اعتمد البرلمان الفرنسي، يوم الاثنين الماضي، مشروع قانون يحظر على جيران المزارع الشكوى من أصوات وروائح الحيوانات.
ولطالما كانت “أصوات الريف” قضية متنازعا عليها في فرنسا، خصوصا بين أصحاب المنازل الجدد الذين ينتقلون إلى المنطقة من المدن وبين المزارعين.
وركزت الشكاوى -السنوات الأخيرة- على أصوات الغربان والديكة والدجاج الصاخبة، وأجراس الأبقار، والجرارات الزراعية، وضوضاء أجراس الكنيسة، بالإضافة إلى روائح الأبقار.
وعقب إقرار القانون من البرلمان قالت الوزيرة المنتدبة لدى وزارة الفلاحة والسيادة الغذائية أنييس بانييه رونشر -في منشور على منصة “إكس”- إن أولويتهم واضحة بأنه “يجب أن يعيش المزارعون من عملهم وأن يتمكن الفرنسيون من الحصول على الغذاء الصحي وأن نحافظ على سيادتنا فيما يتعلق بالطعام، وسنواصل النضال من أجل تحقيق هذه الأهداف”.
وفي منشور آخر، قالت الوزيرة “القانون يدعم ويحمي المزارعين الذين تمت مهاجمتهم أثناء ممارسة أنشطتهم. العيش في الريف يعني قبول العيش بالقرب من المزارعين الذين يعملون بلا كلل لإطعامنا”.
وبحسب وزير العدل إريك دوبوند موريتي، فإن البرلمان اعتمد قانونا جديدا يحدد “ملامح هذا التعايش السيئ السمعة، الذي يحترم الجميع. الأنشطة التي كانت موجودة قبل انتقال صاحب الشكوى لا يمكن تصنيفها على أنها اضطرابات غير طبيعية في الحي”.
وقد تمت الموافقة على مشروع القانون -الذي يعتمد على قانون سابق يضع مبدأ أن “أصوات وروائح” الريف جزء من تراث الأمة- بأغلبية 46 صوتًا مقابل 7 أصوات.
وفي وقت سابق، قال موريتي إن القانون سيحرر المحاكم من “القضايا غير المجدية” المتعلقة بالمزارعين الذين يقومون فقط بعملهم.
وأوضح أن القانون لا يركز فقط على الأنشطة الريفية أو المزارع، بل ينطبق على جميع أنواع الاضطرابات، بما في ذلك تلك الموجودة في المدن.
وتابع “أفكر، مثلا، في مطعم البيتزا الموجود بالطابق الأرضي، والذي يصدر بالتأكيد روائح وضوضاء، ولكنه كان موجودًا قبل أن تنتقل للسكن في الطابق الأول. لا يمكن للجار أن يشتكي من التلوث الضوضائي الذي كان موجودا قبل انتقاله إلى السكن”.
وخص الوزير بالذكر الباريسيين الذين ينتقلون إلى المناطق الريفية ويهددون باتخاذ إجراءات قانونية عندما يمنعهم ديك الجيران أو جرار عابر من النوم قائلا “الشخص الذي يريد إعادة تشكيل الريف وفقا لعقليته الحضرية لا ينبغي أن يأتي ويزعجك بدعاوى زائفة عندما تستيقظ مبكرا”.
وقالت نيكول لو بيه، عضو البرلمان عن منطقة موربيهان، والتي كانت أول من اقترح مشروع القانون “هذا ليس شيكا على بياض لجميع اضطرابات الحي، ولكنه إجراء منطقي”.
وأوضح القانون أيضا أن المزارعين -أو أي مشغل محلي- لهم الحق في تغيير طريقة إنتاجهم نتيجة للتشريعات أو المعايير أو العمليات الجديدة التي يمكن أن تسبب ضجيجا أو إزعاجا إضافيا، حتى بعد ادعاء الشخص أنه “تعرض للأذى”.
