في الذكرى الخامسة والأربعين لنصر أكتوبر المجيد ، يجب أنت نتذكر تلك الكلمات الخالدة للرئيس الراحل محمد أنور السادات بطل الحرب والسلام، وقوله :”لست أظنكم تتوقعون مني أن أقف أمامكم لكي نتفاخر معا ونتباهي بما حققناه في أحد عشر يوما من أهم وأخطر بل وأعظم وأمجد أيام تاريخنا، وربما جاء يوم نجلس فيه معا لا لكي نتفاخر ونتباهى ولكن لكي نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلا بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقة ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله، نعم سوف يجيء يوم نجلس فيه لنقص ونروي ماذا فعل كل منا في موقعه، وكيف حمل كل منا الأمانة وكيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة في فترة حالكة ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء”.
ويقول اللواء أركان حرب متقاعد محمد زكي الألفي إن دور القوات المسلحة في البطولات ليست وليدة اليوم وما تم من أعمال وبطولات في السابق والحاضر هو ناتج حضارة عميقة تمتد جذورها إلى 7 آلاف عام وان التاريخ هو من يشهد للجندي المصري.
وأضاف أنه كان من ضمن المشاركين في بطولات احدى كتائب الجيش الثاني الميداني فى منطقة الدفرسوار، وأردف “كنت برتبة ملازم أول في محطة الركاب في الدفرسوار التي كانت توجد علي البحيرات وكان الفاصل بين الجيش الثاني الميداني والثالث الميداني وكان هذا الموقع خطيرا لدرجة أن الرئيس الراحل أنور السادات والفريق محمد صادق وزير الحربية آنذاك قاما بأكثر من زيارة للمكان لاعطاء الاحساس بأهمية المكان للجنود.
ويوضح أن أهمية المكان في ذلك الوقت لقربه من القاهرة ويمكن الانطلاق منه إلى مدن القناة وكان يخصص له قوة فرقة كاملة اي حوالي300 دبابة لمواجهة اي اعتداء من جهتها.
وعن أصعب المواقف التي واجهته.. قال اللواء زكي الألفي “إنه كان في مواجهة مباشرة مع مدرعة من مدرعات العدو اثناء محاولاتها اقتحام الحد الامامي للدفاعات ولكن نظرا لارتكاز موقعه الدفاعي علي ترعة جافة كانت تشكل مانعا لتلك المدرعة، تم التصدى لتلك المدرعة التي كانت تحمل10 جنود من جنود المظلات الاسرائيلية”.
ويؤكد أنه من الصعب جدا في الحرب الفعلية أن يقوم الجنود بعملية التنشين نحو الهدف لإصابته ووقتها قاموا بإمطار العدو بوابل من الطلقات، قائلا “اتذكر وقتها الرقيب صلاح الدين الذي تعامل مع المدرعة برفقة الجنود مما مكننا من اقتحامها وتم اسر من فيها وتسليمهم للقيادة”.
ويقول اللواء زكي، إن الكتيبة 18 استطاعت أن تقوم بصد العدو في الدفرسوار عند قرية الجلاء وأدارت معركة دفاعية قوية وتم تدمير العشرات من الدبابات وأخص الرائد نوارين الباسل الذي استطاع وحده تدمير أكثر من20 دبابة والرائد محمد الشافعي عطية الذي قاتل في نفس المعركة يومي15 و16 أكتوبر ودمر16 دبابة وأسر10 جنود والرائد أحمد إبراهيم كحيل قائد احدى السرايا الذي دمر4 دبابات وأصيب في اذنه ولم يترك موقعه رغم الإصابة الشديدة التي تركت أثرا عليه.
وأكد اللواء زكى أن المعركة أثبت أن الجندي المصري قدم نموذجا لبسالة الفرد المقاتل في مواجهة الدبابة.
أما اللواء جمال الدين محمد كحيلة قائد سرية المدافع المضادة للدبابات الذى شارك فى معركة تحرير القنطرة ، فيرى أن ارتفاع الروح المعنوية للجنود كانت سبب النصر على العدو الإسرائيلي، رغم تفوق العدو في معداته.
وأضاف “إننا خير أجناد الأرض كما وصفنا رسولنا الكريم (صلي الله عليه وسلم)، متذكرا استشهاد بعض زملائه الذين تمنوا الشهادة بعد أن روت دماؤهم سيناء لتحريرها، فهؤلاء لهم الفضل فيما نجني ثماره اليوم”.
وأضاف، أنه يوم 5 أكتوبر كان الوضع علي الجبهة هادئاً وفي حالة سكون، وكانت الإمدادات مازالت تتدفق علي الجبهة دون أن نعرف موعد العبور “ساعة الصفر” لتحرير سيناء وصباح يوم السادس من أكتوبر في تمام الساعة 12 ظهرا تم استدعاء كل قادة السرايا إلى نقطة الملاحظة لقائد الكتيبة الذي أسعدنا قائلا: “الساعة جات يا رجالة اللي منتظرنها وهانعبر الساعة 2 القناة وعايزكم تعبروا هذا الساتر وتزلزلوه وربنا معاكم وخلوا بالكم من جنودكم”.
ويضيف: بمجرد سماع هذا الكلام دمعت عيوننا من الفرحة وأسرعنا إلى جنودنا لتلقينهم الأوامر حتي لاحظنا الطائرات تعبر القناة من فوق رؤوسنا والمدفعية تدك حصون العدو ونحن نردد صيحة “الله أكبر- الله أكبر” وكانت مهمتي اقتحام القنطرة شرق وتحريرها، وفي يوم 8 أكتوبر تم رفع العلم المصري عليها باعتبارها أول مدينة تم تحريرها.
ويقول كحيلة إن ارتفاع الروح المعنوية للجنود جعلتهم يتغلبون على الامكانيات الفائقة للعدو الاسرائيلى موضحا ان الدليل على ذلك أن مدفعية قوتنا المستخدمة في المعركة كانت تشارك فى الحرب العالمية الثانية، مشيرًا إلى أن مدى الدبابة كان 3 كيلو ومدى المدفع من 400 الى 600 متر واستطعنا تدمير الدبابات فى معركة القنطرة.
واكد كحيلة ان الروح المعنوية كانت السلاح القوى والخفى الذى استطاع ان يحسم أعمال القتال على كل فئات القوات المسلحة الذين حرصوا على الشهادة فى الضفة الشرقية وكان هو عهد ابناء القوات المسلحة.
واختتم حديثه “هذه روح مستمدة من الماضى العريق لهذا الجيش ولأبناء هذا الشعب الذى استعاد كرامته وعزته” .
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )