يبدو أن المشهد الليبي على موعد قريب مع تطورات استرتيجية ، تدفع أمامها بالتساؤل: هل تتحرك القوافل من دمشق إلى طرابلس ؟ ولماذا عادت تركيا إلى ليبيا في هذا التوقيت؟ وما هي نوايا “حلف الناتو” بالعودة مرة أخرى ليلعب دورا داخل المشهد الليبي؟!
هواجس النوايا الغربية، والعودة التركية، تخيم على المشهد الليبي، بحسب تعبير السياسي الليبي، علي منصور، في تحليله للغد، ومنذ إعلان الأمين العام للحلف الاطلسي، يانيس ستولنبرغ، إثر التقائه بمقر الحلف بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، باستعداد حلف الناتو بناء قدرات دفاعية ليبية متكاملة وإنشاء وزارة دفاع عصرية، واستحداث هيئة أركان متطورة، عندما يحصل الناتو على طلب ليبي رسمي بذلك، وكأن الحلف لا ينتظر غير دعوة ليبية رسمية للعبور الى داخل البلاد.
وقال “منصور” إن الشعب الليبي، بمختلف توجهاته وفصائله، لديه موقف ثابت من “الناتو” بعد تدخله المريب وتدمير الوطن، بزعم دعم الانتفاضة الليبية ضد نظام القذافي، وفي حقيقة الأمر كان التدخل بهدف “توزيع الغنائم ” النفطية بين دول الحلف، وأصبحت الساحة الليبية مستباحة من قوات وطيران “الناتو” وهو الآن يسعى للعودة ليس حلا للأزمة ، بل إعادة ترتيب الأوراق وفقا للمصالح الغربية، بينما الحل بيد أبناء ليبيا، لو تم التوافق بروح وطنية على انقاذ الوطن.
وأوضح المسؤول السياسي الليبي، في تصريحات تليفزيونية ، أنه لا أحد في ليبيا، يستطيع أن يغامر بالموافقة على عودة “الناتو” و لا حتى “السراج” يستطيع توجيه دعوة علنية للناتو لتسجيل حضور رسمي في ليبيا، فقد يكون ذلك بمثابة الانتحار السياسي، لأنها خطوة غير مباشرة لتدويل الأزمة الليبية.. ولكن النوايا قائمة بالعودة، بزعم مكافحة الإرهاب ومطاردة تنظيم “داعش” وهو ما أشار إليه الامين العام للحلف الاطلسي، بأن «الناتو» كان شريكا في معركة سرت، قائلا وبصراحة مكشوفة : “الوضع الأمني في ليبيا سجل تقدما مهما في محاربة الإرهاب، لا سيما من خلال نجاحنا في إخراج تنظيم داعش من مدينة سرت”
وحذر “منصور” من أن تدخلات القوى الاقليمية والدولية، ستكون سببا في تعقيد المشهد الليبي، وليس حلا للأزمة !
كان “يانيس ستولنبرغ” واضحا في استعراض أهداف الحلف في ليبيا، وأولها المشاركة في تدريب خفر السواحل في المياه الليبية من جانب قوات الاتحاد الأوروبي ضمن ما يعرف بعملية صوفيا في البحر المتوسط ،والاشراف على بناء قدرات دفاعية ليبية متكاملة، وانشاء وزارة دفاع عصرية، وهي أهداف مهمة في ظاهرها وبدونها لا يمكن لليبيا الخلاص من قيود الشبكات الارهابية المسلحة التي تتناحر على ترابها، ولكنها في باطنها لا تخفي حسابات «الناتو» الأمنية في المتوسط وإصراره على ان تكون ليبيا ودول شمال المتوسط “شرطيا أمينا “على مصالحه وجدارا عازلا يمنع وصول جيوش المهاجرين من العبور الى أوروبا..
وفي نفس الوقت تحيط التساؤلات بالقرار التركي، إعادة فتح سفارة أنقرة في ليبيا بعد غياب استمر ثلاث سنوات ؟ وفي توقيت مثير للشبهات ، حيث تخوضتركيا معركة معقدة ضد الارهاب وتواجه مسؤولية خياراتها في الملف السوري، مما يؤكد أن الطموحات التركية في ليبيا كبيرة وهي طموحات ليست بالجديدة، والسلطات التركية لا تخفيها بل هي تتطلع الى دور أكبر في فرض الحل السياسي في هذا البلد.
الشكوك الليبية من عودة تركيا، ترجع إلى أسباب كثيرة، من بينها أن أنقرة فتحت أبوابها لاحتضان أبرز قيادات التيار الإسلامي، وبينهم المفتي الليبي السابق الصادق الغرياني، وعبد الكريم بلحاج، وعبد الوهاب القايد
يذكر أن الانسحاب التركي من ليبيا جاء بعد اعلان الخطوط التركية تعليق رحلاتها الى طرابلس في أعقاب بيان نسب الى سلاح الجو الليبي تضمن تهديدا بإسقاط كل طائرة مدنية أو عسكرية تركية تحلق في المجال الجوي الليبي، وهذه التهديدات سبقتها تحذيرات ليبية من التدخل التركي في الشأن الليبي في حينه..
التحليلات السياسية، وفقا لتقرير صحيفة الحياة اللندنية، تشير إلى التحولات الاقليمية في المنطقة، وأن تطورات المشهد السوري حركت تركيا في ليبيا، خاصة وأن الجهود المعلنة لعقد قمة ثلاثية تجمع تونس ومصر والجزائر حول الازمة الليبية دفعت الى استنفار انقرة وإرسال مؤشرات للجماعات الاسلامية في ليبيا بعدم تخليها عنهم وتعزيز مواقعهم؟
والارجح أن تركيا لها حساباتها ومصالحها، في فرض موقع لها في أي تسوية سياسية يتم التوصل اليه في ليبيا.. فتركيا التي يحسب لها أنها كانت أول من بادر الى تعيين سفير لها في طرابلس بعد سقوط نظام القذافي قبل ست سنوات ربما استشعرت تحركات دول الجوار الليبي ومن هنا حرصت على استباق الاحداث لتكون ضمن ابرز الحاضرين والمبكرين للفوز بعقود النفط وعقود اعادة الاعمار التي يبدو أنها باتت جاهزة..
وربط خبراء ومحللون، بين تحرك زعيم حركة النهضة التونسية “الإخوانية” راشد الغنوشي، لتقريب المواقف الليبية – الليبية، ومحاولات التأثير على اخوان ليبيا «للتطبيع» مع التحولات المتسارعة في العالم، وبين عودة تركيا الى المشهد الليبي، خاصة وأن العلاقات بين انقرة وحركة النهضة علاقات متينة.
المصدر: وكالات