في كلمته أمام الجامعة العربية.. شكري: الواقع الإقليمي الصعب فتح الباب لتدخلات خارجية تحاول رسم مستقبل شعوبنا وحدود دولنا
أكد وزير الخارجية سامح شكري، أن الواقع الإقليمي الصعب في المنطقة وما تشهده من أوضاع سياسية وأمنية مؤلمة مع تصاعد الصراعات التي تمزق بعض دولنا العربية فتح الباب لتدخلات دولية وإقليمية تحاول رسم مستقبل شعوب وحدود دولنا.
وقال وزير الخارجية -في كلمته أمام الدورة 148 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري اليوم الثلاثاء- إن هذه الأزمات أنتجت مآس إنسانية غير مسبوقة في تاريخنا المعاصر، وتفشي لخطر تنظيمات إرهابية وتكفيرية لازالت رغم مواجهتها تهدد باقتطاع أجزاء من أقاليم دول عربية وتغيير وجه المنطقة وثقافتها المتسامحة التي دامت لقرون.
وأضاف أن اجتماع اليوم يعد فرصة مواتية لرسم خريطة طريق لمعالجة هذه الأزمات وما تشهده منطقتنا من حالة سيولة سياسية وأمنية عصفت ببنى الدول الوطنية، ونبتت معها نذر تدويل قضايانا العربية، وهو ما بات يتطلب صوتاً وفعلاً عربياً لمواجهتها برؤية حقيقية وواقعية موحدة.
وتابع أنه “بالرغم مما تواجهه جامعتنا العربية من مصاعب لا تعكس ضعفاً بها بقدر ما تعد انعكاساً لمجمل الأوضاع في منطقتنا العربية، فإن الجامعة العربية تظل القاطرة التي لا غنى عنها لحمل مصير أمتنا، ولا مصلحة لأحد في هدمها أو إضعافها أو تهميش دورها، ويتعين علينا العمل على دعمها حتى يكون للعرب صوت مسموع وفعل مؤثر في قضاياهم، عبر تكثيف التنسيق والتشاور العربي وإيجاد حلول لأزماتنا”.
وقال شكري “توجد آفاق حقيقية لشعوبنا، وتصون وحدة وسلامة العالم العربي وأمن شعوبه في مواجهة مخاطر التفكك والانقسام الديني والمذهبي والإرهاب والتدخلات الخارجية”.
وتابع شكري أن مصر من ناحيتها عازمة بإرادة شعبها وتصميم قيادتها على المساهمة بدور فاعل في حل الأزمات التي تمر بنا، وتجلى ذلك في إعلائها للواء محاربة الإرهاب والفكر المتطرف، ومواصلة جهودها لدعم قضية العرب المركزية ودفع عملية السلام في الشرق الأوسط، عبر تكثيف التشاور مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لدعم صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة الاستيطان والانتهاكات بحق القدس والمسجد الأقصى الشريف، والتأكيد على المرجعيات الأساسية للتسوية النهائية على أساس حل الدولتين ومبادرة السلام العربية، حتى يتمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشرقية.
وأضاف أن مصر قامت برعاية اتفاقي التهدئة الميدانية في سوريا في شهر يوليو الماضي، جنباً إلى جنب مع مواصلة جهودها لتوحيد صفوف المعارضة الوطنية السورية المؤمنة بالحل السياسي. وفي ليبيا، استمرت مصر في التواصل مع كافة الأطراف الليبية للوصول لتسوية سياسية شاملة للأزمة تحفظ وحدة ليبيا وتحترم خيارات شعبها.
وتابع “كما دعمت مصر الجهود المُقدرة للعراق في التصدي لإرهاب تنظيم داعش واستكمال تحرير باقي اراضيه ومن أجل استعادة دوره المهم في محيطه العربي. وفي اليمن، ساندت مصر الحكومة الشرعية اليمنية وسعت للتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية التي يُعاني منها الشعب اليمني الشقيق، وشجعت الأطراف السياسية باليمن على الالتزام بالحل السياسي علي أساس المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
وقال وزير الخارجية إن أولى خطواتنا لتوحيد خطانا بفاعلية هو العمل الدؤوب على تطوير الإطار المؤسسي لعملنا العربي المشترك تحت مظلة جامعتنا العربية، وهو ما يستدعي منا تكثيف الجهود لتحريك ملف إصلاح وتطوير آليات عمل الجامعة العربية، بما يزيد من فاعلية وتأثير جامعتنا العربية على الساحتين الإقليمية والدولية في الدفاع عن المصالح العربية ويعضد من أطر التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين دولنا.
