في دول عربية عدة، يبشر دوي “مدفع الإفطار” في شهر رمضان الصائمين بحلول موعد الإفطار، إلا أن صوت التفجيرات المستمرة في سوريا طيلة أيام السنة منذ عام 2011، ينذر حتما بمزيد من الموت والدمار والمآسي.
وللعام السادس على التوالى ، يقضى معظم السوريين شهر رمضان ، مثل باقى أشهر السنة ، على وقع دوى القصف المدفعى والجوى، والتفجيرات المستمرة فى حصد الأرواح في مناطق المعارضة والحكومة على حد سواء.
وعادة إطلاق قذيفة صوتية يوميا عند موعد صلاة المغرب خلال رمضان التي تناقلتها الأجيال في سوريا وغيرها من الدول العربية، باتت غير مجدية بالنسبة للسوريين، الذين اختبروا “القذائف الحية” القاتلة والبراميل المتفجرة.
فقد أصبح السوريون عاجزين عن تبيان “القصف الكاذب” من “القصف الصادق” بسبب استمرار دوي التفجيرات وهدير الطائرات والمروحيات الحربية، وسط عجز وصمت دولي، سمح للمتنازعين بتحويل البلاد إلى مقبرة جماعية.
ومنذ بدء شهر رمضان الجاري شهدت مناطق سورية عدة قصفا مركزا، فقد أمطرت، على سبيل المثال لا الحصر، مروحيات “قوات الرئيس السوري بشار الأسد” مدينة داريا بريف دمشق بأكثر من 70 برميلا متفجرا، الجمعة.
ومأساة أهالي داريا وغيرها من المدن والبلدات السورية لا تقف عند حدود العيش في ظل القصف والغارات في رمضان والأشهر الأخرى، إذ أن “دوي الموت” يترافق مع “الجوع القسري” الناجم عن حصار خانق وفقر مدقع.
والبراميل المتفجرة على داريا الخاضعة لسيطرة المعارضة، جاءت لمنع توزيع المساعدات التي نجحت قافلة للأمم المتحدة والهلال الأحمر السوري في إدخالها للمدينة لأول مرة منذ حصارها من القوات الحكومية في 2012.
ويبدو أن المدنيين في داريا، التي تعاني من الحصار على غرار مناطق أخرى، مجبرين على الصوم طيلة أيام السنة، ولا يجدون سوى الفتات لكسر “جوعهم”، على عكس الصائمين في المدن العربية والإسلامية خلال رمضان.
فالنزاع الذي بدأ بعد أن ردت القوات الحكومية على المظاهرات المناهضة لحكم الأسد بالرصاص والقذائف، أدخل معظم السوريين الذين فشلوا في الهروب خارج البلاد، في “صيام من نوع آخر” وعرفهم على “مدفع إفطار قاتل”.
والعجز الدولي ومطامع بعض الدول غير العربية التوسعية ينذر بإطالة أمد النزاع الذي حصد منذ 2011 أكثر من 250 ألف قتيل وشرد الملايين، ويؤكد بالتالي أن السوريين سيرددون للسنة السابعة “رمضان بأي حال عدت يا رمضان”.