صادق الكنيست الإسرائيلي على ما يسمى بـ”قانون التسوية”، الذي يتيح سلب الأراضي الفلسطينية لصالح إقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية، ما يعتبر خرقًا للقانون الدولي.
ويحمل سن القانون توجهات سياسة عديدة، منها ضرب الرأي العام العالمي عرض الحائط، خاصة أن سنه جاء بعد تبني مجلس الأمن مشروع قرار يجرم الاستيطان، وبعد أن أدان مؤتمر باريس توسيع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
وقد أصبح هذا القانون نافذا بعد التصويت عليه في القراءتين الثانية والثالثة النهائية بأغلبية 60 عضوا داخل الكنيست ومعارضة 52.
وطرح القانون بمبادرة من أعضاء الكنيست من اليمين الإسرائيلي من حزبي البيت اليهودي والليكود الذي يقود الائتلاف الحكومي، وهم يحاولون من خلاله الالتفاف على قرارات المحكمة العليا الإسرائيلية بإخلاء البؤر الاستيطانية غير الشرعية التي بنيت على أراضٍ فلسطينية خاصة.
ويشكل القانون خطوة في اتجاه ضم أجزاء من الضفة الغربية، وهو ما يدعو إليه وزراء في الحكومة الإسرائيلية علنا، مثل وزير التعليم نفتالي بينيت زعيم حزب البيت اليهودي المؤيد للاستيطان والمعارض لإقامة دولة فلسطينية.
وينص القانون على أنه يحق للدولة (سلطات الاحتلال) مصادرة حق استخدام أرض فلسطينية خاصة من أصحابها وليس الملكية عليها، مما يعني مصادرة أراضٍ فلسطينية خاصة (مملوكة لأشخاص) لغرض الاستيطان.
يتم تطبيق القانون فقط في البؤر الاستيطانية التي كانت للحكومة الإسرائيلية يد في إقامتها، مثل بؤرة “عمونا”، وعدم تجريم المستوطنين بالاستيلاء على أرض خاصة “إنما قاموا بذلك عن نية حسنة”. أي أنه يَمنع المحاكم الإسرائيلية من اتخاذ أي قرارات بتفكيك تلك المستوطنات.
نص القانون الإسرائيلي على “تعويض مالي كبير” للفلسطينيين الذين يثبتون ملكيتهم على الأرض المقامة عليها منازل مستوطنين.
يضفي القانون، بعد إقراره بشكل نهائي، الشرعية على 16 تجمعا استيطانيا في الضفة أقيمت على أراض بملكية فلسطينية خاصة، ومنح الشرعية لنحو أربعة آلاف وحدة استيطانية، وفق القانون الإسرائيلي.
يوقف القانون بالتالي هدم بؤرة “عمونا” الاستيطانية العشوائية التي يقيم فيها بين 200 و300 مستوطن وتقع شمال شرق رام الله، وهي مستوطنة غير قانونية ليس فقط بموجب القانون الدولي، بل أيضا وفق القانون الإسرائيلي.
وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية، إنها تتابع باهتمام بالغ ردود الفعل الإقليمية والدولية على إقرار الكنيست لما يسمى “قانون التسوية”، الذى يتيح شرعنة آلاف الوحدات الاستيطانية التى أقيمت على أراضٍ فلسطينية خاصة، وسرقة المزيد من الأرض الفلسطينية.
وأضافت الوزارة أنها إذ ترحب بالإدانات الدولية الواسعة التى تعكس ضجر المجتمع الدولى من حالة التمرد الإسرائيلى المتواصلة على القانون الدولي، واستخفافها بإرادة السلام الدولية، وتعبر عن عزلة إسرائيل كقوة احتلال، وتجسد فى ذات الوقت الإجماع الدولى على رفض الاستيطان وإدانته بأشد العبارات بصفته العقبة الرئيسية أمام تحقيق السلام على أساس حل الدولتين، إلا أنها ترى أن مجمل ردود الفعل الدولية لا ترتقى إلى مستوى وخطورة تلك الجريمة، ولا تعدو كونها تكرارًا لصيغ الإدانة الشكلية وعبارات الاستنكار والقلق والتخوف والرفض، التى لا تتضمن توجها حقيقيًا نحو مساءلة الاحتلال ومحاسبته.
