سيظل يوم الأول من شهر مايو من كل عام والذي يوافق “عيد العمال” في مصر والعالم، رمزا يجسد احترام الدولة وتقديرها لما يقدمه العمال من عطاء في شتى ميادين الإنتاج، ويؤكد الدور الكبير الذي يقوم به العمال في دفع مسيرة البناء والتطوير، والمساهمة في رفعة الوطن، كما سيظل شاهدا على تقدير القيادة السياسية للعامل المصري باعتباره ثروة الوطن الحقيقية، ومحور التنمية وقاعدة الانطلاق نحو مستقبل أفضل.
احتفال مصر والعالم بـ”عيد العمال” هذا العام يأتي وقد خيمت فيروس كورونا على العالم، وألقت بظلالها الكثيفة على كافة مناسباته، بما فرضته من قيود وإجراءات احترازية، واضعة العالم بأسره أمام تحديات اقتصادية وصحية متشابهة، فتحت وطأتها فقد الكثيرون أعمالهم ومصدر رزقهم، فيما زجت بفئة أخرى للعمل دون كلل لتجاوز تداعياتها، والخروج في أقرب وقت ممكن من أزمتها.
مصريون أعلوا قيمة العمل في شتى المجالات، على الخوف من إصابتهم بفيروس كورونا، من منطلق حرصهم على استمرار حركة البناء والإنتاج والتنمية، والمساهمة في إرساء قواعد وطن طابعه الكفاح الشريف والنية المخلصة، وللحفاظ على الإنجازات المتلاحقة والمشروعات العملاقة التي تحققت في مصر على مدار السنوات الأخيرة، لا سيما في مجالات البنية الأساسية والتجمعات العمرانية الجديدة والطاقة وغيرها من المجالات.
في مصر عمال يعملون في بيئة وظروف عمل قاسية لم تمنعهم الأزمة عن مزاولة أعمالهم، استمروا في عملهم متخذين كافة الإجراءات الوقائية والاحترازية ليواصلوا عملهم بأمان حتى لا تتوقف عجلة الإنتاج، ضاربين مثالا مشرفا على التفاني في العمل وحب الوطن، والحرص على لقمة العيش، فلم يتوقف العمل في المستشفيات وأماكن العزل، وفي مهام التطهير والتعقيم الذي تقوم به القوات المسلحة، وفي المهام الشرطية التي تؤمن الوطن وتتأكد من الالتزام بمواعيد الحظر، وفي أجهزة الإعلام والمواقع الخدمية وغيرها من الجهات.
لا يوجد معيار أدق من العمل، للتعرف على معدن الإنسان، الذي تقدر قيمته بما يؤديه من خدمة وعمل لأمته، كركيزة أساسية لبناء المجتمع، وذلك وفق ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي في احتفال عيد العمال العام الماضي، حيث شدد على أن جميع الحضارات الإنسانية قامت بسواعد العمال الذين أسهموا بجهودهم وفكرهم في إعلاء أوطانهم، حتى صار عيد العمال رمزا للعطاء والتضحية.
ومناسبة عيد العمال في مصر اختلفت هذا العام عن الأعوام السابقة ، ليس فقط بما بصمه عليها فيروس كورونا المستجد من تحديات جسيمة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية، لكن بما قدمته الدولة من إجراءات لمواجهة الوباء والحفاظ على الأيدي العاملة،
فبين التوازن بين الحفاظ على صحة المواطن وحمايته من الفيروس واستمرار عجلة التنمية، اتخذت الدولة العديد من القرارات الهامة والسريعة لدعم المشروعات بهدف الحفاظ على استمرارية العمل بها ، فبدون توقف في إنجاز المشروعات القومية التي تخدم مصر وتستوعب أعدادا هائلة من العمالة استمر العمل بها، فواجهت تلك القلاع كورونا بالعمل كخلية نحل، ولم تمنعهم الأزمة من استمرار العمل، وذلك في ظل متابعة مستمرة من الرئيس السيسي ورئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي الذي يقوم بجولات ميدانية مستمرة لتلك المشروعات المنفذة في المحافظات المختلفة، للوقوف على مدى انتظام سير معدلات تنفيذها وفق المعايير والمواعيد المحددة.
وإيمانا من الرئيس السيسى بأن العامل المصري هو المحور الحقيقي للتنمية، ولتمكين العمالة الموسمية وغير المنتظمة من مواجهة الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، فقد قرر صرف منحة رئاسية مقدارها ١٥٠٠ جنية على ثلاث دفعات شهرية للمساهمة في تدبير أمور حياتهم المعيشية، وتوفير مناخ من الاستقرار والطمأنينة في نفوسهم حتى زوال الأزمة.
وفي مجال دعم أصحاب المشروعات الصغيرة، فقد اتخذ جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ٤ قرارات مهمة لمواجهة الوباء، ولحماية سير عمل المشروعات الممولة من الجهاز، ومنها تأجيل أقساط الإقراض المباشر إلى أن تستقر أوضاع هذه المشروعات وتعاود نشاطها الاقتصادي، وإطلاق مبادرة لدعم جميع المشروعات الصغيرة المتضررة، لمساعدة أصحابها على مواجهة الأزمة وآثارها السلبية التي تمثلت في انخفاض السيولة، وصعوبة توفير أجور العمال أو تسديد مصروفات التشغيل للمحافظة على فرص العمل الدائمة أو المؤقتة التي توفرها تلك المشروعات.
إن الدولة المصرية عازمة على المضي قدما بخطوات حثيثة لتعويض الفترة التي تسببت فيها تداعيات فيروس كورونا، وما يقترن بها من اتخاذ إجراءات احترازية ووقائية، فبالإرادة والعزم ستستمر حركة التنمية وعجلة الاقتصاد، وستعوض الدولة ما سببته الأزمة، وستتجه لمزيد من المشروعات القومية، وتتيح المزيد من فرص التدريب والاطلاع على تجارب الأمم الأخرى، وستعزز إرادة الإصلاح والتحديث في النفوس ، كي تكون مصر قادرة على تطوير قدراتها نحو الأفضل، والتأثير بالإيجاب في ركب الحضارة الإنسانية.
فالعمل هو الفضيلة التى تفصل بين الحلم والواقع ، وإن مصر لتمضى قدما بكل السبل في تجسيد هذا الشعار من خلال تبنى نهج تنموى طموح وشامل ومستدام، من أجل مستقبل أفضل لأجيال شابة وصاعدة.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)