ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرضت قيودا مشددة على الشركات الأمريكية العاملة مع شركة أشباه الموصِلات الصينية (فوجيان جينهوا)، في موجة جديدة من الحرب التجارية بين واشنطن وبكين.
ووفقا للصحيفة، أشارت وزارة التجارة الأمريكية إلى وكالة الأمن القومي الأمريكي عندما أعلنت عن تلك الخطوة أمس الاثنين، في أحدث مؤشر على القلق في واشنطن بشأن تطوير الصين للتكنولوجيات الحساسة.
ويطالب المسؤولون الأمريكيون الصين بالتخلي عن ممارسات مثل نقل التكنولوجيا القسري وسرقة الملكية الفكرية، مقابل رفع التعريفات الجمركية على 250 مليار دولار من الواردات الصينية التي فرضت في وقت سابق من هذا العام.
لكن الصحيفة لفتت إلى عدم وجود أي مؤشرات على حدوث انفراجة قبل اجتماع من المقرر عقده في أواخر نوفمبر المقبل بين الرئيس الصيني شي جين بينج، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب، على هامش اجتماع مجموعة العشرين في الأرجنتين.
وفي بيان، قالت وزارة التجارة الأمريكية إن شركة فوجيان جينهوا “اقتربت من إتمام القدرة الإنتاجية الكبيرة للدوائر المتكاملة للذاكرة العشوائية الديناميكية”، وأضافت أن “الإنتاج الإضافي” -الذي ربما يكون مستمدًا من “تكنولوجيا أمريكية الأصل”- يهدد “الجدوى الاقتصادية” لموردي الجيش الأمريكي.
وقال وزير التجارة الأمريكي ويلبر روس “عندما تشارك شركة أجنبية في نشاط يتعارض مع مصالح أمننا القومي، سنتخذ إجراءات قوية لحمايته”.
وقد تم وضع فوجيان جينهوا على “قائمة الكيانات” التابعة للوائح إدارة التصدير الأمريكية، وهذا يعني أن الترخيص سيكون مطلوبًا لجميع “الصادرات، وإعادة التصدير، ونقل السلع والبرامج والتكنولوجيا” إلى الشركة الصينية، وقالت وزارة التجارة الأمريكية إن الطلبات “ستتم مراجعتها مع افتراضية الرفض”.
ولم ترد (فوجيان جينهوا) على طلب الصحيفة للتعليق.
وتخوض الشركة الصينية نزاعًا قانونيًا مع شركة ميكرون، صانعة الرقائق الأمريكية التي اتهمتها بسرقة تقنيتها، ووفقًا للائحة اتهام في محكمة بتايوان، ترك مهندسان كانا يعملان لدى “ريكس شيب”، صانع رقائق الذاكرة الذي استحوذت عليه ميكرون في عام 2013، الشركة في عام 2015 للانضمام إلى شركة “يونايتد مايكرو الكترونيكس”، وهي واحدة من أكبر شركات تصنيع الرقاقات في تايوان ووقعت اتفاق تعاون مع “فوجيان جينهوا” في عام 2016.
وتدعي ميكرون أن المهندسين أخذا تقنية ميكرون إلى “يونايتد مايكرو الكترونيكس” ومن ثم سلموها إلى شركة “فوجيان جينهوا”، وقد نفت الشركتان الادعاء.
ووفقا للصحيفة، يعد الإجراء المتخذ ضد فوجيان جينهوا أحدث استخدام لواشنطن لأدوات مراقبة الصادرات ضد الشركات والمؤسسات الصينية المتهمة بسرقة التكنولوجيا الغربية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة الأمريكية بمراجعة الإجراءات المتاحة لديها، وتسعى إلى إيجاد أدوات لاحتواء استحواذ الصين على تكنولوجيا قد تتحدى القيادة الاقتصادية والعسكرية الأمريكية.
ولطالما أعربت الشركات الأمريكية والمسؤولون الأمريكيون عن استيائهم الشديد من مساعي الصين نحو بناء مراكزها التكنولوجية الخاصة للتنافس مع وادي السيليكون.
وقد تلقت الشركات المصنعة للرقائق الصينية المليارات من الدعم الحكومي في إطار برنامج صنع في الصين 2025، وهي مبادرة تهدف إلى جعل الدولة رائدة عالمية في الصناعات التكنولوجية بدءا من السيارات الإلكترونية وحتى الروبوتات.
وحشدت بكين أموالا ضخمة لرأس المال الاستثماري لاحتضان أبطال محليين في هذه القطاعات الإستراتيجية، بما في ذلك صندوق تديره الدولة بقيمة 139 مليار روبية (20 مليار دولار) يستهدف بشكل محدد قطاع أشباه الموصِلات.
وتعد حكومة مقاطعة فوجيان من الداعمين الرئيسيين لـ فوجيان جينهوا، ما ساعد الشركة على توسيع مصانعها في الساحل الجنوبي الشرقي للصين.
وتأسست الشركة من جانب شركة مملوكة للدولة تركز على الإلكترونيات، وتتخصص في ذاكرات الوصول العشوائي، وهو نوع من شرائح الذاكرة الشائعة في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر التي تسمح للأجهزة بالوصول بسرعة إلى المعلومات المخزنة.
وتقوم ببناء مصنع للرقائق الدقيقة بتكلفة 7ر5 مليار دولار في جينجيانج، وهي مدينة في مقاطعة فوجيان الشرقية، ستكون أكبر منشأة في الصين. وبدأت المرحلة الأولى من المصنع على الإنترنت في شهر سبتمبر الماضي، وتم تصميمها لإنتاج رقائق ذاكرة بقيمة 6ر1 مليار دولار سنويًا، وفقًا لوسائل الإعلام الحكومية الصينية.
وكتبت فوجيان جينهوا على موقع الشركة على شبكة الإنترنت “تعتبر الشركة أن من واجبها تحقيق التصنيع المحلي لرقائق الدوائر المتكاملة”، وقال مدراء بالشركة لوسائل الإعلام الحكومية إنهم يتطلعون إلى بيع رقائقهم إلى شركات تصنيع الهواتف المحمولة المحلية.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)