وأشارت الخارجية إلى حالة الصمت غير المبرر التى تلف مواقف بعض الدول حتى الآن، وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما يثير العديد من التساؤلات بشأن موقفها من الاستيطان ودعم عملية السلام، وحرصها على القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية.
وأكدت الوزارة أن “دولة الاحتلال باتت تتعايش مع جميع صيغ الإدانة للاستيطان، ما دامت تلك الصيغ لا تتضمن عقوبات حقيقية عليها، ولا تلقى بظلالها على العلاقات الثنائية بين تلك الدول وإسرائيل، كما أن دولة الاحتلال تفسر تلك الردود والإدانات الشكلية على أنها تشجيع لها لمواصلة انتهاكاتها الجسيمة للقانون الدولي، عبر تصعيد عملياتها الاستيطانية الهادفة إلى إغلاق الباب نهائيا أمام قيام دولة فلسطينية الى جانب دولة إسرائيل”.
وأضافت الوزارة، فى بيانها، “أن انتهاكًا جسيمًا بحجم هذا التشريع الاستعمارى يستدعى عقد جلسة عاجلة وخاصة لمجلس الأمن، لاتخاذ الإجراءات والقرارات الملزمة والكفيلة بوضع حد لتغول إسرائيل الاستيطانى وتمردها على قرارات الشرعية الدولية، وفى مقدمة ذلك اعتماد الآليات الدولية الملزمة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2334، ودعم التوجه الفلسطينى لمحاكمة إسرائيل كقوة احتلال، أمام المحاكم الدولية المختصة”.
أما “منظمة التحرير” رأت في بيان أن قانون «شرعنة الاستيطان» الجديد يبرهن عن «إرادة الحكومة الإسرائيلية في تدمير أي فرصة للتوصل إلى حل سياسي»، مشددة على أن «الاستيطان الإسرائيلي يقوض فرص السلام وخيار الدولتين».
بدورها، أكدت الرئاسة الفلسطينية أن هذا القانون «مرفوض ومدان»، ويتعارض مع القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي في 23 ديسمبر ويطالب فيه الدولة العبرية بوقف الاستيطان.
وقال المتحدث باسم الرئاسة، نبيل أبو ردينه، إن القانون، الذي أقره الكنيست بأغلبية 60 نائباً مقابل 52 صوتاً معارضاً بعد إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإدارة الأميركية بهذه الخطوة، «مرفوض ومدان ومخالف لقرار مجلس الأمن الدولي 2334»، مطالباً المجتمع الدولي بـ«تحمل مسؤولياته قبل أن تصل الأمور إلى مرحلة يصعب السيطرة عليها».
من جانبٍ آخر، رفضت حركة «حماس» إقرار قانون «شرعنة الاستيطان»، واعتبرته «إرهاباً منظماً وعربدة صهيونية، واستمراراً للعدوان الإسرائيلي السافر على حق الشعب الفلسطيني في أرضه».
ورأت «حماس» على لسان المتحدث باسمها عبداللطيف القانوع، أن القانون «محاولة لفرض أمر واقع وتغيير ديموغرافي خطير لترسيخ أركان الدولة اليهودية العنصرية المتطرفة، وضرب بعرض الحائط لكل القوانين والقرارات الدولية التي جرمت الاستيطان وأكدت على عدم شرعيته». ودعت «كل مكونات شعبنا وفصائله ومستوياته المختلفة إلى الإسراع في اتخاذ خطوات فورية وعملية وعاجلة لمواجهة هذا التغول الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية، وبشتى الطرق، وخلق حالة وطنية شعبية فلسطينية موحدة مقاومة تتحدى هذا المحتل ولا تسمح له بتمرير أي من مخططاته وتكسر كل معادلاته».
كذلك، اتهم الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، سلطات الاحتلال بـ«سرقة أراضي» الفلسطينيين تحت غطاء قانون مثير للجدل، رأى أنه «حلقة في سلسلة متواصلة من السياسات الإسرائيلية التي ترمي إلى تدمير أية إمكانية لتطبيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة».
