قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، إنه مع معاودة المفاوضات هذا الأسبوع في فيينا بهدف إحياء الاتفاق النووي مع إيران، الذي انسحب منه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قبل ثلاثة أعوام، يبدو أن المحاولة للعودة إلى الوضع الذي كان سائداً قبل ذلك، من قبل الولايات المتحدة وخمس قوى عالمية أخرى، لن تجدي.
وأرجعت الصحيفة سبب السياسة المتشددة ليس الإكتساح الواسع للمتشددين، وإنما خامنئي نفسه، الذي أعطى إشارة الموافقة على الإختراق الذي تحقق في عام 2015وقال إن الاتفاق المحتضر لعام 2015، والذي تدعمه رسمياً فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين وروسيا وحتى بعد الانسحاب الأمريكي الآحادي، بدا كأنه على وشك الانبعاث مجدداً قبل الصيف، بعد ست جولات من المحادثات في فيينا.
وقالت الصحيفة انه وعلى رغم أن إيران والولايات المتحدة تتحدثان مع بعضهما بطريقة غير مباشرة عبر الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق، فإنه كان ثمة أمل في عودة خطة العمل الشاملة المشتركة (الاسم الرسمي للاتفاق النووي) إلى الطاولة.
ولكن لم يكن في إمكان البراغماتيين في طهران إعادة عقارب الساعة التي حطمها ترامب.
وأردفت الصحيفة ان اللاعبين الخطأ يحتشدون وراء المسرح في طهران. وخلف إبراهيم رئيسي القاضي المعروف بسجله الدموي، البراغماتي حسن روحاني كرئيس في انتخابات الصيف. وعين رئيسي حسين أمير عبداللهيان وزيراً للخارجية، وهو ديبلوماسي قريب من الحرس الثوري، خلفاً لمحمد جواد ظريف-الوجه الناعم للديبلوماسية الإيرانية والذي هندس مع روحاني، الاتفاق النووي.
ومع ذلك، بقيت السلطة المطلقة بين يدي القائد الأعلى علي خامنئي، ويمليها الحرس الثوري ورجال القضاء والمؤسسة الدينية غير المنتخبين، المسؤولين أمامه فقط. وهكذا فإن سبب السياسة المتشددة ليس الاكتساح الواسع للمتشددين، وإنما خامنئي نفسه، الذي أعطى إشارة الموافقة على الاختراق الذي تحقق في عام 2015.
أشارت الصحيفة الى ان المسؤولون الذين قادوا الديبلوماسية إلى الاتفاق عام 2015، إلى أن نقطة التحول كانت عندما أكد البيت الأبيض أنه لا يسعى إلى الإطاحة بالنظام في طهران.
وكانت هناك آمال بأن تعيين حسين أمير عبداللهيان وزيراً للخارجية، وهو رجل له امتدادات تصل إلى الدولة العميقة في إيران، بخلاف سلفه ظريف، ستجعل من العودة إلى الاتفاق النووي، أكثر جدوى.
ومع ذلك، لم يكن المتشددون يرفضون فقط فكرة مزيد من الانفتاح الاقتصادي والاندماج مع العالم. بل إنهم- وإيرانيين من مختلف الأطياف- كانوا يعتبرون الاتفاق النووي، خدعة.
وحتى قبل أن يمزق ترامب الاتفاق ويعيد فرض العقوبات بهدف شل الاقتصاد الإيراني، فإن إدارة الرئيس السابق باراك أوباما فرضت سلسلة من العقوبات غير المتعلقة بالملف النووي، جعلت إيران خارج نظام الدولار، وقطعت صلتها بالبنوك العالمية، مما منع التجارة والإستثمارات.
وعرض كبير المفاوضين النووين علي باقري كني موقفه بشكل لا لبس فيه في مقال نشره في “فايننشال تايمز” الأسبوع الماضي. إذ قال إنه يتعين على الولايات المتحدة رفع كل العقوبات الاقتصادية التي فرضتها بعد الاتفاق النووي كمقدمة للعودة إلى إتفاق انسحبت أمريكا منه آحادياً. وتقول طهران إنها بقيت ملتزمة الإتفاق لمدة سنة بعد الانسحاب الأمريكي. وهكذا، فإن الكرة في ملعب واشنطن قبل أن تعود للإمتثال.
وفرضت مئات الإجراءات على إيران بعد 2018 تتعلق بالنشاط الإيراني غير النووي، مثل استخدام الشيعة العرب كوكلاء لبسط النفوذ في بلاد الشام والخليج، وتطوير ونشر صواريخ باليستية ومسيرات كتلك التي استخدمت في الهجوم على شركة أرامكو عام 2019. واستمرت هذه العقوبات في ظل رئاسة جو بايدن. إن الحديث في واشنطن عن رفع العقوبات هو بمثابة جزرة لتشجيع إيران ولا تتطابق مع مطالب باقري كني.
اتفاق ملزم
والمطلب الإيراني الثاني المتمثل في أن يكون الاتفاق ملزماً لرؤساء أمريكيين في المستقبل، لا يمكن تحقيقه، حتى ولو كانت إيران تتوق إلى ضمانة كهذه بعد عداء طويل مع الولايات المتحدة.
واختتمت الصحيفة انه من الصعب أن تعود إيران إلى مستويات التخصيب التي كان ينص عليها اتفاق 2015، ولا أن تتخلى عن أجهزة الطرد المركزي المتطورة. كل ذلك، يجعل المفاوضين في فيينا يتعاملون مع واقع مختلف.
المصدر: وكالات