اجتمع أكثر من 120 من قادة العالم، في جلاسكو في قمة تمثل “الأمل الأخير والأفضل” للتعامل مع أزمة المناخ وتجنب وقوع كارثة بيئية وشيكة.
ودعا زعماء العديد من الدول المتقدمة، إلى اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة ظاهرة التغير المناخي.
وفي كلمته الافتتاحية، دعا رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلى بذل أقصى الجهود من أجل الحفاظ على كوكب الأرض.
وقال:” إننا نجتمع اليوم والساعة البيئية تدق إيذانا بانتهاء كوكب الأرض إن لم نبذل قصارى جهدنا للحفاظ عليه، كل لحظة تدق الساعة قائلة لنا إن حياتنا دقائق وثواني وعلينا أن نستغلها وعلينا أن نعمل خلالها للحفاظ على كوكب الأرض”.
ونبه إلى أن أن كوكب الأرض أصبح تحيط به سحابة كثيفة من الملوثات، ولم يصنعها سوى الإنسان وبالتالي فإن علينا ألا نتجاهل مطلب خفض معدل الاحترار بمقدار درجتين .
وأوضح أنه يمكن أن نضيف إلى هدفنا هذا أهداف أخرى مثل مواجهة الأعاصير ومواجهة الفيضانات، وقال ” إن لم نفعل هذا فاننا سنقول وداعا لمدن بأكملها “.
واستطرد قائلا ” إن الساعة تدق قائلة للجنس البشري تحركوا وإلا فإن الأمور إلى انتهاء، وسيكون الوقت متأخرا للغاية ولن نستطيع أن ننقذ أجيالنا القادمة”.
وأكد أنه يجب علينا الآن اتخاذ إجراء حقيقي يلتزم به الجميع هنا في جلاسكو في اسكتلندا ، وقال إنه ” لدينا التكنولوجيا التي تمكنا من هذا وبالطبع لا نستطيع أن نقول أنه يمكننا القضاء على كل تلك المشكلات دفعة واحدة . فقد انتهى آوان ذلك ولكن نستطيع أن نعالج تلك التحديات واحدة تلو الأخرى”.
وشدد جونسون، على ضرورة إيقاف محطات توليد الطاقة التي تعمل بالفحم؛ وذلك لأنه يعد أكبر ملوث للبيئة بانبعاثات الكربون، والكثير من الغابات أصبحت في حكم المقضي عليها بفعل التلوث، وطالب بزراعة الكثير من الغابات بدلا من التي تم اقتطاعها لأنها السبيل الوحيد للحفاظ على البيئة حيث أنها تبث الأكسجين وتستنشق بدلا منه ثاني أكسيد الكربون.
وطالب بالكف عن استخدام كل الآلات التي تعمل بالفحم، لافتا إلى أنه “منذ عقود طويلة أخرجنا من القمة تلك القطارات التي تعمل بالبخار والتي كانت تنفث سموم الكربون في الهواء، وأن المشتركين والمجتمعين في باريس منذ 6 سنوات تعهدوا بتخصيص مبلغ 100 مليون دولار أمريكي عام 2020 ونأمل أن يلتزم الجميع بما تعهدوا به”.
وتابع قائلا: “علينا أن نعمل مع كافة البنوك والجهات المانحة متعددة الأطراف، ونحدد سويا المشروعات التي تمكننا من نزع فتيل هذه المخاطر التي تحدق بنا وأصبحت خطرا داهما يقابلنا، وعلينا أن نجد التمويل باستخدام هذه التكنولوجيا”.
وأضاف رئيس الوزراء البريطاني أنه تم وضع استراتيجية للقضاء على هذه المخاطر بحلول 2030 وربما 2060، مؤكدا أن العالم في نقطة فارقة سيتذكرها التاريخ، نقطة فارقة تاريخية على الجميع أن يحسن استغلالها وأن يحسن استغلال الموارد المتاحة وأن يعمل على تضافر الجهود للقضاء على هذه الملوثات.
من ناحيته، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن في كلمته بالمؤتمر إن الولايات المتحدة تعتزم الوصول إلى “صافي انبعاثات كربونية صفرية” بحلول عام 2050 على أبعد تقدير.
واعتبر الرئيس الأمريكي أن اتخاذ إجراءات ضد التغير المناخي “واجب أخلاقي واقتصادي”، مؤكدا أن ارتفاع أسعار الطاقة يعزز أهمية تنويع مصادر الطاقة.
وأشار بايدن إلى أنه ليس بمقدور أحد أن يفلت من الأسوأ الذي سيأتي، إذا فشلنا في اقتناص هذه الفرصة، مضيفًا أن هناك فرصة عظيمة في خضم هذه الكارثة.
