تستضيف العاصمة الإماراتية أبو ظبي اليوم الاثنين الدورة الـ 12 للقمة العالمية لطاقة المستقبل 2019 والتي تستمر حتى يوم الخميس المقبل، وتعد إحدى الفعاليات الرئيسية لـ “أسبوع أبوظبي للاستدامة”، وتمثل منصة رائدة تجمع نخبة الخبراء والمختصين لمناقشة أمن ومستقبل الطاقة وتبادل الأفكار وأفضل الممارسات واستكشاف فرص الاستثمار المتنامية في قطاع الطاقة النظيفة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، باعتبارها من الأسواق الواعدة للطاقة المتجددة في العالم.
وقال سعيد محمد الطاير العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي إن هذه الرعاية تنسجم مع جهود الهيئة لتعزيز ريادة الإمارات في الاستثمار في الطاقة المتجددة من خلال مبادراتنا ومشروعاتنا التي تدعم استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 التي تهدف إلى إنتاج 75% من إجمالي الطاقة في دبي من مصادر الطاقة النظيفة، وتتكامل جهودنا المشتركة لتطوير حلول مبتكرة في مجال الطاقة تسهم في بناء مستقبل مستدام لأجيالنا القادمة.
وأضاف الطاير أن الهيئة سوف تعرض، خلال مشاركتها في القمة، عدداً من مشروعاتها ومبادراتها في مجال الطاقة المتجددة والنظيفة أبرزها مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، الذي يعد أكبر مشروعات الطاقة الشمسية على مستوى العالم في موقع واحد بطاقة إنتاجية تصل إلى 5000 ميجاوات بحلول عام 2030 وباستثمارات تصل إلى 50 مليار درهم، مبادرة “شمس دبي” لربط الطاقة الشمسية في المنازل والمباني بشبكة الهيئة، و”الشاحن الأخضر” لإنشاء البنية التحتية ومحطات شحن السيارات الكهربائية.
كما تعرض الهيئة نموذجاً لمبناها الرئيسي الجديد الذي يحمل اسم “الشراع” وسيكون أطول وأكبر وأذكى مبنى حكومي صفري للطاقة في العالم، نموذجًا لمحطة الشبكة الذكية، وآخر لمشروع جزيرة تخزين الطاقة في الخليج العربي بتقنية الضخ والتخزين لمياه البحر.
يشارك ضمن منصة الهيئة رقم (5130) في القاعة رقم 5 (قاعة الطاقة) في مركز أبوظبي الوطني للمعارض كل من المجلس الأعلى للطاقة في دبي، مؤسسة سقيا الإمارات تحت مظلة مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، عدد من المؤسسات والشركات التابعة للهيئة بما في ذلك مركز دبي المتميز لضبط الكربون (كربون دبي) ومنصة “مورو” التي تقدم خدمات مراكز إدارة البيانات والحلول التجارية للشركات الحكومية والخاصة في الإمارات والمنطقة ومؤسسة الإمارات لأنظمة التبريد المركزي (إمباور) وشركة إنوجي العالمية – الشرق الأوسط و”ماي دبي” وشركة الاتحاد لخدمات الطاقة (اتحاد إسكو).
وتقود الشركات المملوكة لحكومة أبوظبي استثمارات عالمية واسعة في مجال الطاقة المتجددة، وهي تملك اليوم أكبر محطة عالمية للطاقة الشمسية، هي محطة شمس1، التي تنتج لوحدها 10% من الطاقة الشمسية المنتجة في العالم، وتقوم شركة مصدر بإدارة المشاريع الرامية إلى تحقيق رؤية إمارة أبوظبي لسد 7% من حاجاتها للطاقة من خلال مصادر متجددة بحلول عام 2020، إضافة إلى عشرات المشاريع في أنحاء العالم، وأعلنت هذا الأسبوع أنها ستبني محطة لتوليد الطاقة من الرياح بقدرة 50 ميجاوات وبتكلفة تصل إلى 125 مليون دولار في سلطنة عمان، وستوفر المحطة الطاقة النظيفة لحوالى 16 ألف منزل وهي الأولى من نوعها في مجلس التعاون الخليجي، وستجنب البيئة انبعاث 110 آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا.