على سبيل المثال “عندما يضطر مربو الدجاج إلى التحول من تربية الدجاج بالبطارية إلى الزراعة في الهواء الطلق، يجب أن يتغير النشاط بشكل كبير ولكن لن يعتبر بمثابة إزعاج” كما قالت النائبة فرانسواز جاتيل التي طرحت هذا النص.
وكان من بين منتقدي مشروع القانون بعض أعضاء البرلمان من حزب الخضر الذين قالوا إنهم يخشون أن يعني ذلك أن الناس “سيضطرون إلى العيش في بيئة ضارة لا تحترم صحتهم ولا توازنهم البيئي” لمجرد أن مصدر الإزعاج كان موجودًا من قبل.
وقال عضو برلماني آخر، وهو النائب الاشتراكي جيرار ليسول، إن القانون مجرد أوراق إضافية، ولا يفعل “أكثر من إدخال مبادئ تم وضعها وتطبيقها بالفعل في نصوصنا”.
وشعر سكان الريف بالحاجة إلى التصدي للشكاوى خلال السنوات الأخيرة حيث نجح عمدة مدينة جيروند، عام 2019، في الدعوة إلى إدراج أصوات الريف كجزء من “التراث الثقافي” في فرنسا، في حين قام عمدة مدينة جارد وآخر في منطقة الراين الأعلى بتثبيت لافتات عند مداخل قراهم الريفية.
وحذرت اللافتات السائحين من “الدخول على مسؤوليتهم الخاصة” بسبب أصوات أجراس الكنائس، وصياح الديوك، وأجراس الأبقار، والجرارات الزراعية.
في العام نفسه، أصدر عمدة في هوت سافوا مرسوما يسمح قانونا بصخب الديوك في قريته بعد أن أُمر أحد سكان البلدة (دانييل بوكيس) بدفع 4 آلاف يورو بعد أن رفع جيرانه إلى المحكمة شكواهم بسبب “الصوت الصاخب للغاية” لـ “صياح ديكيه”.
وهذه ليست المرة الأولى التي يحاول فيها السياسيون حل هذه المشكلة، حيث عدل قانون صدر عام 2021 قانون البيئة بحيث تعتبر “الأصوات والروائح” جزءا من التراث الطبيعي لفرنسا.
وكانت الفكرة هي السماح للقضاة بأخذ ذلك في الاعتبار عند الحكم في المحاكمات المتعلقة بمشاكل أي إزعاج يسببه الجيران.
ومع ذلك، تقول السلطات الإقليمية إنها وجدت صعوبة في التنفيذ، حيث لم يتم تقديم مبادئ توجيهية واضحة حول كيفية تجميع القائمة.
وعام 2020، أنشأت المحافظة وغرفة التوثيق في مقاطعة موربيهان بندًا يتم إدراجه في أي وقت يتم فيه بيع عقار، وينص على أن الأمر متروك للمشتري للتحقق من أي “أنشطة، مهنية أو غير ذلك، تحدث في المنطقة المجاورة والتي يمكن اعتبارها مصدر إزعاج”.
في ذلك الوقت، قال المحافظ إنهم تلقوا ما بين 5 و10 رسائل أسبوعيا، يشكون فيها من كل شيء، بدءا من ضجيج طيور النورس وحتى صوت اصطدام أغطية القوارب الشراعية بالصواري في مهب الريح.
فى عام 2017، وقع عشرات من أصحاب المنازل الثانية في قرية لو بيوت في جبال الألب، بما في ذلك العديد من البريطانيين، على عريضة تشكو من ضجيج أجراس الأبقار، لكن المجلس المحلي قرر أن التقليد يمكن أن يستمر.
وعام 2018، كشف عمدة لو بوسيت (فار) جنوب البلاد عن تلقيه شكاوى من سياح بشأن أصوات الأزيز المزعجة، وسألوا عن رش الأشجار بالمبيدات الحشرية.
وقضت محكمة عام 2019 بأن موريس، أشهر ديك صغير في فرنسا، يمكنه الاستمرار في الصياح، الأمر الذي أثار انزعاج أصحاب المنزل الثاني في إيل دوليرون الذين اتهموه بإيقاظهم في الصباح الباكر.
المصدر : وكالات