يوافق اليوم التاسع من شهر سبتمبر الاحتفال “بعيد الفلاح المصرى ” ، وهو اليوم الذي صدر فيه قانون الإصلاح الزراعى بعد ثورة ٢٣ يوليو عام ١٩٥٢ ، بهدف تحقيق العدالة وإنصاف والفلاحين والطبقة الكادحة المهمشة ، تفعيلا لمبدأ القضاء على الإقطاع أحد مبادئ الثورة الستة.
ويأتي إحياء هذه المناسبة فى كل عام تذكيرا وتبجيلا لدور الفلاح فى التنمية ، وهو الدور الذى لا يقل فى أهميته عن دور الطبيب أو المهندس وسائر المهن الأخرى فكل منهم يسهم بدوره وبحرفته فى بناء وتنمية المجتمع.
وتحتفل مصر بعيد الفلاح ، فى ظل اهتمام كبير من الدولة بالقطاع الزراعي ،وايمانا واعترافا بدور الفلاح المصرى فى التنمية الزراعية وتوفير الغذاء ، حيث تعد الزراعة من أقدم المهن فى مصر الفرعونية، منذ شق النيل شريانه فى قلب مصر .
وفى إطار ما تقوم به الدولة حاليا من دور لتحسين أحوال الفلاح الذي يقوم بدور حيوي في عملية التنمية، وحرصها على النهوض بالأوضاع المعيشية لسكان الريف من محدودي الدخل ، تتبنى مشروعات زراعية ومية عملاقة كحل إستراتيجي للتحديات التى تواجهها مصر في عدة اتجاهات منها مواجهة الزيادة السكانية والبطالة وتوفير الأمن الغذائى .
فقبل ٦٧ عاما قامت ثورة يوليو بتوزيع خمسة أفدنة على كل فلاح ، واليوم تحقق ثورة ٣٠ يونيو مكسبا جديدا للفلاح المصرى يتماشى مع التقدم التكنولوجى ، وخطة الدولة لرقمنة الخدمات المقدمة للمواطنين فى إطار التحول إلى المجتمع الرقمى المنشود ، إذ أعلنت الحكومة عن بدء تطبيق منظومة حصر وميكنة الحيازات الزراعية لإصدار بطاقة الحيازة الإلكترونية “كارت الفلاح”، اعتبارا من شهر أكتوبر المقبل، الأمر الذى سيقضى على المعاناة التى تواجه الفلاح نتيجة استخدام أكثر من 6 آلاف جمعية زراعية فى مصر للنظام اليدوى القديم، الذى يعتمد على ملايين الملفات والدفاتر التى مر عليها عشرات السنين، دون مراجعة أو تدقيق، بالإضافة إلى البنية المتهالكة لهذه الجمعيات ومكاتبها التى وصلت إلى حالة تحتاج إلى تجديد وتطوير فورى.
وسيتم تطبيق المنظومة على مراحل ، تبدأ الأولى منها فى محافظتى الغربية وبورسعيد ، يتبعها محافظات ” الشرقية، والبحيرة، وسوهاج ، وأسيوط ” كمرحلة ثانية ، وتتوالى المراحل إلى أن يصل العدد المستهدف إلى 5 ملايين و718 ألفا ، وهو عدد الذين يملكون حيازات زراعية ، والذين تم حصرهم من خلال المنظومة حتى الآن.
