تستضيف مدينة سالزبورج النمساوية اليوم قمة أوروبية غير رسمية، تستمر لمدة يومين، تجمع قادة ورؤساء الدول الأوروبية وتناقش مجموعة من القضايا التي تحظى بأولوية على الساحة الأوروبية وعلى رأسها قضية الهجرة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو ما يطلق عليه “البريكست”، إضافة إلى الأمن الداخلي وتأمين الحدود الخارجية.
وتحتل قضية الهجرة أحد أبرز أولويات الرئاسة النمساوية للاتحاد الأوروبي، والتي بدأت في يوليو 2018 وتستمر لمدة ستة أشهر، كما تحظى بأهمية ملحوظة على جدول أعمال القمة الحالية لا سيما في ظل حالة الانقسام التي تسود داخل الكتلة الأوروبية وتضفي على القمة أجواء من الترقب والقلق خشية من عدم التوصل إلى اتفاق بين الدول المشاركة فيما يخص المهاجرين، وهو ما ستكون له عواقب وخيمة على مستقبل التعاون بين دول الاتحاد.
ويولي القادة الأوروبيون أهمية كبيرة لملف الهجرة حيث حذر وزير خارجية إسبانيا جوزيب بوريل في وقت سابق من أن “أزمة الهجرة أخطر من أزمة اليورو” على المشروع الأوروبي مؤكدا أن فشل القمة سيكون بمثابة كارثة على مستقبل الكتلة الأوروبية.
وقد أكدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام البرلمان الألماني “البوندستاج” يوم الخميس الماضي أن توصل الاتحاد الأوروبى إلى حل مشترك بشأن أزمة الهجرة يعد تحديا حاسما بالنسبة لمستقبل الاتحاد، محذرة من أن ذلك التحدى يفوق فى خطورته أزمة منطقة اليورو المالية والتى ضربت الاتحاد قبل عشرة أعوام.
وخلال لقائه مع رئيس الوزراء الإيطالي رحب المستشار النمساوي سيباستيان كورتز بنجاح إيطاليا في تقليص وصول المهاجرين إلى شواطئها أخيرا بنحو 80% مقارنة بالعام الماضي باعتباره أمرا إيجابيا أيضا بالنسبة لبقية الدول الأوروبية، مؤكدا الحاجة إلى حل أوروبي شامل والاستمرار في تقليص أفواج الهجرة والحد من التدفق الداخلي، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القمة الأوروبية الأخيرة بشأن تعزيز الحدود الأوروبية الخارجية.
كانت القمة الأوروبية الرسمية التي عقدت في يونيو الماضي قد خلصت إلى إقامة مراكز للاجئين في دول الاتحاد الأوروبي على أن يكون ذلك بشكل “طوعي”، وفقا لما ينص عليه الاتفاق الأوروبي. وستقرر مراكز اللاجئين على أراضي أوروبا “المهاجرين الذين ستتم إعادتهم إلى بلادهم” بعد دخول أوروبا عبر البحر المتوسط. كما اتفق زعماء أوروبا على أن تكون جهود إعادة توطين اللاجئين في أوروبا “طوعية” دون إلزام أي دولة من دول الاتحاد بالقيام بها.
وتم الاتفاق أيضا على البحث في إقامة “نقاط إنزال” للمهاجرين الذين تم إنقاذهم في البحر المتوسط في دول أخرى متطوعة خصوصا في شمال أفريقيا، غير أن القادة الأوربيين لم يحددوا تفاصيل تنفيذ هذه الأفكار بما في ذلك مراكز التعامل مع المهاجرين داخل الاتحاد الأوروبي، والمراكز المحتملة في شمال أفريقيا.
وكان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر قد اقترح الأسبوع الماضي في خطابه السنوي حول حالة الاتحاد عن خطط لتأسيس وكالة أوروبية للحدود وخفر السواحل قوامها 10 آلاف شخص لمواجهة أزمة الهجرة بصورة أفضل وفي حالة موافقة أعضاء الاتحاد الأوروبي سوف يزداد قوام الوكالة الأوروبية لمراقبة وحماية الحدود الخارجية “فرونتكس” من 1500 شخص إلى 10 آلاف شخص بحلول 2020 كما أنها سوف تتمتع بصلاحيات جيدة.
كما اقترحت الحكومة النمساوية في اجتماع في فيينا نهاية الشهر الماضي تعزيز الحدود للاتحاد الاوروبي بقوة عسكرية وهو ما أيدته إيطاليا، ورفضته الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسية والأمنية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني. غير أن وزير الدفاع النمساوي ماريو كوناسيك، الذي ينتمي إلى اليمين المتطرف، تجاهل تصريحات موغيريني وأعرب عن تفاؤله إزاء توافق القمة الاوروبية على اقتراحه بتعزيز الوجود العسكري الاوروبي على الحدود الخارجية للاتحاد.
وعلى الرغم من التراجع الكبير في أعداد المهاجرين الوافدين لأوروبا منذ بداية التدفق عامي 2015 و 2016، إلا أن هذه القضية لا تزال تثير توترا شديدا داخل الاتحاد الأوروبي لاسيما بعدما أغلقت إيطاليا موانئها أمام المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر، وأصرت على استقبال دول أوروبية أخرى لهم.
المصدر : وكالات