أكد الكاتب البريطاني جديون راشمان، كبير معلقي الشؤون الخارجية في صحيفة /فاينانشيال تايمز/ البريطانية، إن الصين بمقدورها الاضطلاع بدور حاسم في إنهاء الحرب في أوكرانيا، وأنه رغم كون الصين حليفة لروسيا، فإن الصراع الذي طال أمده أصبح عبئا إستراتيجيا على بكين.
وقال راشمان، في مقال رأي بالصحيفة، إنه في الوقت الحالي، تتركز كل الأنظار على الهجوم المضاد الأوكراني الذي طال انتظاره – والذي من المرجح أن يبدأ قريبا. لكن هناك أيضا تطورات مهمة على الجبهة الدبلوماسية، ففي الأسبوع الماضي، أجرى الرئيس الصيني شي جين بينج اتصالا مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وأوضح راشمان أنه أثناء زيارة قام بها مؤخرا إلى كييف، فوجئ بالترقب المتلهف – في كل من مكتب الرئيس الأوكراني ووزارة الخارجية- لتلك المحادثة مع الزعيم الصيني. والآن تم بالفعل الاتصال بين شي وزيلينسكي أخيرا، ووفقا للرئيس الأوكراني، كانت المكالمة “طويلة وذات مغزى”. وأعلنت بكين في وقت لاحق أنها ستعين مبعوثا للعمل من أجل التوصل إلى تسوية سلمية.
وأضاف أن هناك أسبابا واضحة للقلق من الجهود الدبلوماسية للصين، فشدد شي مرارا على احترامه لـ”صديقه العزيز” فلاديمير بوتين. كما كانت خطة السلام الصينية الخاصة بأوكرانيا، التي صدرت في وقت سابق من هذا العام، غامضة ولم تدع إلى انسحاب القوات الروسية. وحتى لو كانت الصين جادة، فسيكون من الصعب للغاية سد الفجوة بين كييف وموسكو.
ومع ذلك، أكد راشمان أنه من الخطأ رفض فكرة أن الصين يمكن أن تلعب دورا كبيرا في إنهاء هذا الصراع الوحشي. ولأسباب مختلفة، لدى أوكرانيا وروسيا والولايات المتحدة وأوروبا والصين نفسها مصلحة محتملة في مشاركة بكين.
وكتب راشمان أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تعتقد أن هناك احتمال ضئيل للغاية لممارسة الصين ضغوطا ذات مغزى على روسيا، ولا يزال بعض كبار المسؤولين يخشون أن تذهب بكين في الاتجاه المعاكس وتزود روسيا بالأسلحة. لكن الأوكرانيين أكثر تفاؤلا، فقد اعتقدوا أنهم رأوا علامات حقيقية على التوتر بين بوتين وشي خلال زيارة الرئيس الصيني الأخيرة لموسكو- بل وزعموا لي أن شي اختصر زيارته.
وقال راشمان إن الصين أمضت عقودا تحاول بناء نفوذها في أوروبا. لكن شراكتها المزعومة “بلا حدود” مع روسيا أقنعت العديد من الأوروبيين بأن بكين تشكل الآن تهديدا كذلك.
ورأي أن أفضل طريقة لبكين لإعادة بناء سمعتها في أوروبا هي أن تلعب دورا واضحا وإيجابيا في إنهاء الحرب. وهذا النوع من التحرك سيكون له أيضا تأثير عالمي: دعم رواية شي المفضلة بأن القوة الأمريكية في تراجع وأن الصين قوة من أجل السلام.
وأضاف راشمان أن هناك بالتأكيد دليل على أن بكين تميل تدريجيا نحو صناعة السلام، مشيرا إلى أن الصين تنعم بالدعاية الإيجابية التي اكتسبتها من دورها في تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، وترأس الصينيون مؤخرا مؤتمرا في سمرقند حول السلام في أفغانستان، حتى أن بكين تحدثت عن التوسط في عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية.
وكتب راشمان في مقاله أنه بالنظر إلى التنافس المتزايد باستمرار بين واشنطن وبكين، قد يصبح من المتوقع أن تنظر الولايات المتحدة نظرة قاتمة إلى مشاركة الصين في أوكرانيا. ولكن بعد بعض النقاش الداخلي، قررت إدارة بايدن عدم استبعاد مبادرة السلام الصينية تماما، بل محاولة تشكيلها بدلا من ذلك.
وأوضح أن الأمريكيين يتفهمون مخاطر الظهور بمظهر “ضد السلام”. لكن الأمر ليس هذا فقط، فالولايات المتحدة حريصة بشكل متزايد على إيجاد طريقة لإنهاء الحرب في أوكرانيا إذ تدرك واشنطن أنه كلما طال الصراع، سيكون من الصعب الحفاظ على الإجماع الغربي على ضخ مساعدات العسكرية واقتصادية بالمليارات في أوكرانيا.
وقال راشمان إن الرأي السائد في واشنطن، وفي العديد من العواصم الأوروبية، هو أنه يجب منح الأوكرانيين أكبر قدر ممكن من الدعم قبل هجومهم المضاد. والهدف الأوكراني هو تحقيق هذا النصر الحاسم، لكن هذه قصة طويلة الأمد. والنتيجة الأكثر ترجيحا هي أن أوكرانيا ستعزز يدها في ساحة المعركة، قبل محادثات السلام.
المصدر : أ ش أ