تستضيف العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، اليوم الخميس، قمة الهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا “الإيجاد”، والمخصصة لمناقشة تطورات الأزمة في جنوب السودان التي تشهد أعمال عنف منذ أكثر من أربعة أعوام وذلك في إطار جهود منظمة “الإيجاد”، التي تترأس إثيوبيا دورتها الحالية، لإحلال السلام في جنوب السودان والتوصل إلى اتفاق بين سلفاكير ونائبه السابق مشار.
وتأتي هذه القمة في أعقاب لقاء جمع رئيس جنوب السودان سلفا كير وزعيم المتمردين رياك مشار أمس استضافه مكتب رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، وعقد بعيدا عن وسائل الإعلام ولم يخرج عن اللقاء أية تفاصيل.
ويعد هذا اللقاء هو الأول من نوعه منذ عامين وبالأخص منذ اندلاع المعارك العنيفة في جوبا في يوليو 2016 والتي انتهكت اتفاق سلام أُبرم في أغسطس 2015 بين الحكومة والمعارضة، وأدت إلى فرار مشار خارج بلاده.
وكانت وساطة منظمة الإيجاد قد أنهت الأثنين الماضي مشاورات مكثفة بين الطرفين وقررت إحالة القضايا العالقة في فصل تقاسم السلطة إلى مجلس وزراء الهيئة ثم تقديمها إلى قمة رؤساء الدول والحكومات التي تعقد اليوم.
وسبق اللقاء فشل جولة المفاوضات بين الطرفين، التي عقدت في مايو الماضي برعاية منظمة الإيجاد، بعد رفض أطراف النزاع في جنوب السودان التوقيع على وثيقة اتفاق السلام التي أعدتها المنظمة، حيث اختلف الطرفان حول بنود سياسية وأمنية وأخرى حول طبيعة نظام الحكم. وكان من أبرز مقترحات الإيجاد لإحياء اتفاق 2015 عودة رياك مشار إلى منصبه كنائب أول للرئيس، مع احتفاظ الحكومة بنسبة 55% من السلطة، و 25% “للحركة الشعبية”، و 20 % لمجموعات أخرى معارضة داخل وخارج جنوب السودان، لا تحمل السلاح.
وقد وافق الوفد الحكومي على معظم المقترحات بينما رفضت المعارضة كثيرا منها. وأوصت الإيجاد بضرورة عقد اجتماع بين سيلفا كير ومشار قبل القمة الأفريقية المقررة في أوائل يوليو القادم لحسم القضايا العالقة.
كما تبنى مجلس الأمن في الأول من يونيو مشروع قرار يمنح الأطراف المتحاربة في جنوب السودان مهلة تنتهي في 30 يونيو لإنهاء الاقتتال أو مواجهة عقوبات محتملة. وحظي القرار، الذي صاغته الولايات المتحدة، بتأييد تسعة أصوات من أصل خمسة عشر وامتناع ستة عن التصويت. كما يدرج القرار ستة مسؤولين في جنوب السودان، بينهم وزير الدفاع، على لائحة للعقوبات الدولية في حال فشل الأطراف في التوصل لاتفاق سلام.
واندلع الصراع في دولة جنوب السودان في ديسمبر 2013 – أي بعد عامين من استقلال البلاد عن السودان – عندما اتهم الرئيس الجنوبي سيلفا كير، المنتمي إلى قبيلة الدينكا، نائبه رياك مشار، من قبيلة النوير بتدبير انقلاب ضده و أقاله من منصبه، وهو ما أدى إلى اندلاع المعارك بين القوات الموالية لكل منهما وإشاعة العنف والفوضى في جميع أنحاء الدولة الوليدة.
وتسبب هذا الوضع المتأزم في مقتل عشرات الآلاف، وتشريد أكثر من ثلاثة ملايين من سكان البلاد الذين هربوا من ويلات الحرب والمجاعة إما داخل البلاد أو في الدول المجاورة فضلا عن الأوضاع المعيشية المتردية التي يعاني منها المواطنون وغياب الاستقرار والأمن. وتوقع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية “أوتشا” أن يتجاوز عدد اللاجئين بنهاية هذا العام ثلاثة ملايين شخص، وهو ما يجعل أزمة اللاجئين في جنوب السودان أكبر أزمة منذ الإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.
وسعى المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، للضغط على أطراف النزاع من أجل التوصل إلى تسوية للأزمة وتفعيل اتفاق 2015 وإحلال السلام في البلاد غير أنه لم تنجح أي من الاتفاقات أوالمعاهدات السابقة في وقف إطلاق النار وإنهاء الصراع وظلت بنودها حبرا على ورق، حيث تباعدت مواقف الطرفين باستمرار حول اقتسام السلطة والترتيبات الأمنية، كما ظل مشار رهن الإقامة الجبرية في جنوب أفريقيا منذ نهاية 2016.
وفي ضوء المشهد السابق، يتوقع المراقبون أن تخرج قمة اليوم بنتائج إيجابية قد تساهم في إحياء عملية السلام بالبلاد مستندين في ذلك إلى اللقاء الذي تم بين سيلفا كير ومشار برعاية أثيوبيا بعد جهود طويلة، وجولات التفاوض المتلاحقة التي ساهمت بصورة ما في تقريب وجهات النظر بين الطرفين حول عدد من النقاط حتى لو يتم الاتفاق على كافة القضايا العالقة، هذا بالإضافة إلى الضغط الإقليمي والدولي وعدم رغبة الحكومة في مواجهة عقوبات جديدة في ظل الوضع الاقتصادي والأمني المتدهور الذي يشكّل ضغطاً إضافياً عليها، ربما يدفعها للتمسك بأي اتفاق يمكن التوصل إليه.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)