخنة المتجددة تحدق بقمة الزعماء العرب فى تونس، فاللجنة الرباعية الخاصة بليبيا والمكونة من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش وفيدريكا موجيرينى الممثلة العليا للسياسة الخارجية والأمن المشترك فى الاتحاد الأوروبى وموسى فكى رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، بالإضافة إلى دكتورغسان سلامة المبعوث الدولى إلى ليبيا ستعقد اجتماعاً السبت المقبل على هامش القمة العربية.
وكذلك فإن الملف اليمنى لايزال يبحث عن مبادرة عربية عربية تتجاوز الأجندات الإقليمية والدولية التى تعبث بهذا البلد العربى العظيم.
مرت ثلاثة وسبعون عاماً على عقد القمة العربية الأولى فى أنشاص عام 1946، كما مرت منذ ذلك الحين مياه كثيرة تحت وفوق الجسور العربية لكن المشهد العربى مازال يتوق إلى آليات وتحرك أكثر فاعلية.
المصدر: وكالات