وفي موازاة ذلك، دان الأردن على لسان وزير الدولية لشؤون الإعلام والناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني، «هذه الخطوة الاستفزازية» التي ستقضي على «أي أمل بحل الدولتين وإحلال السلام».
وفي الإطار نفسه، توالت الانتقادات الدولية للقانون الجديد، الذي اعتبر مسؤول في الأمم المتحدة أنه «سيقلل إلى حد كبير فرص السلام في المنطقة».
فقد دانت وزارة الخارجية التركية، اليوم، بشدة مصادقة الكنيست الإسرائيلي على القانون، وشددت في بيان على رفض سياسة الاستيطان غير الشرعية التي تواصلها سلطات الاحتلال «بتعنت» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رغم قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334، الذي أكد بأنها تقوّض أرضية «حل الدولتين».
أما الولايات المتحدة، فرفضت التعليق على إجراء الكنيست، وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية إن «الإدارة بحاجة إلى فرصة للتشاور مع جميع الأطراف بشأن الطريق الواجب سلوكها للمضي قدماً». وبحسب المسؤول الذي رفض ذكر اسمه، فإن المؤشرات في الوقت الراهن تدل على أنه «من المرجح أن يعاد النظر في هذا التشريع من المحاكم الإسرائيلية ذات الصلة»، لافتاً إلى أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب «ستمتنع عن التعليق على التشريع إلى أن تصدر المحكمة ذات الصلة حكمها».
يذكر أن القانون، الذي ستُطبق سلطات الاحتلال من خلاله – لأول مرة – قانونها المدني في الضفة المحتلة ليس فقط على الأفراد وإنما على أراضٍ معترف بها أنها فلسطينية، تم إقراره أمس في قراءة ثالثة ونهائية بأغلبية 60 نائباً من أصل 120 نائباً يتألف منهم الكنيست.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أن مجلس الأمن الدولي، اعتمد في 23 ديسمبر الماضي، قراراً يدعو الاحتلال الإسرائيلي إلى الوقف الفوري والكامل لأنشطته الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وعلى صعيد آخر التمس 17 مجلسًا محليًا فلسطينيًا (15 مجلسًا قرويًا وبلديّتين) وثلاث منظّمات حقوق إنسان فلسطينيّة (مركز عدالة ومركز القدس للمساعدة القانونية ومركز الميزان لحقوق الإنسان في غزة) إلى المحكمة الإسرائيليّة العليا، أمس الأربعاء، مطالبين بإلغاء “قانون التسوية” (قانون تسوية الاستيطان في يهودا والسامرة، 2017)، باعتباره مناقض للقانون الدوليّ الإنسانيّ ولكونه غير دستوريّ.
قدّم الالتماس كل من مركز عدالة ومركز القدس لحقوق الإنسان والمساعدة القانونية ومركز الميزان لحقوق الإنسان- غزة.
وجاء في الالتماس الذي قدّمته المحاميّتان سهاد بشارة وميسانة موراني والمحامي سليمان شاهين كموكلين عن المؤسسات الثلاث والمجالس المحلية أن “القانون يشكّل انتهاكًا جسيمًا لحقّ السكّان الفلسطينيين في الضفّة الغربيّة في الملكيّة: يُهدر هذا القانون الحقوق الأساسيّة للفلسطينيين في الضفّة الغربيّة ويتركهم دون أي حماية قانونيّة، إذ يمكّن القانون من سلب الأملاك الخاصّة لصالح المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربيّة على أساس رؤية إيديولوجيّة- إثنية. إن الهدف المعلن والواضح للقانون من شأنه أن يفضّل مصالح مجموعة من البشر مقابل أخرى على أساس إثنيّ ويؤدّي إلى سلب أراضي الفلسطينيين، لا يترك أي مجال للشك في أن هذا القانون يقع ضمن ما يُعرّف بالجرائم المحظورة”.