وتهدف منظومة كارت الفلاح إلى ضمان حصوله على مستلزمات إنتاجه دون أى تلاعب فى الحيازة الزراعية، حيث أن أى تغيير أو تعديل بها لابد أن يتم من خلال الحائز نفسه وبمعرفته ، وتدقيق الزمام والمساعدة فى عدم التعدى على الأرض الزراعية، والتحكم والرقابة على عمليات صرف الدعم للمزارعين طبقا لسياسات الدعم التى تقررها الدولة ، وتطوير أسلوب الرقابة والإدارة فى مستويات العمل المختلفة بوزارة الزراعة “الجمعيات، الادارات، المديريات وقطاعات الوزارة المختلفة ” ٠
وتساهم هذه المنظومة فى حل المشكلات المترتبة على ضعف نظام توزيع الأسمدة، وسهولة الحصول على الحصص التى تقررها الدولة من مستلزمات الانتاج المختلفة، بناء على المساحات المنزرعة فعليا ونوع المحصول، وإمكانية تحديد وصرف دعم تحفيزى لإنتاج محصول معين (مثل القمح والذرة) للمساعدة فى تنفيذ خطة الدولة للتوسع فى إنتاج محصولات بعينها بدلا من استيرادها من الخارج.كما تساهم فى بناء قاعدة بيانات قومية زراعية مدققة تشمل مساحات الأراضي الزراعية المحيزة ، والتى تستخدم فعليا فى الإنتاج الزراعى، وتلك التى تم خروجها عن الإنتاج، والوصول إلى تحديد دقيق للمساحات المنزرعة بكل موسم زراعى ، وأنواع الزراعات والكميات المتوقع إنتاجها من كل محافظة .
وتعمل على تيسير توريد المحاصيل المختلفة للحكومة ، واستلام ثمنها الكترونيا من أحد منافذ البنك الزراعى أو ماكينات الصراف الآلى (123) بأى فرع من فروع البنوك الأخرى، وتيسير المعلومات التسويقية للمنتجات الزراعية واستخدامها فى إتمام الزراعات التعاقدية بالدفع الإلكترونى، والاستفادة من البيانات والمعلومات بالمنظومة فى تحديد أسعار المحاصيل، وتوثيق العلاقة بين المالك والمستأجر فى الحصول على الدعم المقرر للزراعة، وتوجيه الخدمات الزراعية والإرشاد الزراعى، وتوصيل المعلومات الارشادية من خلال المراكز الإرشادية المطورة تعويضا لنقص المرشدين الزراعيين، إضافة إلى العديد من الخدمات والمشروعات المتعلقة بالمزارعين، ومنها المعاشات والتأمين الصحى، حيث أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارين بقانونين، يختص أحدهما بتنظيم التأمين الصحي على الفلاحين وعمال الزراعة، الذين لا يتمتعون بمظلة التأمين الصحي تحت أي قانون آخر ، فيما استهدف القرار الثانى إنشاء صندوق التكافل الزراعي لتغطية الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية والآفات وغيرها من المخاطر التي تتعرض لها الحاصلات الزراعية، بما يحقق التنمية الزراعية المستدامة ويحافظ على مستوى الدخل للمزارعين المستفيدين في كافة مناطق الجمهورية.
ويتبنى الرئيس السيسي منذ توليه مهام الحكم “مشروع المليون ونصف المليون فدان”، الذي يغطي مساحات واسعة من الجمهورية، خاصة فى الصعيد وجنوب الوادي وسيناء والدلتا، حيث وقع الاختيار على 13 منطقة في ثماني محافظات معظمها فى الصعيد هي: قنا، أسوان، المنيا، الوادي الجديد، مطروح، جنوب سيناء، الإسماعيلية، الجيزة، وتم اختيارها بعد دراسات متعمقة، بحيث تكون قريبة من المناطق الحضرية وخطوط الاتصال بين المحافظات وشبكة الطرق القومية والكهربائية ، ويتضمن ثلاث مراحل، الأولى تحتضن 9 مناطق بمساحات 500 ألف فدان، والثانية تشمل 9 مناطق بمساحات 490 ألف فدان، فيما ستكون الثالثة بإجمالي مساحات 510 آلاف فدان.
وأصدر الرئيس السيسي تعليماته بمنح أولوية في المشروع لشباب الخريجين، لتوفير مشاريع لهم ومنح فرص عمل وتقليل حجم البطالة.وركز الرئيس في توجيهاته للمشروع على بناء تجمعات مستدامة مبنية على الأنشطة الزراعية والأنشطة الملحقة بالزراعة والتصنيع الزراعي والإنتاج الحيواني، مشددا على أن الهدف الأساسي بناء مجتمعات مستدامة تنتقل إليها الأسر وتبدأ في إنشاء مجتمعات مبنية على النشاط الزراعي والصناعات المغذية له، تشمل الإنتاج الحيواني والداجني والسمكي.