كما أبرمت الشهر الماضي شراكة مع مجموعة شتات أويل النرويجية لبناء محطة لطاقة الرياح في المياه البريطانية، كما أنها تملك أيضاً 20% من مشروع مصفوفة لندن أراي التي تبلغ طاقة إنتاجها نحو 630 ميجاوات، وهو أكبر مشروع في العالم لإنتاج الطاقة من الرياح في البحر، وتتعاون أبوظبي مع معظم المؤسسات العالمية، خاصة المعنية بالطاقة لمواجهة التحديات البيئية وتوفير طاقة نظيفة ومستدامة لجميع سكان العالم.
وكشف تقرير “المؤشرات التنظيمية للطاقة المستدامة 2018” الصادر عن البنك الدولي، والذي يرسم مدى التقدم العالمي في سياسات الطاقة المستدامة، ارتفاع عدد البلدان التي لديها أطر قوية لسياسات الطاقة المستدامة لأكثر من 3 أمثاله – من 17 إلى 59 بلداً – وذلك بين عامي 2010 و2017، كما حسن العديد من أكبر البلدان المستهلكة للطاقة في العالم تحسينا كبيرا للوائح الطاقة المتجددة منذ عام 2010، وكان التقدم أكثر وضوحاً في كفاءة الطاقة، حيث زادت نسبة البلدان التي وضعت أطرا متقدمة للسياسات أكثر من 10 أمثالها بين عامي 2010 و2017، ومن البلدان التي يعيش فيها عدد كبير من السكان بدون كهرباء، وضع 75% بحلول عام 2017 السياسات واللوائح اللازمة للتوسع في الحصول على الطاقة، ولكن كما يوضح التقرير، هناك عوائق كبيرة أمام التقدم العالمي في مجال الطاقة المستدامة، ففي حين تستمر البلدان المعنية في التركيز على سياسات الطاقة النظيفة للكهرباء، لا تزال تتغاضى عن السياسات الرامية إلى إزالة الكربون عن عمليات التدفئة والنقل – التي تمثل 80% من استخدام الطاقة العالمي.
ويقيس التقرير مدى تقدم السياسة العامة في 133 بلدا في مجالات الطاقة المتجددة، كفاءة الطاقة، الحصول على الكهرباء، الحصول على وسائل الطهي النظيف – وهي المقاصد الأربعة للهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة، والتي تدعو إلى وصول الجميع إلى طاقة ميسورة التكلفة منتظمة ومستدامة وحديثة بحلول عام 2030.
وفي معرض التعقيب على التقرير، قال ريكاردو بوليتي المدير الأول للطاقة والصناعات الاستخراجية في البنك الدولي، إن السياسة العامة لها أهميتها، ويؤكد تقرير المؤشرات التنظيمية للطاقة المستدامة 2018 الأرقام التي توضح أن السياسة العامة هي مؤشر رئيسي على انتقال العالم إلى الطاقة المستدامة… لكن التقرير يحتوي أيضا على تحذير ، بدون اعتماد سياسات رشيدة بوتيرة سريعة وإنفاذها بقوة، فإن أهداف العالم المناخية والهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة معرضة للخطر، لقد كان هذا الزخم ملحوظاً بشكل خاص في الطاقة المتجددة، ومن بين البلدان التي يغطيها التقرير، كان 37% فقط لديها هدف وطني للطاقة المتجددة في عام 2010، لكن في عام 2017، قفزت تلك النسبة إلى 93%، وبحلول عام 2017، كان لدى 84% من البلدان إطار قانوني لدعم انتشار الطاقة المتجددة، في حين سمح 95% منها للقطاع الخاص بتملك وتشغيل مشاريع الطاقة المتجددة.
وخلال الفترة ذاتها، ارتفعت نسبة البلدان التي وضعت تشريعات وطنية بشأن كفاءة الطاقة من 25% إلى 89%، وفي البلدان التي تعاني من عجز في الحصول على الكهرباء، يوجه صانعو السياسة اهتمامهم على نحوٍ متزايد إلى حلول خارج الشبكة الموحدة لسد الفجوة، وارتفعت نسبة البلدان المنخفضة الدخل التي تعتمد تدابير لدعم الشبكات الصغيرة وأنظمة الطاقة الشمسية المنزلية من حوالي 15% عام 2010 إلى 70% عام 2017، ولكن في هذه البلدان نفسها، فإن الوضع المالي المتدهور للمرافق الوطنية يعرض هذا التقدم للخطر، ومن بين البلدان ذات القدرة المنخفضة على الحصول على الطاقة، انخفض عدد المرافق التي تستوفي معايير الجدارة الائتمانية الأساسية من 63% عام 2012 إلى 37% عام 2016.