أما فيما يتعلّق بصلاحيّة القانون فجاء في الالتماس أن القانون لا يمكنه أن يسري على الضفّة الغربيّة لأنه يعطّل أعراف القانون الدوليّ: “القانون المطروح يلغي بشكل تام الحماية التي يكفلها القانون الدوليّ الإنسانيّ للحق في الملكيّة، من خلال عرفٍ تشريعيّ إسرائيليّ يمس بحقوق السكّان المحميّين في المناطق المحتلّة. كما أن القانون الدوليّ الإنسانيّ يمنع دولة إسرائيل، كقوة احتلال، من أن تستغل الأراضي المحتلّة لأغراض سياسيّة ولحاجات سكّانها، بما ذلك بناء المستوطنات”. ويضعه في إطار الانتهاكات الجسيمة (جرائم حرب).
وجاء في الالتماس أن “القانون ينتهك الحق في الكرامة للفلسطينيين من سكّان الضفّة الغربيّة حيث أنه لا يؤدي إلى المس بالحق في الملكيّة الفرديّة للفلسطينيّين فقط، إنما هو يستهدف حقّهم في الكرامة الإنسانية من خلال وضع مصالح إسرائيل الاستيطانيّة غير الشرعيّة فوق حقوق الفلسطينيّين، ويجري، بناءً على ذلك، سلب أملاكهم”.
وأرفق الملتمسون بالتماسهم صورًا جويّة للمستوطنات التي بُنيت على أراضي المجالس القرويّة والبلديّات الفلسطينيّة، مؤكدين على أن المبادرين إلى طرح مشروع القانون حددوا سلفًا قائمة بالمستوطنات المستفيدة التي ستُصادر لصالحها الأراضي الفلسطينيّة الخاصّة: “هناك قائمة أوليّة للمستوطنات التي يعرف المبادرون للقانون بأنها مبنيّة على أراض فلسطينيّة خاصّة، وأن أصحابها يطالبون باستعادة حقوقهم على هذه الأراضي.
على ضوء ذلك، طالب الملتمسون المحكمة العليا بإلغاء “قانون التسوية”.
كما توالت الانتقادات من جانب اعضاء الكنيست حيث قال عضو الكنيست عن التجمع الوطني الديقراطي والقائمة المشتركة، د. باسل غطاس،إن ‘إقرار قانون شرعنة الاستيطان يعتبر بداية ضم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 للسيادة الإسرائيلية وإقرار واضح وصريح بدفن أي احتمال لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة حتى بشروط الحد الأدنى الإسرائيلية’.
واعتبر غطاس القرار ‘فضح تام لمناورات نتنياهو التي استخدمها لسنوات فيما أسميناه سياسة إدارة الصراع. وهو دليل أن اليمين الإسرائيلي المنفرد بالحكم لوحده منذ عام 2015 قرر تطبيق سياسة أرض إسرائيل الكاملة التاريخية، بالارتكاز على قراءة إسرائيلية جديدة ترى أن الظروف الإقليمية والدولية مواتية لتقوم بحسم الصراع بدل إدارته. إسرائيل التي لا تدفع أي ثمن لاحتلالها ولقمع الشعب الفلسطيني وحرمانه من حقه في تقرير المصير لن تتغير بدون تعرضها دوليا لإجراءات عقابية ومقاطعة اقتصادية’.
واعتبر رئيس كتلة القائمة المشتركة في الكنيست، مسعود غنايم،أن ‘قانون التسوية هو إغلاق الباب بشكل نهائي على أي حل من خلال المفاوضات وخاصة حل الدولتين، لأن القانون فيه شرعنة للمشروع الاستيطاني ومرحلة أولى نحو ضم الأراضي المحتلة وتحويلها إلى جزء من دولة إسرائيل، رسالة القانون للعالم هي أن إسرائيل تستهتر بكل القرارات الدولية ولا تقيم وزنا لدول العالم التي تعتبر الاستيطان مشروع غير شرعي وغير قانوني’.
وأكد المدير الأكاديمي لمركز ‘مدى الكرمل، د. مهند مصطفى، أن ‘هذا القانون ينسجم مع أيديولوجية اليمين الإسرائيلي، وخاصةً اليمين الاستيطاني، هذا القانون جزء من تصورات اليمين لضم مناطق الضفة الغربية، وبالذات مناطق سي’.
