قال علماء بكلية هارفارد للصحة العامة اليوم الخميس إن الأطفال الذين يولدون لأمهات تعرضن لمستويات عالية من الملوثات الجزيئية الدقيقة خلال المراحل المتأخرة من الحمل معرضون بواقع الضعف لخطر الاصابة بمرض التوحد عن الأطفال الذين كانت أمهاتهم تتنفسن هواء أكثر نقاء.
وتوصلت الدراسة التي نشرتها دورية (توقعات الصحة البيئية) الى انه كلما زاد التعرض لهذه الملوثات المنبعثة من الحرائق والمركبات ومداخن المصانع تعاظمت مخاطر الاصابة بالتوحد.
كانت دراسات سابقة قد أوجدت صلة بين التلوث والاصابة بالتوحد بما في ذلك دراسة نشرت نتائجها عام 2010 وتوصلت الى ان خطر الاصابة بهذا المرض يتضاعف لو عاشت الأم خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل قرب طريق سريع تتعرض من خلاله للملوثات الجزيئية الدقيقة.
إلا ان هيزر فولك بمستشفى الاطفال التابع لجامعة ساذرن كاليفورنيا الذي أشرف على دراسات سابقة قال إن هذه الدراسة الحديثة هي الأولى التي تبحث هذه العلاقة في الولايات المتحدة وهي “تطرح تأكيدا اضافيا” لاحتمال وجود صلة بين المرض والتلوث.
وقال علماء بهيئات حكومية في مارس آذار الماضي إن تشخيص حالات الاصابة بالتوحد في الولايات المتحدة ارتفع الى واحد بين كل 68 طفلا في عام 2010 (وهي أحدث بيانات متاحة) بالمقارنة مع واحد بين كل 150 طفلا عام 2000.
وينقسم العلماء بشأن كم من مقدار هذه الزيادة يعكس حجم الوعي وكم يشير الى الزيادة الحقيقية في حالات الاصابة.
ورغم وجود أساس وراثي وجيه وراء الاصابة بالتوحد إلا ان زيادة معدلات الاصابة استحث العلماء كى يبحثوا عن الاسباب البيئية ايضا نظرا لان الجينات لا تتغير بسرعة كافية على نحو يفسر سبب هذه الزيادة.
وتضمنت الدراسة التي أجرتها جامعة هارفارد أطفالا لامهات بلغ عددهن 116430 أما وبدأت عام 1989. وجمع الباحثون بيانات عن أماكن معيشة الامهات خلال فترة الحمل ومستويات التعرض للملوثات الجزيئية الدقيقة.
ثم قام الباحثون بعقد مقارنة بين التاريخ المرضي للوالدين لعدد 245 طفلا يعانون من حالة تسمى اضطرابات التوحد الطيفي وبين 1522 طفلا نشأوا أصحاء وولدوا جميعهم من عام 1990 حتى عام 2002.
ولم ترصد أي علاقة بين التوحد والملوثات الجزيئية الدقيقة قبل أو في أوائل فترة الحمل او عقب ولادة الطفل. إلا ان التعرض لمستويات عالية من هذه الملوثات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل ضاعف خطر الاصابة بالمرض.
وقال مارك فايسكوبف عالم الأوبئة بجامعة هارفارد الذي أشرف على هذه الدراسة إن الشواهد على ان تعرض الأم التي تنتظر حادثا سعيدا لتلوث الجو يؤثر على اصابة الطفل بالتوحد “قد أصبحت قوية للغاية”.
ولم يتضح كيف يمكن ان تسبب هذه الجزيئات الدقيقة الاصابة بالتوحد إلا انها مغطاة بأعداد لا تحصى من الملوثات التي تخترق الخلايا والتي يمكنها ان تؤثر سلبا على نمو المخ.
وشددت وكالة الحماية البيئية في العام الماضي من معايير جودة الهواء وضرورة خلوه من الملوثات الجزيئية الدقيقة على اساس صلة هذا التلوث بالاصابة بالربو وسرطان الرئة وأمراض القلب والأوعية الدموية. وأمام الولايات مهلة تنقضي عام 2020 للوفاء بهذه المعايير الجديدة.
المصدر: رويترز