مع حلول الذكرى السنوية الأولى للصراع بين إسرائيل وحركة حماس والتي وافقت السابع من أكتوبر، تتأرجح منطقة الشرق الأوسط حاليا على شفا حرب إقليمية.
وذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أنه كلما طالت مدة مثل هذه الحروب – وخاصة عندما تتركز حول بؤر ساخنة جيوسياسية قائمة منذ فترة طويلة – كلما زادت احتمالية توسعها، ليس فقط عسكريا، بل أيضا في المجالات المتشابكة للحرب الهجينة (الحرب التقليدية وغير النظامية والسيبرانية).
وأوضحت المجلة، أن حرب روسيا في أوكرانيا تقدم مجموعة من الأمثلة الدالة على ما قد يحدث في منطقة الشرق الأوسط حال استمرار الصراع الحالي. ففي حين لفتت بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022 الانتباه العالمي إلى الصراع، إلا أن الحرب كانت جارية بالفعل منذ فترة طويلة. فقد بدأت مع ثورة الميدان الأوروبي في كييف عام 2014 وضم روسيا لشبه جزيرة القرم لاحقا، والذي أعقبه دعم روسيا للانفصاليين المؤيدين لموسكو في شرق أوكرانيا خلال السنوات التي تلت ذلك.
ومع فشل محاولات الوساطة الدولية والمفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، فقد أدى ذلك إلى تصعيد تدريجي للتوترات بين روسيا وأوكرانيا انفجرت لاحقا إلى حرب واسعة النطاق بعد ما يقرب من عقد من الزمان.
وأشارت المجلة إلى أن البعد الهجيني (المركب) للصراع برز كمكون محوري للحرب، حيث امتد من العقوبات إلى هجمات إلكترونية وصراعات بالوكالة بين موسكو وكييف تجاوزت الخطوط الأمامية في أوروبا الشرقية، لتلعب دورا حاسما في تشكيل مسار الحرب إلى جانب مسرح العمليات.
ولفتت المجلة إلى أن العقوبات وغيرها من أشكال القيود الاقتصادية كانت من بين الأدوات الأكثر استخداما من قبل الدول الغربية للضغط على موسكو وإضعافها دون الحاجة إلى الانخراط عسكريا في الصراع بشكل مباشر.
ونبهت المجلة إلى الفضاء الإلكتروني كان أحد أدوات الحرب الهجينة بين روسيا وأوكرانيا. ورغم أن الهجمات الإلكترونية ليست ظاهرة جديدة، إلا أنها تستخدم بشكل متزايد من قبل كييف وموسكو ضد قائمة متزايدة من الأهداف، بما في ذلك المواقع العسكرية والهيئات الحكومية والبنية الأساسية الحيوية مثل شبكات الطاقة ومحطات الطاقة. كما استخدمت روسيا الهجمات الإلكترونية وحملات التضليل –وفقا للمجلة- ضد الداعمين الغربيين لأوكرانيا.
كما اتخذت الساحة الثالثة في الحرب الهجين بين روسيا وأوكرانيا شكل صراعات بالوكالة. فبحسب تقارير، شاركت القوات الخاصة الأوكرانية في ضربات بطائرات بدون طيار ضد قوات فاجنر في السودان، كما تم اتهام أوكرانيا بتزويد المتمردين في مالي بمعلومات استخباراتية لشن هجوم على قوات فاجنر العاملة هناك، وهو ما دفع مالي والنيجر إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا.
وتؤكد المجلة الأمريكية أن الطبيعة متعددة الأبعاد للحرب (الهجين) بين روسيا وأوكرانيا أدت إلى تعقيد الجهود الرامية إلى حلها دبلوماسيا، نظرا للعدد الهائل من اللاعبين الذين انجذبوا إلى الصراع وشبكتهم المعقدة من المصالح المتنافسة.
وترى”فورين بوليسي” أن الشرق الأوسط قد يشهد ديناميكيات هجينة مماثلة تنشأ أو تتعزز بالتوازي مع المكون العسكري للصراع، بحيث قد يمتد الصراع ليشمل كل شيء من الانتشار الاقتصادي للمقاطعات المناهضة لإسرائيل إلى تسييس الصراع في بلدان في جميع أنحاء العالم الإسلامي إلى الاستخدام المتزايد للحرب الإلكترونية سواء داخل المنطقة أو خارجها.
وأخيرا، شددت المجلة على ضرورة أن تكون الحالة الروسية الأوكرانية بمثابة قصة تحذيرية للشرق الأوسط. فكلما طال أمد الصراع، زاد عدد الأطراف الذين من المرجح أن يجتذبهم (سواء بشكل مباشر أو غير مباشر) وكلما كانت العواقب أكبر. كما أنه في غياب جهد متضافر لحل الصراع أو على الأقل التخفيف من حدته دبلوماسيا، فإن المكونات الهجينة للصراع بين روسيا وأوكرانيا قد تكون بمثابة إشارة لما سيحدث في الشرق الأوسط.
المصدر: أ ش أ