انتقد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، سياسات المملكة المتحدة في مجال الطاقة ، واعتزامها زيادة ضريبة الأرباح غير المتوقعة على منتجي النفط والغاز في بحر الشمال .
ودعا ترامب حكومة كير ستارمر العمالية إلى “فتح بحر الشمال” وحثها على “التخلص من طواحين الهواء”.
وأعلنت الحكومة البريطانية أنها ستزيد ضريبة الأرباح غير المتوقعة على منتجي النفط والغاز في بحر الشمال من 35% إلى 38%، وتمدد الضريبة لمدة عام واحد. وتريد الحكومة استخدام العائدات من النفط والغاز لجمع الأموال لمشاريع الطاقة المتجددة.
ويعد بحر الشمال أحد أقدم أحواض النفط والغاز البحرية في العالم حيث انخفض الإنتاج بشكل مطرد منذ بداية الألفية. وفي الوقت نفسه، أصبح أحد أكبر مناطق الرياح البحرية في العالم.
وقالت صحيفة “فاينانشيال تايمز” إنه ليس من الواضح ما الدافع الذي جعل ترامب يتطرق إلى تلك المسألة في تدوينته، والتي تضمنت إحالة لوصلة نشطة لمقال نُشر في نوفمبر قالت فيه مؤسسة “إيه بي إيه”، المالكة لشركة “أباتشي” منتجة النفط الأمريكية، إنها تعتزم وقف عملياتها في بحر الشمال بحلول عام 2029، محذرة من أن ارتفاع الضرائب والتشريعات البيئية جعلتا تلك الأنشطة “غير اقتصادية”.
وقد أوقفت شركة “أباتشي” نفسها عمليات الاستخراج في بحر الشمال في يونيو 2023، قبل أن تتولى حكومة ستارمر زمام الحكم في يوليو الماضي.
اقتحام ترامب الرقمي بتدوينته على “تروث” يضعه على خلاف مع أحد السياسات الجوهرية التي ترتكز عليها حكومة حزب العمال البريطانية، الرامية إلى تحول المملكة المتحدة بعيداً عن نوعيات الوقود الأحفورية في السنوات المقبلة.
وتعكس التدوينة “إرادة” للرئيس الأمريكي القادم للتدخل في السياسات الداخلية للدول الأخرى، وهو ملمح رئيس له في عهدته الأولى في البيت الأبيض، وهو أمر قد يضر أكثر بالعلاقات مع المملكة المتحدة.
وجاء تدخل ترامب في أعقاب انتقادات متعدده تعرضت لها لحكومة ستارمر، على يد إيلون ماسك، رئيس شركة “تيسلا” والملياردير التكنولوجي الذي عينه ترامب ليشارك في قيادة وزارة جديدة لمكافحة الهدر في الولايات المتحدة.
وترى الصحيفة البريطانية أن تدوينات كلا الرجلين من المرجح لها أن تثير القلق داخل المملكة المتحدة بشأن احتمالية أن تصبح العلاقات الأمريكية- البريطانية صدامية عند تولي ترامب رسمياً عهدته الثانية كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية في الشهر الجاري.
وقد عين ستارمر الوزير العمالي السابق، لورد بيتر مانديلسون، سفيرا جديدا في واشنطن، بينما يعمل مع وزير خارجيته دافيد لامي، على صياغة روابط لندن مع ترامب وحلفائه.
ويعاني الاجماع السياسي في المملكة المتحدة حول التغير المناخي، حالة إنقسام، إذ يبدو حزب المحافظين- الذي قدم أهداف الانبعاثات الصفرية الملزمة لعام 2050 تحت قيادة تيريزا ماي- أكثر اقتراباً من نهج ترامب الموالي للوقود الأحفوري والمشجع له.
وقد التقت زعيمة حزب المحافظين، كيمي بادينوش، التي تصف نفسها بأنها “متشككة الصفر الصافي”، نائب الرئيس المنتحب، جيه دي فانس، في وقت حث فيه ماسك البريطانيين على التصويت لمصلحة نيجيل فاراج من “حزب الإصلاح” البريطاني، الذي أعلن أنه سوف يتخلص من أهداف الانبعاثات الصفرية.
ويرغب ترامب في تعزيز عمليات استخراج النفط الخام والغاز الطبيعي في الولايات المتحدة، وقال إنه سوف يوقف حزمة “قانون خفض التضخم” (آي آر إيه) التي تقدم أشكال متنوعة من الدعم للطاقة الخضراء.
وقالت حملته الانتخابية إنه يخطط للانسحاب من اتفاقية باريس الدولية 2015 التي تتعاطى مع التغيرات المناخية. وكان ترامب قد فعل ذلك فعلياً في نهاية عهدته الرئاسية السابقة في 2020، رغم أن الولايات المتحدة عادت لتنضم مجدداً تحت قيادة بايدن.
وتنصرف حكومة ستارمر بعيداً عن النفط والغاز باعتبارهما جزءاً مهما في أجندتها، مبرزة الأضرار المدمرة لاحتراق الوقود الأحفوري وتأثيراته على المناخ. وتخطط حكومة لندن لوقف إصدار رخص استكشاف النفط الخام والغاز الطبيعي، وزادت من معدلات الضرائب المفروضة على منتجي النفط والغاز.
وفي المقابل قدمت إدارة ستارمر دفعة قوية للطاقة المتجددة مثل توربينات الرياح ومزارع الطاقة الشمسية. وتود التخلص من المصادر الكربونية في منظومة الكهرباء بحلول 2030، كخطوة أولى نحو الهدف القانوني الملزم الأوسع نطاقا لتقليص انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عبر قطاعات الاقتصاد إلى صفر صافي بحلول عام 2050.
غير أن بعض النقاد تساءل عن الحكمة من وراء خنق الإنتاج المحلي من النفط الخام والغاز الطبيعي في وقت يبقى الاحتياج إلى كليهما ممتداً على مدار الـ25 عاماً التالية.
ورفضت رئاسة الوزراء في “داونينج ستريت” التعليق على تساؤلات “فاينانشيال تايمز”، لكن مسؤولين حكوميين أبرزوا الموقف الراسخ والمستمر لحزب العمال البريطاني ورؤيته حيال سياسات الطاقة في البلاد.
المصدر: أ ش أ