وشدد بايدن، على أن الارتفاع في أسعار الطاقة يعزز الحاجة الملحة لتنويع المصادر، والرهان بشكل أكبر على الطاقة النظيفة، وتبني تكنولوجيات نظيفة جديدة.
وأوضح أن الولايات المتحدة ستخفض الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري بمقدار جيجا طن بحلول عام 2030، مضيفًا أن بلاده ستصل إلى هدفها من أجل خفض الانبعاثات الأمريكية بنسبة تصل من 50% إلى 52% وفقًا لمستويات 2005 بحلول عام 2030.
وأكد بايدن أن الولايات المتحدة ترغب في مساعدة الدول النامية في تسريع الانتقال إلى الطاقة النظيفة، موضحًا أن هناك التزامًا لتقديم المساعدة.
بدوره، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى زيادة “الطموح والتضامن والثقة لمحاربة تغير المناخ”، مشددا على ضرورة “تنسيق جداول الأعمال المتعلقة بالمناخ والتنوع البيولوجي والمحيطات”.
وأكد الرئيس الفرنسي، ضرورة تشجيع الدول على التخلي عن اعتماد مصادر الطاقة التقليدية، موضحا أن بلاده نجحت خلال السنوات الست الماضية في إبقاء المجتمع الدولي موحدًا في مواجهة تغير المناخ، وأن هدف القمة هو الوصول إلى 1.5 درجات من الانبعاثات حتى نهاية القرن.
وأشار إلى أن هناك جهودًا كبيرة تم الإعلان عنها لتقليل الفارق للوصول لهذا الهدف إلى 1.5 درجات من الانبعاثات، لافتًا إلى أن قمة “كوب 26” هدفها استكمال ما بدأ منذ 6 سنوات في باريس.
وشدد ماكرون، على ضرورة أن تعتمد الدول الاستراتيجية لتقليل الانبعاثات إلى 1.5 درجات كأقصى حد، مشيرًا إلى أن فرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي متمسكة بتعهداتها تجاه تقليل الانبعاثات لمواجهة تغير المناخ.
وأشار ماكرون إلى أن ضرورة دفع 100 مليار دولار لمواجهة التغير المناخي من 2020 إلى 2025، مضيفًا أن الاتحاد الأوروبي سيدفع 25 مليار دولار كل عام، وفرنسا تدفع أكثر من 7 مليار دولار كل عام.
وناشد جميع الدول الإسراع في التمويل ودفع التزاماتها لنتمكن من حماية الأرض من التغير المناخي والوفاء باتفاق باريس، مشيرًا إلى ضرورة مساعدة جنوب أفريقيا على تخفيض استخدامها للفحم.
هذا وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، إن الهدف الأول لبلاده هو تقليل الانبعاثات الكربونية، وأن يتم تبني نموذج مختلف من أجل تحقيق الهدف المنشود لتقليص الانبعاثات.
وأكد سانشيز ضرورة استبدال الطاقة التقليدية بطاقة نظيفة، وأن يكون هناك ممارسات حضارية مختلفة عن الحالية، فضلاً عن ضرورة التوقف شيئًا فشيء عن استخدام الوقود.
وأشار إلى أن هناك الكثير من الخطط لتمكين الانتقال في الطاقة وخلق فرص اقتصادية ووظيفية لمجتمعاتنا، مبينًا أن هذا لا يقتصر فقط على إسبانيا وإنما على عدد من الدول.
وتابع: “نحن في إسبانيا نحاول إشراك القطاع الحكومي والقطاع الخاص في مواجهة التغير المناخي، وقمنا بإطلاق عدد من المبادرات ورصدنا ميزانية ضخمة من أجل مواجهة التغير المناخي، وهو ما يعكس إرادتنا السياسية من أجل تحقيق هذا الهدف، ونقوم بعدد من الجهود المهمة من أجل جعل الاقتصاد أفضل ومن أجل تعزيز البنية التحتية لمواجهة الكوارث الطبيعية حتى لا تكون البنية التحتية هشة”.
ونوه رئيس وزراء إسبانيا، بأن بلاده تعمل على تقوية المبادارات الخارجية، وستسخر 30 مليون يورو للصندوق الأخضر من أجل التغير المناخي في عدد من الأماكن، فضلاً عن محاولتها تحقيق أهداف متعددة كما ينص عليه البيان في “كوب 26″، وتسخير أموال من أجل أن يكون هناك احترام لتعهداتها على مستوى الوصول إلى الحياد الكربوني عام 2050.
وأوضح سانشيز – في ختام كلمته – أن إسبانيا تعمل على تسخير ميزانية سنوية حتى عام 2025، من أجل مساعدة الدول الهشة وهذا المبلغ 30 مليون يورو سيساعد هذه الدول، مشددًا على ضرورة العمل بشكل متعاضد، وأن يكون هناك إنقاذ للكوكب عبر التضامن بشكل ملح جدًا بين دول العالم، فضلاً عن مشاركة فوائد الانتقال في الطاقة.