وأوضح أن من بين المقاصد الأربعة للهدف 7 من أهداف التنمية المستدامة، لا يزال الطهي النظيف هو الأكثر تجاهلاً وتمويلاً من جانب صانعي السياسة العامة، وفي حين أن التقرير يحدد بعض التطور في أطر السياسات منذ عام 2010، لم يتحقق سوى تقدم ضئيل في وضع المعايير الخاصة بمواقد الطهي أو حوافز المستهلكين والمنتجين لتحفيز تبني التكنولوجيات النظيفة.
وأضاف بوليتي، أن هناك فرصة كبيرة الآن كي تتعلم البلدان بعضها من بعض لتسريع وتيرة استيعاب السياسات الرشيدة، على سبيل المثال، ماذا فعلت كينيا للتوسع في الحصول على الكهرباء بهذه السرعة؟ كيف قامت الهند بتنظيم مزادات الطاقة المتجددة لتوليد الطاقة الشمسية بأسعار قياسية في الانخفاض؟ وفي الوقت نفسه، نحتاج إلى إجراءات عاجلة لمعالجة الفجوات الحرجة، مثل قصور المرافق والطهي النظيف، وبطء التقدم في إزالة الكربون من عمليات التدفئة والنقل.
وتظهر تقديرات المفوضية الأوروبية أن هناك حاجة لاستثمار نحو 177 مليار يورو و201 مليار دولار ما بين عامي 2021 و2030 في الطاقة النظيفة وغيرها من تدابير الحفاظ على متوسط الزيادة في درجات الحرارة العالمية دون درجتين مئويتين على النحو المتفق عليه دولياً.
وبدوره، قال ثوماس هيرشي المدير التنفيذي لقطاع البنوك والتأمين في سوق أبوظبي العالمي، إن إطلاق النسخة الأولى من ملتقى أبوظبي للتمويل المستدام يأتي ضمن فعاليات القمة العالمية لطاقة المستقبل بهدف جمع المبتكرين ومزودي الخدمات والمستثمرين ومهنيي القطاع تحت سقف واحد مما يعزز الشراكات الاستراتيجية فيما بينهم وكذلك تطوير الحلول المبتكرة.
وأضاف هيرشي، أن هدف سوق أبوظبي العالمي طويل الأمد يتمثل في توفير منصة تضم مختلف الأطراف المشاركة لتعزيز فرصهم الاستثمارية وتطوير رأس المال لديهم وكذلك مواجهة مختلف المخاطر المحتملة بالإضافة إلى تعزيز العائدات في سياق التمويل المستدام، وأوضح أن النسخة الأولى من ملتقى أبوظبي للتمويل المستدام ستشهد حضور نخبة متميزة من كبريات المؤسسات الاستثمارية العالمية والهيئات التشريعية والأطراف الأساسية المؤثرة لمناقشة المشاريع المحتملة وفقاً لأربعة محاور محددة للتمويل المستدام وهي دمج الاستدامة في إطار العمل التنظيمي لسوق أبوظبي العالمي وبناء تعاون أقوى بين أصحاب المصلحة المحليين والدوليين وترسيخ التواصل والمعرفة والتوعية حول التمويل المستدام بصورة أكبر وإنشاء منصة تمويل مستدامة قوية لسوق أبوظبي العالمي.
وأكد أن سوق أبوظبي العالمي والقمة العالمية لطاقة المستقبل سيعملان سوياً خلال هذا الملتقى لتحقيق شراكات جديدة تعود بالنفع على القطاع بشكل مجد وفعال، مشيراً إلى أن الملتقى – الذي يقام تحت شعار “حشد رأس المال من أجل الاستثمار المستدام والنمو الاقتصادي” – سيقدم خريطة طريق سوق أبوظبي العالمي للتمويل المستدام والتي تهدف إلى تعزيز تدفقات رأس المال نحو الاستثمارات المستدامة طويلة الأجل في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)