في الفايننشال تايمز نطالع مقالا بعنوان “العالم الاستبدادي سينقسم قبل الغرب”، الذي قال إنه يجب على الولايات المتحدة أن تتصرف بصبر، على نحو يثير الانقسامات بين خصومها غير الليبراليين
وترى الصحيفة أن أفضل شيء في الانقسام الصيني السوفيتي هو أنه ساعد الغرب على الانتصار في الحرب الباردة
وتشير الصحيفة إلى أن المستبدين عادة ما يسقطون. فالشوفينية، التي جعلتهم يعادون الغرب، تسود أيضا في علاقاتهم مع بعضهم البعض. فمن عملية باربروسا (غزو هتلر للاتحاد السوفيتي في الحرب العالمية الثانية) إلى الحرب الإيرانية العراقية، ما أنقذ القضية الليبرالية في القرن العشرين، بالإضافة إلى القوة الأمريكية، كان غياب جبهة موحدة ضدها
وتنصح الصحيفة بضرورة أن يضمن الغرب حدوث نفس الشيء (صراعات بين المستبدين) في القرن الواحد والعشرين. هذا يعني زراعة أنظمة مارقة في بعض الأحيان، وإثارة التوترات بينها. الأنظمة الاستبدادية معرضة للصراع في ما بينها حاليا مثلما كان الحال قبل 50 عاما، عندما صافح الرئيس الأمريكي، ريتشارد نيكسون، رئيس وزراء الصين، تشوان انلاى، وسط الصدع بين بكين وموسكو. السؤال هو ما إذا كان الغرب لا يزال لديه الفن والقدرة لاستغلال هذه الحقيقة
هذا الصيف، ضرب الرئيس الأمريكي جو بايدن، بقبضة يده قبضة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد أن أضاع 18 شهرا وهو يتهرب منه لأنه شخص متوحش. كان استياء الليبراليين الأمريكيين من اللقاء شديدا. ومع هذا سيكون استياء اليمين الأمريكي أكبر إذا فعل بايدن هذا مع إيران. بحذر شديد، يختبر البيت الأبيض الرأي العام الداخلي قبل إحياء محتمل للاتفاق النووي مع إيران
هناك حجج كافية ضد أي من هذين التقاربين أو كليهما. لكن يجب موازنتهما مقابل حقيقة أن كلا من المملكة العربية السعودية وإيران لديهما مريدون آخرون في الصين وروسيا. كلاهما لديه أيضا ما يلزم لتخفيف مشكلة الطاقة في الغرب. حتى لو كان من الصواب، للتكيف مع كل ذلك، تجميدها، فسوف يتعين على الولايات المتحدة أن تقيم علاقات ملائمة مع أنظمة أخرى بغيضة في المستقبل، أو الحفاظ على الموجودة. لكن لا يمكنها أن تفعل ذلك إذا التزمت بتأطير العالم في صورة “الديمقراطيات مقابل الأنظمة الاستبدادية”
تكثر المخاوف من الإرهاق الغربي بسبب حرب أوكرانيا. ويشير السجل التاريخي إلى أن العالم الاستبدادي سوف ينكسر أولا: إن لم يكن بسبب هذا، فلسبب آخر. وفي حين أن البلدان الليبرالية تكون ليبرالية بالطريقة نفسها إلى حد كبير، هناك نكهات من الاستبداد، وتزاوجهم يكون سيئا. فالشوفينية العرقية تكره الماركسية العالمية، ورجال الدين يكرهون القادة العسكريين
وحتى عندما تتطابق الأيديولوجيات، فإن الأنانية الخالصة تفسد الأمر. شكوى الكرملين من واشنطن تتمثل في أنه لا يُنظر إلى روسيا هناك على أنها قوة عظمى. والحل هو التقارب مع الصين التي يبلغ عدد سكانها 10 أمثال ولا توجد حساسية واضحة لديها تجاه الشركاء الصغار. الانقسام الصيني السوفيتي بدأ خلال عقد من بدء الحرب الباردة. لكن من يرى أن الحب الروسي الصيني الحالي سوف يستمر لفترة أطول؟
ومع ذلك، لا يكفي أن تنتظر الولايات المتحدة حدوث الانقسام. يجب أن تكون محفزا نشطا للانقسامات. لكن هذا سيتطلب سياسة داخلية لا تتعرض للانهيار في كل مرة يستخدم فيها الرئيس وسائل جشعة لتأمين هدف ليبرالي
المصدر: وكالات