ورأى أن ‘القانون ينسجم مع البرنامج السياسي لحزب ‘البيت اليهودي’، والذي يقترح فيه ضم مناطق ‘سي’ إلى السيادة الإسرائيلية، وإبقاء حال السلطة الفلسطينية كما هي، كحل نهائي للفلسطينيين’.
ولفت إلى أنه ‘قبل هذا القانون، اتخذ اليمين سلسلة خطوات نحو ما يمكن تسميته ‘الضم الزاحف’ على أرض الواقع، دون أن يعطيه صبغة قانونية، إذ كانت هنالك ممارسات سابقة لضم مناطق ‘سي’ إلى إسرائيل بشكلٍ واقعي’.
وعلى صعيد الصحف العربية فقد أدان عدد من الكُتاب في الصحف العربية قانوناً إسرائيلياً مثيراً للجدل يبيح للسلطات الإسرائيلية مصادرة أراضي الفلسطينيين إذا رأت أن المستوطنين أقاموا مستوطناتهم فوق هذه الأراضي بحسن نية أو إذا سمحت لهم الدولة بذلك.
كما يخول القانون وزارة العدل صلاحية أن تضيف في أي وقت مستوطنات جديدة إلى المستوطنات القائمة.
وصفت الأهرام المصرية في افتتاحيتها القانون الإسرائيلي بأنه يهدف إلى “سرقة أراضي فلسطين”.
تقول الأهرام إن “القانون الجديد جاء ليزيد من الاقتناع بأن إسرائيل لا ترغب في السلام ولا في السعي نحو إقرار حل الدولتين. إن الحكومة الإسرائيلية بمقتضى هذا القانون سيكون بإمكانها الاستمرار في نهب ما تبقى من الأراضي الفلسطينية”.
وتتساءل الجريدة “هل من شأن سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية أن يهدئ الأمور ويساعد على إقرار السلام. أم على العكس سيزيد حدة الغضب والعنف؟ على قادة إسرائيل الإجابة قبل فوات الأوان”.
على المنوال ذاته، تقول الراية القطرية في افتتاحيتها إن “مصادقة الكنيست الإسرائيلي على قانون التسوية تعكس سياسة دولة الاحتلال التوسعية المتمثلة بابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية وإضفاء الشرعية على بؤرها الاستيطانية التي تمثل ورماً سرطانياً قاتلاً لإقامة الدولة الفلسطينية”.
وتضيف الجريدة أن “ما تقوم به إسرائيل من جرائم بحق الفلسطينيين يشكل انتهاكا فاضحا للقانون الإنساني. الأمر يتطلب من المجتمع الدولي وبالأخص مجلس الأمن اتخاذ خطوات فورية توقف هذا العبث الإسرائيلي بأمن واستقرار المنطقة”.
بدوره، قال مفتاح شعيب في الخليج الإماراتية إن هذا “الاستخفاف يعتبر وقاحة ما بعدها وقاحة، وكشفاً مسبقاً عن نوايا مبيتة للانقضاض على ما تبقى من مقومات للشعب الفلسطيني خصوصاً في الضفة الغربية والقدس. لن يختلف تبييض الاستيطان عن تبييض الإرهاب… فمن يمارس الإرهاب بأبشع صوره، ها هو يسعى إلى رصف كل أراضي الضفة الغربية بالمستوطنات حتى لا يبقى فيها شبر لفلسطيني”.
وفي مقال بعنوان “جنون الاستيطان ينفلت من عقاله”، قال عبد الله الأيوبي في أخبار الخليج البحرينية إن “إسرائيل التي تتلاعب بالجهود الدولية الهادفة إلى التوصل على سلام يؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة فوق أرض الضفة الغربية وقطاع غزة، هي في حقيقة الأمر لا تؤمن بهذا الحل على الإطلاق، فالمسئولون الصهاينة، وعلى رأسهم المتربعون على سدة القيادة في الكيان الصهيوني في الوقت الراهن، يعتبرون الضفة الغربية المحتلة جزءا لا يتجزأ من الوطن الموعود”.
ويضيف الكاتب أن “ليس أمام الشعب الفلسطيني سوى مواصلة النضال بكل الوسائل، فالطريق وعر وشائك، لكنه السبيل الوحيد لبلوغ الأهداف الوطنية”.
