رأت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أن فريق الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بحاجة إلى أن يتمتع بدرجة عالية من المرونة السياسية ، وأن يدرك على نحو أكبر بكثير مدى أهمية المسؤولية الجماعية على الصعيدين السياسي والاجتماعي .
واستبعدت الصحيفة في مقال رأي نشرته على موقعها الإلكتروني اليوم الخميس أن يمثل تصميم السياسة العقبة الرئيسية أمام نجاح إدارة بايدن.
واستدركت قائلة إن السياسة الاقتصادية الذكية شرط ضروري ولكنها ليست كافية لتحسين الرعاية الطبية والرفاه المالي لأمريكا والاقتصاد العالمي.
وأعادت للأذهان أنه عندما أصبح جو بايدن نائبًا للرئيس منذ 12 عامًا، انضم إلى إدارة تتعامل مع أزمة اقتصادية كبرى على شكل أزمة مالية عالمية.
واليوم، يقود الرئيس الجديد دولة لا تواجه أزمات واحدة بل عدة أزمات ذاتية التدهور، مشيرة إلى أن الاستجابة الجيدة تتطلب استكمال تصميم السياسة الاقتصادية الذكية بمناورة سياسية نشطة في وقت تستمر فيه الأسواق المالية في التركيز على “الاحتياطي الفيدرالي”.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن التحدي الرئيسي في عام 2009 كان يكمن في تحقيق الاستقرار في الأسواق المالية المختلة التي تهدد بدفع العالم نحو الكساد، مضيفة أن ذلك تحقق من خلال مجموعة من الاستجابات النقدية الاستثنائية، وبدرجة أقل، الاستجابات المالية.
وتجنبت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما وقوع كارثة اقتصادية كبرى ، غير أن الخسائر في انتخابات التجديد النصفي لعام 2010 أغلقت نافذتها السياسية أمام التشريعات الرئيسية.
وأضافت أن الأسواق المالية اليوم تعمل بشكل جيد للغاية، لافتة إلى أن الشروط ميسرة للغاية إذ أن: أسعار الفائدة لا تزال منخفضة للغاية وأسعار الأصول ترتفع إلى مستويات قياسية فضلا عن وفرة التمويل للشركات التي يمكنها الوصول إلى أسواق رأس المال.
وتابعت فايننشال تايمز قائلة إن تحدي النظام المالي بالنسبة لبايدن ليس ضرورة قصيرة الأجل لمعالجة الاضطرابات الفورية، بل المشكلة طويلة المدى لإعادة ربط الأسواق الفوضوية بالواقع الاقتصادي.
وتؤكد البيانات الأخيرة أن الاقتصاد الأمريكي يتباطأ، متأثرًا بارتفاع معدلات الإصابة والوفيات من وباء كورونا فضلا عن تفاقم عدم المساواة في الدخل والثروة والفرص ، بالإضافة إلى تقويض الثقة في المؤسسات.
وعلى الرغم من أن العالم بأكمله يواجه المشكلة الشائعة المتمثلة في تحور الفيروس، إلا أن الجهود الدولية لتنسيق السياسات قد واجهت صعوبات.
ووفقا لـ فايننشال تايمز، تتغذى هذه الأزمات على بعضها البعض، وتهدد بخلق حلقات مفرغة.
وأوصت الصحيفة البريطانية باتباع نهج من أربعة محاور في مواجهة مثل هذه الأوضاع وهي: توفير الإغاثة المالية الفورية للشرائح الضعيفة من السكان وتعزيز المعركة ضد كوفيد-19 ومواجهة انعدام الأمن المالي للأسر وتعزيز الإنتاجية وإمكانات النمو.
وتسعى الحزمة المالية البالغة 9ر1 تريليون دولار التي أعلن عنها مؤخرًا بايدن إلى معالجة القضايا الثلاث الأولى… وتستهدف خطط التحفيز المالي الإضافي، المقررة فبراير المقبل، المحور الرابع.
وقالت إنه مما لا شك فيه أن البعض سيقلق بشأن كفاءة بعض هذه الإجراءات، فضلاً عن الآثار الأطول أجلاً للعجز والديون .. ومع ذلك، تكمن معظم الأسئلة الملحة في جانب آخر.. وتساءلت: هل ستسمح الأغلبية الديموقراطية الصغيرة في الكونجرس بتمرير الإغاثة الاقتصادية في الوقت المناسب؟ هل ستكون هناك “مكاسب مبكرة” كافية لتسهيل الوحدة الوطنية اللازمة لتجاوز الأزمة الصحية على وجه الخصوص؟ وكيف سيكون رد فعل الأسواق؟ .
وتابعت قائلة إن خطة بايدن المكونة من قسمين للتحفيز المالي هي محاولة للحد من مخاطر معارضة الكونجرس.. لكن من المرجح أن يكون إيجاد طرق لبناء الوحدة الوطنية وحشدها أمرًا صعبًا.. وتشعر قطاعات كبيرة من سكان الولايات المتحدة بالتهميش، مما يقوض الجهود الجماعية للتعامل مع التحديات المشتركة.
كما أشارت الصحيفة إلى أن موقف وقضية الأسواق ربما يكون هو الأكثر إزعاجًا على الإطلاق، إذ يشعر مسؤولون الاحتياطي الفيدرالي مؤخرًا بأنهم مضطرون إلى تبني نبرة أكثر ملاءمة على الرغم من الإشارات الإيجابية لجهد مالي كبير وأسواق رأس المال المزدهرة وارتفاع أسعار الأصول.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ )