بمشاركة مصرية ، وتحت شعار “الاستثمار في الشباب من أجل مستقبل مستدام”، تنطلق اليوم الأربعاء القمة الخامسة للاتحاد الأفريقي – الاتحاد الأوروبي بالعاصمة الإيفوارية أبيدجان، والتي تستمر يومين وتهدف إلى دعم الشراكة الأفريقية الأوروبية وتعزيز التعاون المشترك بين الجانبين.
ويشارك في القمة قادة ورؤساء حكومات الدول الأفريقية ودول الاتحاد الأوروبي، وتركز النقاشات على موضوعات ذات أهمية قصوى للجانبين من بينها قضايا الديموقراطية والحوكمة وحقوق الإنسان، وتعزيز الاستثمارات والتجارة المشتركة، وحركة التنقل بين الجانبين فضلا عن تطوير المهارات وتوفير فرص عمل.
وينتظر أن تحظى قضية الهجرة باهتمام كبير خلال القمة خاصة بعد الضجة الكبيرة التي فجرتها مؤخرا واقعة بيع مهاجرين أفارقة كرقيق في الأسواق الليبية، والتي أثارت سخطا دوليا واسع النطاق وأعادت تسليط الضوء على ملف المهاجرين وقضية الهجرة الأفريقية إلى أوروبا وقد طلب رئيس النيجر محمدو يوسفو بشكل واضح أن تدرج قضية بيع مهاجرين عبيدا في مزادات علنية على جدول أعمال القمة.
ويحتل ملف الأمن ومكافحة الإرهاب مكانة هامة على جدول أعمال القمة خاصة أن دول غرب أفريقيا شهدت خلال السنوات الأخيرة صعودا ملحوظا للجماعات الإرهابية . في هذا السياق، ينتظر أن يؤكد الاتحاد الأوروبي خلال القمة على دعمه لدول مجموعة الساحل الخمس (مالي والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو وتشاد) التي تسعى لإنشاء قوة لمكافحة هذه الجماعات.
ولأن القمة تتخذ من “الشباب” شعارا لها، فإنه من المنتظر أن يشغل هذا الموضوع حيزا هاما في النقاشات. فقطاع الشباب يمثل قطاعا عريضا من عدد سكان القارتين وبالتالي فهو يعكس أولوية للجانبين الأوروبي والأفريقي، خاصة أن 60 في المائة من العاطلين في القارة الأفريقية ينتمون إلى فئة الشباب، كما يحاول الهجرة – إلى أوروبا سنويا – مئات الآلاف من الشباب اليائسين من الأوضاع ببلادهم نتيجة البطالة والفقر، وهو ما يبرز الأهمية القصوى لتعزيز الشراكة بين الجانبين بهدف الاستثمار في الأجيال القادمة ودعم فرص تأهيل الشباب الأفريقي.
في هذا السياق وفي إطار الاستعدادات للقمة الأفريقية الأوروبية، استضافت أبيدجان الشهر الماضي قمة أفريقيا-أوروبا للشباب من أجل تحسين مشاركة الشباب في التعاون الأورو-أفريقي، وتعزيز أداء هذه الفئة من المجتمع على مستوى القارتين، والتأثير على السياسة المخصصة للشباب في إطار التعاون الأفريقي الأوروبي. وفي ختام هذه القمة أصدر المشاركون “إعلان أبيدجان”، وهي وثيقة تسعى للمساهمة في إرساء استراتيجية متناغمة خاصة بالشباب في إطار الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، وسيتم طرحها والتباحث حولها خلال القمة المرتقبة.
وتحظى قمة الغد بأهمية خاصة إذ أنها تعقد بعد عشر سنوات من اعتماد الاستراتيجية “الأفريقية الأوروبية” المشتركة والتي حددت عدة أولويات في مجال التعاون بين الجانبين كالتجارة والتكامل الإقليمي والأمن وحقوق الإنسان. ومن ثم تمثل هذه القمة فرصة سانحة لتعريف الخطوط العريضة الخاصة بالعلاقات بين الجانبين وصياغة جديدة لمعايير هذا الإطار التعاوني وفقا للتحديات التي تواجه القارة السمراء في المرحلة الراهنة.
واتخذت العلاقات الأفريقية الأوروبية منحى خاص منذ القمة التاريخية التي عقدت بالقاهرة عام 2000 والتي شكلت نقطة انطلاق لعلاقات أكثر عمقا بين الجانبين. ويلعب الاتحاد الأوروبي دورا رئيسيا في النمو والتنمية الاقتصادية فى القارة الأفريقية حيث قدم مساعدات تقدر بحوالي 21 مليار يورو عام 2016، كما تدفقت الاستثمارات الأوروبية بـ32 مليار يورو للأسواق الأفريقية خلال عام 2015.
وقدم الجانب الأوروبى أكثر من 3 مليارات يورو لصالح الصندوق الأوروبى للتنمية المستدامة الذى يهدف للوصول لـ44 مليار يورو كاستثمارات. كما تم تخصيص أكثر من مليار يورو لدعم البرامج الخاصة بالتعليم بدأ تنفيذها من عام 2014 وتستمر حتى 2020.
في ضوء ذلك، يوضح المتخصصون في الشئون الأفريقية أن العلاقات بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي تمثل نموذجا للعلاقات غير المتكافئة، ويعكس الشق الاقتصادي حقيقة هذا الخلل. فالاتحاد الأوروبي لاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي فهو يمثل 20% من إجمالي التجارة العالمية، ويمتلك خبرة فريدة في القدرة على تحقيق التكامل الاقتصادي والمهارات الصناعية، كما يصل الناتج القومي الإجمالي الأوروبي إلى 17000 مليار دولار وهو أعلى ناتج في العالم، ويزيد بسبع عشرة مرة تقريبا مقارنة بنظيره الأفريقي.
في مقابل ذلك ، فإن أفريقيا تواجه مجموعة من التحديات الجادة في مجال التنمية. ورغم خيرات وثروات الباطن الأفريقي إلا أن القارة السمراء لا تستطيع استغلالها لتحقيق تقدم ملموس في أحوالها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فهي لا تعدو كونها منتجا للمواد الأولية كما أنها تضم دولا من أفقر دول العالم.
وبناء على ما سبق، يرى هؤلاء المتخصصون أنه من أجل تحقيق شراكة حقيقية ومتكافئة بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا فيجب أن تعمل تلك الشراكة على خدمة الطرفين وليس الطرف الأقوى فقط، بمعنى أن تؤسس تلك الشراكة لعلاقة تحفظ لأفريقيا مصالحها وتساهم في انتعاش الاقتصاد الأفريقي والتنمية الاجتماعية، وهو ما يمكن تحقيقه بعدة وسائل على رأسها التجارة التي تمثل عنصرا أساسيا للتنمية ومكافحة الفقر وخفض معدلات الهجرة وخلق فرص عمل من أجل تنمية مستدامة، وقد يتم ذلك من خلال تحسين القيمة المضافة على الصادرات الأفريقية لأوروبا لزيادة العوائد التجارية للقارة السمراء.
المصدر : أ ش أ