وأضاف أن ذلك يتحقق “على أساس من تحديث الإطار الفكري والرؤية المؤسسية لتواكب معطيات العصر والتطورات المتلاحقة في عالمنا، وبما يحافظ على صلاحيات الأمين العام، ويساعده على تأدية مهامه، ويسمح بالاستفادة من خبرات موظفيها في تطوير العمل العربي المشترك، ويرفع من كفاءة المنظمات والهيئات المتخصصة التابعة للجامعة باعتبارها روافداً لها”.
وقال شكري إن مصر رغبة منها في تعزيز انفتاح الجهد العربي على الجهود الدولية والإقليمية لتعزيز السلم والأمن الدوليين، والتعاون مع مختلف أطراف المجتمع الدولي من أجل التنمية ورخاء شعوب المنطقة والعالم، طرحت مبادرتها على مجلس الجامعة العربية لإنشاء إطار تشاوري بين الجامعة العربية ومجلس الأمن تأمل أن يرى النور بعد استكمال آليات تنفيذه.
وأضاف “كما تجري (مصر) استعداداتها لاستضافة القمة العربية – الأوروبية الأولى خلال الربع الأول من العام المقبل، حرصاً على تطوير آليات عمل الجامعة العربية في مواجهة الأزمات والتعامل معها صيانة للأمن والسلم الدوليين وضماناً للتواجد العربي والتأثير في صنع القرار الدولي”.
وأكد أن تفشي خطر الإرهاب والفكر المتطرف بكافة صوره في مجتمعاتنا لا يقتصر تأثيره على أمنها بل تعداه ليطال أسس دولنا وسلامة نسيجها الوطني، وبات معيقاً لتقدمها، وهو ما لم يعد فقط يستدعي مواجهته عبر استراتيجية عربية مشتركة شاملة، بل يقتضي أيضاً وقفة حازمة أمام كافة الدول أو الأطراف الداعمة للتنظيمات والجماعات الإرهابية والتي تقدم لها سبل الدعم والتمويل أو تسخير إمكاناتها الإعلامية والسياسية لخدمة أغراض هذه التنظيمات والترويج لأفكارها.
وشدد وزير الخارجية على أن مصر وهي تواجه مع شقيقاتها العربيات الإرهاب الأسود تؤكد على أنها لن تتسامح أو تتهاون مع من يرتزقون من دماء شعوب منطقتنا أياً كانوا، ومن يبني دوره على حساب مستقبلها، وتطالب بالتصدي الواضح والصريح دون مواربة وكشف من يقفون وراء تلك القوى الإجرامية بالدعم والمساندة والتنظير والتنظيم أو الترويج لفكرها المتطرف الهدام، وأن جهودنا في هذا الصدد تدعمها قواعد القانون الدولي، وحقنا السيادي في حماية مواطنينا.
وأكد شكري، في ختام كلمته، أن مستقبل أمتنا وشعوبنا مرهونٌ بجهودنا لتحقيق الأمن والاستقرار في وقت تتعاظم فيه التحديات، عبر تطوير بيتنا العربي الجامع ومكافحة الإرهاب وداعميه والتنسيق بيننا والعمل على إيجاد دور عربي أكبر في تسوية أزماتنا العربية، والتعاطي بإيجابية مع مختلف الجهود الإقليمية والدولية الرامية لذلك، وهي مسئولية جسيمة، وأمانة ثقيلة نرجو الله العون في أدائها والنهوضِ بها، تحقيقاً لما تصبو إليه أمتُنا من عزةً وكرامةً، وصوناً لمقدراتها، وتكريماً لتاريخها، وسعياً لإضفاء الأمل على حاضرها ومستقبلِها.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)