أشادت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية في عددها الصادر، اليوم السبت، بالقمة التي استضافها البيت الأبيض، افتراضياً، على مدار اليومين الماضيين لتعزيز العمل العالمي ،للتصدي للتهديد الوجودي الذي تفرضه قضايا تغير المناخ على البشرية جمعاء، واعتبرتها خطوة جادة إلى الأمام لحل هذه الأزمة، لكنها أكدت أنها غير كافية من دون تطبيق تعهداتها على أرض الواقع.
وذكرت الصحيفة (في مستهل افتتاحيتها لعدد اليوم والتي نُشرت على موقعها الإلكتروني) ،أن القادة من مجموعة العشرين حضروا الاجتماع الذي عُقد عبر شبكة الإنترنت ،وكان الأول من نوعه تحت رعاية الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أداره بوتيرة رائعة وتعهد باتخاذ أكبر خطوة مناخية مقارنة مع ما اتخذته الإدارات الأمريكية السابقة، وهو ما تمثل في تعهده بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 50 في المائة على الأقل بحلول نهاية هذا العقد.
وأشارت الصحيفة إلى أن تعهد بايدن في هذا الشأن يعد تقدمًا كبيرًا ،فيما يتعلق بالالتزام الذي قطعه باراك أوباما، آخر رئيس للولايات المتحدة، أخذ مخاطر المناخ على محمل الجد، كما أنه يمثل استراحة مرحب بها بعد أربع سنوات اتسمت بالتقاعس عن العمل في ظل إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي كان ينكر العلم والأبحاث في جل قراراته وتصرفاته.
والأهم من ذلك، رأت الصحيفة أن هذه القمة أكدت أيضا حقيقة أن تحقيق الأهداف الأكثر أمانًا ،وتفعيلا لاتفاقية باريس للمناخ لعام 2015 يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة خلال هذا العقد، وليس بحلول عام 2100 أو حتى عام 2050.
وفي خلال فعاليات القمة، كشف رئيس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا والكندي جاستن ترودو ، عن أهداف مناخية جديدة ومحسنة لعام 2030، ووضعت المملكة المتحدة، التي تستضيف محادثات المناخ للأمم المتحدة COP26 لهذا العام، عشية القمة التزامًا جديدًا لخفض الانبعاثات بنسبة 78 في المائة بحلول عام 2035.
وقال الرئيس الصيني شي جين بينج إن الصين التي تعد أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، ستخفض تدريجياً من استخدامها للفحم في النصف الثاني من هذا العقد، بينما تعهدت كوريا الجنوبية بوقف تمويل مشاريع الفحم الخارجية الجديدة، حتى البرازيلي جايير بولسونارو، الذي تعهد ذات مرة في حملته الانتخابية بسحب بلاده من اتفاقية باريس للمناخ، بكر هدف بلاده في مجال خفض انبعاثات الكربون بمقدار 10 سنوات من 2060 إلى 2050.
وفي الوقت نفسه، أكدت الصحيفة أن اتفاقية باريس تستند إلى فهم مفاده ، أنه لا يمكن إجبار الدول على خفض انبعاثاتها، لكن الأمل يكمن في أن يتم دفع المتقاعسين في مجال المناخ إلى العمل من خلال الخطوات التي تتخذها دول أكثر طموحًا، لذلك، جعلت قمة بايدن هذه الفكرة حقيقة حيث كشفت بشكل صارخ عن العزلة المتزايدة لقادة مثل الأسترالي سكوت موريسون، الذي لم يضع هدفًا مناخيًا جديدًا ولم يحدد بعد موعدًا ثابتًا للوصول إلى صافي انبعاثات صفرية.
ومع ذلك، أفادت الصحيفة البريطانية أن القمة جاءت بعد أيام من تحذير وكالة الطاقة الدولية ، من أن العالم يسير على الطريق الصحيح لتحقيق ثاني أكبر زيادة في انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة في التاريخ هذا العام، ومثلما ارتفعت الانبعاثات بعد الأزمة المالية لعام 2008، من الواضح أن التعافي العالمي من الصدمة الاقتصادية المرتبطة بوباء فيروس كورونا المستجد في العام الماضي كان مدفوعًا بالوقود الأحفوري.
وحذرت الفاينانشيال تايمز، في ختام افتتاحيتها، بأن شيئا لن لن يتغير ما لم تحقق الحكومات العالمية أهدافها المناخية من خلال إجراءات قوية وملموسة، لاسيما وأنه حتى الآن، هناك القليل من الدلائل على حدوث ذلك في أي مكان في العالم.
ونوهت إلي إن هناك إجراءين على وجه الخصوص يجب اتخاذهما بشكل فوري، حيث يتعين على العالم وقف إعانات الوقود الأحفوري، ووضع سعر معقول على الكربون، كما يجب أن تُرحب الحكومات بمبادرات المناخ الخاصة بالشركات، مثل تلك التي كشفت عنها شركات أمازون ويونيليفر وغيرهما هذا الأسبوع لمعالجة إزالة الغابات.
المصدر : أ ش أ