قالت صحيفة الفاينانشيال تايمز ومقال كتبته نجمة بوزورغمهر بعنوان “المحادثات النووية الإيرانية تزيد من حدة الصراع الداخلي على السلطة”.
تقول الصحيفة إن آية الله علي خامنئي اعتاد ارتداء وشاح أبيض عليه خطوط سوداء فقط في المناسبات الخاصة، العسكرية بشكل أساسي، مثل زيارات جبهات الحرب مع العراق في الثمانينيات، لكن منذ عام 2000، أصبح من النادر مشاهدة المرشد الأعلى، أعلى سلطة في البلاد لأكثر من 30 عاما، في العلن دون أن يكون مرتديا الوشاح على كتفيه.
ومنذ فوز الرئيس الإصلاحي، محمد خاتمي بالرئاسة عام 1997، ووعوده بالتطور السياسي في الداخل والانفتاح على الغرب، أصبح الوشاح رمزا خارجيا للمقاومة في عقول الإيرانيين – دفاع حازم عن الأيديولوجية الإسلامية في الداخل والخارج تغطي كل شيء من برنامجها النووي إلى السياسات الإقليمية والعسكرية والعلاقات مع الغرب.
تشير الصحيفة إلى أن العقوبات التي فرضت على إيران كلفت الاقتصاد 200 مليار دولار على الأقل، وفقا للمسؤولين، وألحقت الأذى بالإيرانيين العاديين، لكن النظام – على الأقل عناصره المتشددة – أسهم من نواح كثيرة في البقاء تحت سياسة “الضغط الأقصى” لإدارة دونالد ترامب دون انهيار النظام على الرغم من تدفق ملايين المتظاهرين إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة.
وبعد سحب ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي عام 2018، الذي كبح طموحات طهران النووية، ترى الكاتبة أن إيران امتثلت للاتفاق، لكن واشنطن اتهمتها بانتهاك “روح” الاتفاق من خلال سياساتها الإقليمية والعسكرية، ما أدى إلى فرض مزيد من العقوبات أثارت شكوك إيران بأن الولايات المتحدة تريد تغيير النظام في طهران.
تبع ذلك، بحسب الصحيفة، سلسلة من الهجمات العسكرية المتبادلة. فقد أسقطت إيران طائرة أمريكية بدون طيار بزعم أنها عبرت مجالها الجوي، ووجهت ضربة صاروخية لقاعدة عسكرية أمريكية في العراق العام الماضي ردا على اغتيال الولايات المتحدة قاسم سليماني، القائد البارز بالحرس الثوري الإيراني.
تنقل الصحيفة عن أحد أقرباء آية الله خامنئي قوله “سيظل يرتدي الوشاح طالما أنه يعتقد أن الجمهورية الإسلامية مهددة من خلال إصلاحات جذرية، لإظهار أنه لن يتنازل عن المبادئ….ولن يسمح للولايات المتحدة وإسرائيل والإصلاحيين بدفع إيران إلى الوراء في المنطقة مرة أخرى، أو تقويض برنامج الصواريخ الباليستية أو التشكيك في سلطته المطلقة”.
ومع انضمام إيران الأسبوع الماضي إلى محادثات فيينا مع الموقعين الآخرين على الاتفاقية النووية – الاتحاد الأوروبي وألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وروسيا والصين – بشأن مستقبل الاتفاقية، رفضت إيران فرصة التحدث مباشرة إلى الولايات المتحدة، وهو مايجعل فرص تحقيق إنجاز دائم تبدو بعيدة.
وزادت الشكوك لدى الجانبين بعد الهجوم السيبراني الذي تعرضت له منشأة نطنز النووية الإيرانية الأحد الماضي، مادفعها إلى إعلان خطة لزيادة كمية اليورانيوم المخصب ورفع درجة تخصيبه لتصل إلى 60 المئة.
ترى الصحيفة أن دخول بايدن البيت الأبيض أدى إلى تعقيد الأمور. وتقول “يريد الرئيس الأمريكي استئناف الاتفاق النووي بشرط كبح برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وسياسات إيران الإقليمية التوسعية. لكن طهران تريد رفع العقوبات أولا”.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الإيرانية في 18 يونيو، يخشى الإصلاحيون أن يهيمن المتشددون عليها. إذ يمكن لمثل هذه النتيجة أن تحد من مجال التفاوض بشأن الاتفاق النووي بعد الانتخابات.
ويخشى المعسكر الإصلاحي، كما توضح الصحيفة، من أن تغذي حكومة متشددة في طهران وجهات نظر متشددة في واشنطن، وكذلك قوى إقليمية مثل إسرائيل والمملكة العربية السعودية، ما قد يعني المزيد من الضغط الاقتصادي على إيران.
تشير الصحيفة إلى أن المتشددين يقولون إن بإمكانهم مواصلة المحادثات ولكن كيف ذلك وهم يرفضون الجلوس على طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة، يتساءل الإصلاحيون.
تقول الصحيفة إن المحللين يعتقدون أن آية الله خامنئي خلص إلى أن المشاركة المنخفضة بشكل محرج في التصويت، أي أقل من 50 بالمئه، ستضر بمصداقية نظامه في الداخل والمفاوضين الإيرانيين في أي محادثات مع الولايات المتحدة. فقد وصف في خطاب عام في مارس، الانتخابات بأنها “استثمار” للمستقبل. وأضاف أنه “كلما زاد الإقبال، زادت الفوائد” التي ستعود على الدولة ككل في جهودها لـ “إبعاد العدو”.
المصدر: وكالات