من جانبه، أعلن رئيس مؤتمر الأطراف للمناخ (كوب 26) ألوك شارما أن هذه القمة هي “الأمل الأخير والأفضل” لتقليل درجة حرارة الكوكب بـ 1,5 درجة مئوية وهو الهدف الأكثر طموحا في اتفاق باريس.
وأضاف شارما في اليوم الأول من المؤتمر، الذي يستمر حتى يوم 12 نوفمبر الجارى أنه خلال وباء كوفيد-19 “تواصلت ظاهرة تغير المناخ.. تأثيرات تغير المناخ بدأت الظهور في كل أنحاء العالم على شكل “فيضانات وأعاصير وحرائق غابات ودرجات حرارة قياسية.. نعلم أن كوكبنا يتغير نحو الأسوأ”.
وأوضح “إذا عملنا الآن وعملنا معا، سيكون بإمكاننا حماية كوكبنا الثمين”.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعا قادة مؤتمر المناخ كوب26 إلى “إنقاذ البشرية” في مواجهة التغير المناخي من أجل وقف حفر “قبورنا بأيدينا”.
وقال غوتيريش متوجها إلى عشرات قادة العالم المجتمعين في إطار كوب26 في غلاسكو: “لقد آن الأوان للقول كفى”، مضيفا “كفى لانتهاك التنوع البيولوجي. كفى لقتل أنفسنا بالكربون. كفى للتعامل مع الطبيعة كمكب قمامة. كفى للحرق والحفر والاستخراج على أعماق أكبر. إننا نحفر قبورنا بأنفسنا، بدلا من مواصلة استغلال الأرض، اختاروا إنقاذ مستقبلنا وإنقاذ البشرية”.
واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن الإنسانية “دُفعت إلى حافة الهاوية” بسبب “إدماننا على الوقود الأحفوري”. بالنسبة للدول الجزرية على وجه الخصوص، المهددة بارتفاع مستوى سطح البحر، سيكون فشل كوب26 في تكثيف الجهود للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري بمثابة “حكم إعدام”.
ويعد مؤتمر الأطراف حول المناخ حاسما لمستقبل الكوكب، ويستمر مدة أسبوعين في جلاسكو، وذلك بعد إرجائه لمدة عام بسبب تفشي فيروس كورونا.
وتمهيدا للمؤتمر، أعاد قادة دول مجموعة العشرين في روما خلال عطلة نهاية الأسبوع التأكيد على الهدف الذي حدده اتفاق باريس بحصر الاحترار في 1.5 درجة مئوية مقارنة بمستوى ما قبل الحقبة الصناعية، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن تقريبا وانهاء الدعم الحكومي لمحطات الطاقة التي تعمل بالفحم في الخارج.
لكن تلك التعهدات لم تقنع المنظمات غير الحكومية والأمين العام للأمم المتحدة الذي قال إنه يغادر العاصمة الإيطالية وهو يشعر بـ”خيبة أمل”.
ويقول خبراء إن القيام بخطوات ملموسة في السنوات العشر المقبلة سيكون الحل الوحيد للمساعدة في الحد من الآثار المدمرة.
ويأخذ مؤتمر الأطراف هدفه من اتفاق باريس التاريخي الذي أبرم في العام 2015 والذي شهد موافقة الدول على وضع حد للاحترار العالمي عند “أقل بكثير” من درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل العصر الصناعي، و1,5 درجة مئوية إذا أمكن.
وتوصف قمة كوب 26 بأنها فرصة أخيرة لقادة العالم في إنقاذ الكوكب من أشد الآثار الكارثية لتغير المناخ.
وتهدف القمة، التي تأجلت عاما بسبب جائحة كوفيد-19، إلى الإبقاء على ارتفاع درجات الحرارة عند 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل التصنيع، وهو الحد الذي يقول العلماء إنه سيجنب الأرض أكثر عواقب الاحتباس الحراري تدميرا.
وسيتطلب تحقيق هذا الهدف، الذي اتُفق عليه في باريس عام 2015، زيادة في الزخم السياسي والمساعي الدبلوماسية الحثيثة لتعويض عدم كفاية الإجراءات والتعهدات الجوفاء التي ميزت الكثير من سياسات المناخ العالمية.
وينبغي للمؤتمر انتزاع تعهدات أكثر طموحا لمزيد من خفض الانبعاثات وجمع المليارات بغية تمويل مكافحة تغير المناخ والانتهاء من القواعد في سبيل تنفيذ اتفاقية باريس وذلك بموافقة ما يقرب من 200 دولة وقعت عليها بالإجماع.
المصدر: وكالات