بدأ العد العكسي في محافظة إدلب آخر معقل للجهاديين ومقاتلي المعارضة في سوريا وحيث يعيش ثلاثة ملايين نسمة وذلك غداة فشل قمة في طهران ما يثير مخاوف من هجوم لقوات النظام والكارثة الانسانية الجديدة التي ستترتب عليه.
فشل رؤساء إيران وتركيا وروسيا الجمعة في تجاوز خلافاتهم لكنهم اتفقوا على مواصلة “التعاون” من أجل التوصل الى حل لتفادي وقوع خسائر في الأرواح في هذه المحافظة بشمال غرب سوريا وحيث يحشد نظام بشار الاسد قواته استعدادا لهجوم يبدو وشيكا.
وشنّت طائرات روسية الجمعة غارات على مقار تابعة لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) وأخرى لحركة أحرار الشام الإسلامية في محافظة إدلب، موقعة خمسة قتلى على الأقل، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبدأ مئات المدنيين الخميس الفرار من مناطق في إدلب خوفا من هجوم وشيك. وتتركز عمليات النزوح خصوصا من الريف الجنوبي الشرقي الذي يستهدف منذ أيام بقصف جوي سوري وروسي والذي يتوقع أن يشهد المعارك الأولى في حال بدأ الهجوم.
وتمت الغارات بينما كانت القمة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والايراني حسن روحاني والتركي رجب طيب اردوغان منعقدة وقبل ساعات على اجتماع لمجلس الامن الدولي بدعوة من واشنطن حول الوضع في إدلب.
شهدت القمة سجالا بين الرئيسين الروسي والتركي حول صياغة البيان الختامي. فقد طالب اردوغان ب”وقف لاطلاق النار” محذرا من “حمام دم” في حال شنّ هجوم على المحافظة الواقعة على حدوده.
إلا أن بوتين رفض الاقتراح مشددا على “عدم وجود ممثلين عن مجموعات مسلحة على الطاولة” مخولين التفاوض حول الهدنة، في موقف أيده روحاني.
بشكل عام، ظلّ الرؤساء الثلاثة متمسكين بمواقفهم فقد شددت طهران وموسكو على ضرورة محاربة “الارهاب” وحق دمشق في استعادة السيطرة على كامل أراضيها بينما حذرت تركيا التي تدعم مقاتلين وتستقبل لاجئين من “مجزرة”.
وصرح روحاني عند استقباله نظيريه أن “محاربة الإرهاب في إدلب جزء لا بدّ منه في المهمة المتمثلة بإعادة السلام والاستقرار الى سوريا”، مضيفا “إلا أن هذا يجب ألا يكون مؤلما للمدنيين وألا يؤدي الى سياسة الأرض المحروقة”.
واعتبر بوتين من جهته أن “الحكومة السورية الشرعية لها الحقّ في استعادة السيطرة على كل أراضيها الوطنية، وعليها القيام بذلك”.
دعت ثماني منظمات دولية غير حكومية ناشطة في سوريا “القادة الدوليين” المجتمعين في طهران وفي نيويورك الى “العمل معا لتفادي” وقوع “أسوأ كارثة إنسانية منذ بدء النزاع السوري قبل سبع سنوات”، والذي أدى الى مقتل أكثر من 350 ألف شخص وملايين النازحين.
وترعى روسيا وإيران وتركيا محادثات أستانا للسلام التي أطلقت بعد التدخل الروسي العسكري في النزاع في العام 2015 ما شكل نقطة تحوّل في النزاع لصالح نظام بشار الأسد. وطغت تلك المحادثات على مفاوضات جنيف التي كانت تقودها الأمم المتحدة.
قبل القمة، أشارت بعض وسائل الاعلام الى إمكان التوصل إلى اتفاق حول إدلب لكن البيان الختامي اكتفى بالقول إن الرؤساء الثلاثة اتفقوا على معالجة الوضع في إدلب “بروح من التعاون الذي طبع محادثات أستانا”.
وصرح بوتين في أعقاب القمة “لقد تباحثنا في الاجراءات العملية لفرض الاستقرار على مراحل في منطقة خفض التوتر في إدلب، تشمل خصوصا إمكان أن يوقع الراغبون في الحوار اتفاقا”، في إشارة الى المقاتلين الراغبين في تسليم سلاحهم.
وفي الوقت الذي دعا فيه اردوغان وروحاني الى ضرورة حماية المدنيين، طالب مبعوث الامم المتحدة الى سوريا ستافان دي ميستورا أمام مجلس الامن المنعقد في نيويورك الجمعة بإجراءات ملموسة.
وقال دي ميستورا عبر الفيديو “يجب منح الناس ممرًا آمنًا إلى الأماكن التي يختارونها إذا أرادوا المغادرة”، مضيفا “يجب أن نسمح بفتح عدد كاف من ممرات الإجلاء الطوعي المحمية للمدنيين في كل اتجاه: الشرق والشمال والجنوب”.
ومن المقرر أن يجري دي ميستورا محادثات مع ممثلين عن تركيا وروسيا وايران الأسبوع المقبل في جنيف حول الأزمة في إدلب.
وترسل قوات النظام منذ أسابيع تعزيزات متواصلة الى محيط إدلب، تزامناً مع تصعيد قصفها المدفعي في الأيام الأخيرة على مناطق في الريف الجنوبي الشرقي بمشاركة طائرات روسية.
تقول الامم المتحدة إن نصف سكان المحافظة تقريبا وبعض جيوب المقاتلين في محافظات حماة وحلب واللاذقية المجاورة من النازحين.
المصدر : وكالة الأنباء الفرنسية ( أ ف ب )