أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن موضوع الاستيطان سيكون في مقدمة القضايا التي سيتم التقدم بها لمحكمة الجنايات الدولية لأن الاستيطان جريمة حرب مكتملة الأركان.
وكشف عباس أن المسؤولين الإسرائيليين يعيشون حالة هستيرية بعد انضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية , ما شكل ضغطاً على حكومة الاحتلال التي تشدد على سياسة العقاب الجماعي التي تستخدمها ضد الشعب الفلسطيني, مبينا بأنهم ماضون من أجل إسقاط شرعية الاحتلال والاستيطان ولتحقيق الحقوق الوطنية المشروعة والمعترف بها دولياً.
وشدد عباس على أنه لا سلام مع إسرائيل, في ظل استمرار جرائم القتل والعدوان التي تمارسها, وآخرها ما قامت به في غزة.. لافتاً إلى أن الاحتلال يمارس عملية سطو وسرقة أموال الشعب الفلسطيني, ما أوقع أضراراً فادحة على الفلسطينيين , أضطرت على اثره الحكومة للاستدانة من البنوك الخاصة لصرف رواتب الموظفين في الثلاثة أشهر الماضية.
ونوه بأن هناك تطوراً في الرأي العام العالمي وبخاصة الأوروبي نتيجة لسياسة وممارسة الاحتلال, وإصرار الحكومة الإسرائيلية على التمسك بالسياسة القائمة على التهويد والاستيطان وانتهاك كافة حقوق الشعب الفلسطيني وإدارة الظهر لجميع الاتفاقات والتنكر لمبدأ حل الدولتين.
وحول البوصلة السياسية التي تسير عليها السلطة بعد رفض مجلس الأمن للمشروع الفلسطيني بإنهاء الاحتلال, وقرار الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية, خاصة في ظل حالة التصعيد الإسرائيلي وانتهاكاتها على الأرض, قال الرئيس عباس “دعني أؤكد أن الذي يحدد طبيعة مشروعنا السياسي هي أهدافنا الوطنية المرتبطة أساساً بحقنا الطبيعي بتقرير المصير, واستعادة حقوقنا واستقلالنا الوطني, هذه هي بوصلة مشروعنا, هكذا كانت بالأمس, وهي كذلك اليوم وستستمر الى أن نظفر بهذه الحقوق”.
وتابع “أما بخصوص مشروعنا الراهن, فإنه يجمع عدة عناصر وخيارات نتحرك فيها وفقا للظروف المحيطة, مستندين إلى عدالة قضيتنا أولا, وإلى تفهم ودعم دولي وتضامن غير مسبوق لمطالبنا المشروعة, ورغم جميع الصعوبات والعراقيل, فإن خياراتنا ليست مغلقة, فنضالنا سيبقى مفتوحاً, دعني أعطيك مثالاً عندما ذهبنا لمجلس الأمن, كان لدينا وعود من تسع دول أن تقف إلى جانبنا, وواحدة من هذه الدول تراجعت قبل ساعة أو نصف الساعة من الجلسة, بفعل الضغوط وفشل التصويت”.
وأضاف “فماذا فعلنا نحن؟” قررنا فوراً اللجوء للخيار الآخر وهوالانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية ومنظمات دولية أخرى, هذا ما نقوم به على الصعيد السياسي والدبلوماسي, لكننا على الأرض لدينا المقاومة الشعبية التي نواجه بها يوميا ممارسات الاحتلال الإسرائيلي, ونقاوم في القدس لحماية حقوقنا ومقدساتنا والحرم القدسي الشريف, ونقاوم على كل شبر في الأرض الفلسطينية للدفاع عنها والمحافظة على عروبتها”.
وتابع “إن طبيعة الصراع تفرض علينا أن نخوض نضالاً مركباً ومعقداً, ونحتاج إلى وقت وصبر لنقطف الثمار, وأود أن أنوه هنا إلى أن تصويت مجلس الأمن المشار له ليس خاتمة المطاف, فهناك قرار عربي تم التوافق عليه بالتوجه إلى المجموعات الجيوسياسية الدولية والإقليمية لحشد الدعم والتأييد للموقف الفلسطيني وعند نضوج هذه المشاورات سنقدم مشروع القرار مرة أخرى”.
وعن أبرز المكاسب التي ستحققها القضية الفلسطينية بعد الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية, قال الرئيس عباس “أبرز المكاسب من خطوة انضمامنا للمحكمة, هو ألا تبقى إسرائيل دولة فوق القانون والمحاسبة, وهو الواقع الذي كان وما زال سائداً, ولكي لا يكون لدينا أوهام, هذه محكمة دولية, يمكن لأي طرف أن يلجأ إليها, بمعنى كما نلجأ نحن لها يمكن للإسرائيليين أن يلجؤوا إليها”.
وأضاف “ولكن الجرائم التي أرتكبت بحق شعبنا معروفة وموثقة, وإذا عجزت المنظمات الدولية سابقا عن تنفيذ قراراتها, وتوصياتها, فإن للجنائية الدولية, وكالة وتفويض لجلب من ارتكبوا جرائم بحق شعبنا إلى ساحة العدالة الدولية ليحاكموا على ما اقترفت أيديهم”.
وبشأن الملفات التي ستقدم إلى المحكمة والشخصيات التي سوف يتم إدانتها? قال الرئيس الفلسطيني”لقد شكلنا هيئة عمل من القانونيين والمختصين, وبدأت عملها في إعداد الملفات, وتقوم بجمع الشهادات بطريقة مهنية, لافتا إلى أن هذه العملية معقدة وتحتاج إلى دقة في اختيار الحالات, وتصنيفها حسب خطورتها وجدوى طرحها أمام المحكمة الدولية”.
وأضاف “ولا شك بأن موضوع الاستيطان سيكون في مقدمة القضايا التي سنتقدم بها للمحكمة; لأن الاستيطان جريمة حرب مكتملة الأركان”. وحول إذا كان الانضمام للجنائية الدولية والهيئات الدولية الأخرى ستشكل عامل ضغط على القيادات الإسرائيلية وترغمهم على تغيير مواقفهم, قال عباس” هدفنا ليس الضغط لمجرد الضغط, نحن في نهاية الأمر نريد إسقاط شرعية الاحتلال والاستيطان, ونريد تحقيق حقوقنا الوطنية المشروعة والمعترف بها دولياً, ومع ذلك بالتأكيد شكل انضمامنا للمحكمة ضغطاً كبيراً وحقيقياً على إسرائيل, والدليل ردة فعلها الهستيرية, تشديد سياسة العقاب الجماعي التي يستخدمونها ضد الشعب الفلسطيني, قرار حكومة الاحتلال حجز أموالنا.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)