اصطدم المسار السياسي للنزاع اليمني مرة أخرى بحائط مسدود بعد فشل عقد مشاورات في جنيف، ليتراجع الأمل بإنهاء الحرب الدامية في المدى المنظور، ما ينذر بتصعيد جديد في البلد، حيث انتهت المفاوضات غير المباشرة، أمس السبت، قبل أن تبدأ، بعدما رفض المتمردون في اللحظة الأخيرة التوجه إلى جنيف من دون الحصول على ضمانات من الأمم المتحدة بالعودة سريعا إلى العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرتهم.
وكان من المفترض أن ترعى الأمم المتحدة في جنيف بدءا من الخميس الماضي أول مشاورات سياسية بين طرفي النزاع الرئيسيين، الحكومة والمتمردين، ما أعطى أملا بإمكانية وضع النزاع على سكة الحل السياسي بعد سنوات من الحرب.
ويقول الباحث في شؤون الأمن والدفاع ألكسندر ميترسكي لوكالة فرانس برس إن الأسابيع المقبلة “قد تكون حرجة”.
ويضيف الباحث المقيم في الإمارات العربية المتحدة “المحادثات السياسية لم تنطلق، وبالتالي لا يوجد مسار سياسي يمكن اللجوء إليه، ما يعني أنه ستكون هناك قيود أقل لتصرفات الطرفين على الأرض”.
ويسيطر المتمردون الحوثيون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى منذ سبتمبر 2014، وتحاول القوات الحكومية استعادة الأراضي التي خسرتها بمساندة تحالف عسكري تقوده السعودية منذ مارس 2015.
وتقول الأمم المتحدة إن ثلاثة من بين كل أربعة يمنيين بحاجة لمساعدة غذائية، في وقت تهدد موجة جديدة من الكوليرا البلاد التي تفتقد لقطاع صحي فعّال دمرته الحرب.
وأغرق النزاع أكثر من ثمانية ملايين شخص في شبه مجاعة وتسبب بـ”أسوأ أزمة إنسانية” في العالم، بحسب الأمم المتحدة التي كانت تأمل أن تشكل محادثات جنيف بداية لوضع إطار لمفاوضات مستقبلية.
ويقول المحلل غراهام غريفيث في مؤسسة “كونترول ريسك” الاستشارية لتقييم المخاطر التي تتخذ من الإمارات مقرا، إن فشل المحادثات “يشكل مؤشرا سيئا لعملية السلام، ولو أنه لا يزال هناك أمل ضئيل جدا بأن يتمكن موفد الأمم المتحدة من إنقاذ شيء ما”.
ويضيف “لكن على الرغم من كل جهوده، لا نرى أي مؤشرات على وجود صيغة للسلام يمكن أن تبني الثقة المفقودة بين الطرفين، أو على تنازلات محتملة تقربهما من بعضهما”.
وأعلن مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث أمس السبت أنه سيسافر إلى مسقط وصنعاء خلال الأيام المقبلة لوضع الأسس لإجراء محادثات مستقبلية، ملمحا إلى أنه قد يجري في البداية محادثات منفصلة مع الجانبين.
وتؤكد التصريحات التي أدلى بها مساء أمس السبت زعيم المتمردين عبد الملك الحوثي الانطباع حول التصعيد، فقد دعا في خطاب طويل حمل فيه التحالف مسؤولية فشل محادثات جنيف، أنصاره إلى “الثبات والصمود” و”التصدي للعدوان”.
وقال إن على “الأحرار والشرفاء في هذا الشعب العزيز أن يهبوا اليوم بعزم وتصميم وإصرار إلى الميدان”، و”المطلوب التحرك في كل الاتجاهات ضمن عملية التجنيد في الدفاع والأمن والتطوع في الجبهات”.
وتدخل عبر الميناء غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية المرسلة إلى ملايين السكان، لكن التحالف يعتبر الميناء الخاضع لسيطرة المتمردين ممرا لتهريب الأسلحة ومهاجمة سفن في البحر الأحمر.
وقتل الأسبوع الماضي 38 عنصرا من المتمردين وأصيب 26 آخرون بجروح في ضربات جوية استهدفت مواقع للحوثيين في الأطراف الجنوبية والغربية لمدينة الحديدة.
المصدر: أ ف ب