أما ياسر الزعاترة فيرى أن “الدلالة الأبرز لهذا القانون تتمثل فيما تعكسه من مساعي اليمين لاستثمار زمن ترامب من أجل مزيد من الاستيطان والتهويد، والذي يرى كثير من رموزه أن ترامب هو هدية الله للكيان، وأن في زمنه سيتحقق الكثير مما لم يتحقق من قبل”.
يقول الزعاترة إن “الأمل هو انتفاضة فتحاوية تعيد الحركة إلى ذاتها كحركة تحرر، وتوحّدها مع كل الفصائل في ميدان المقاومة. ولما كان ذلك مستبعدا مع الأسف، فسيظل الأمل معقودا على تصعيد الشعب لانتفاضته وجرّ فتح إليها. أما القيادة، فإما أن تنسجم مع شعبها، أو تتركه وشأنه”.
من جهته، قال موفق مطر في الحياة الجديدة الفلسطينية إنه “لا جديد في هذا القانون سوى أن العدائية والعنصرية للإنسانية لم تعد مجرد دافع لوزير او رئيس حزب او حاخام او جنرال او زعيم عصابة مستوطنين في نظرتهم الى الشعب الفلسطيني، وانما اصبحت قانونا يحكم سياسة دولة الاحتلال والاستيطان والتمييز العنصري”.
اما صحيفة معاريف الإسرائيلية إن “قانون التسوية” الذي أقره الكنيست حول مصادرة أراضي الفلسطينيين هو قانون للجريمة المنظمة، لأن من وصفتهم بالمجرمين نجحوا في إقناع أعضاء الكنيست بتمرير القانون لشرعنة عمليات سرقة الأراضي التي سيطروا عليها، وطرد أهلها الشرعيين منها.
وأضافت الصحيفة في مقال كتبه الخبير الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان أنه خلال العقدين الماضيين استغل المستوطنون ضعف الحكومات الإسرائيلية وخوفها، وأقاموا تجمعات استيطانية على أراض خاصة للفلسطينيين، واليوم يزعمون أنها باتت من حقهم وملكا لهم.
وأوضح ميلمان-وهو وثيق الصلة بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية- أن “الجهة التي بادرت إلى طرح هذا القانون هي حزب البيت اليهودي، الذي يضم ساسة متطرفين، مثل نفتالي بينيت وزير التعليم، وآيليت شاكيد وزيرة القضاء، وأوري أريئيل وزير الزراعة”.
ورغم أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع أفيغدور ليبرمان أعلنا أنهما يعارضان القانون فقد صوتا تأييدا له، وهما يعلمان أنه خطوة واضحة لدفع إسرائيل باتجاه الهاوية بسبب عدم احترامها للقانون الدولي، وفق الكاتب.
وختم بالقول إنه رغم أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعارض القانون وترفض توسيع المستوطنات، لم يمنع ذلك نتنياهو وليبرمان من الخضوع لليمين، واستجدائه للحصول على المزيد من أصوات ناخبيه.
من جهته قال شلومو شمير الكاتب في صحيفة معاريف إن “قانون التسوية” من شأنه المس بموقع نتنياهو على الساحة الأوروبية، في ظل صدور ردود فعل أوروبية غاضبة على القانون، باعتباره إعلان حرب، و”لعل نتنياهو لم يتوقع كل هذه الضجة من الجانب الأوروبي”.
وأضاف أن نتنياهو سوف يكتشف في طريقه للقاء ترمب أن الأخير لا يحب الساسة الذين ينقادون من الآخرين، في إشارة إلى استجابة نتنياهو لضغوط اليمين الإسرائيلي في إقرار قانون التسوية.
وأشار إلى أن السؤال الذي يجب أن يطرحه نتنياهو على نفسه، كيف سيمتلك القدرة على طرح الموضوع النووي الإيراني على الدول الأوروبية، في الوقت التي تصدر فيه عواصمها تصريحات غاضبة على السياسة الإسرائيلية بسبب قانون التسوية، ومن أين سيحصل نتنياهو بعد اليوم على الدعم والمساعدة في جهوده الدولية؟.
المصدر:وكالات