استقبل المسلمون في كافة أنحاء العالم، اليوم الأحد، أول أيام العام الهجري الجديد الذي يحمل رقم “1438” في التقويم الذي دشنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين في عام 16 للهجرة ليكون لبداية التأريخ للأمة العربية الإسلامية جمعاء، ونظرا لاعتماد الهجرة النبوية الشريفة بداية له فقد سمى بالهجري، وقد اعتمد هذا التقويم بعد عامين ونصف من خلافة عمر.
والتقويم الهجري واحد من عشرة تقاويم تحكم العالم، وهي التقويم الياباني والروماني والصيني والهندي (ساكا) والنبوخنصري والقبطي واليولياني والبيزنطي والعبر، والشهور الهجرية بترتيب تداولها هي: المحرم وصفر وربيع الأول وربيع الآخر وجمادى الأولى وجمادى الآخر ورجب وشعبان ورمضان وشوال وذو القعدة وذو الحجة.
والتقويم الهجري هو تقويم قمري استخدمه العرب قبل الإسلام بقرون، لكن أسماء أشهره وترتيبها تعددت حسب ما رأته كل قبيلة، وتسبب ذلك التباين بمشاكل في توقيت الحج إلى الكعبة، مما حتم توحيد أسماء الأشهر العربية وترتيبها، وفي عام 412 ميلادي احتضنت مكة اجتماعا ضم سادة قبائل العرب لتوحيد أسماء أشهر التقويم، وعقد الاجتماع في حياة كلاب بن مرة خامس جد للرسول محمد صلى الله عليه وسلم.
واتخذ المسلمون الأوائل شهر المحرم بداية للسنة الهجرية رغم حدوث الهجرة في شهر ربيع الأول، حيث كان المحرم أول شهر يأتي بعد منصرف المسلمين من حجهم الذي هو ختام مواسم أسواقها، واختلف المؤرخون في تحديد بداية أول سنة من الهجرة بالتاريخ الميلادي، فبعضهم زعم أنها وافقت يوم الخميس ١٥ يوليو عام ٦٢٢ ميلادية، والبعض ينسبه ليوم الجمعة الموافق ١٦ يوليو عام ٦٢٢ ميلادية، وكل فريق منهما لديه ما يؤيده.
ومنذ فجر الإسلام وبعد هجرة الرسول من مكة إلى المدينة بدأ المسلمون الأوائل يؤرخون حوادثهم بشكل آخر، فسموا السنة الأولى للهجرة بسنة الإذن (الإذن بالهجرة)، والسنة الثانية بسنة الأمر أي (الأمر بالقتال )، والثالثة (التمحيص)، والرابعة (الترفئة)، والخامسة (الزلزال)، والسنة السادسة (بالاستئناس)، والسنة السابعة (بالاستقلاب) والثامنة (بالاستواء)، والتاسعة (بالبراءة)، والعاشرة (بالوداع )أي سنة حجة الوداع الأخيرة للرسول.
وفي عهد ثاني الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب كشفت مكاتباته المتبادلة مع من يوليهم أمور ولاياتهم أهمية وضع تاريخ يؤرخ به المسلمون رسائلهم، واختار الصحابة شهر المحرم كبداية للعام الهجري، ولم يختاروا مولد الرسول ولا بعثته لعدم تأكدهم من وقت حدوثهما، ولا وقت وفاته لأنها مناسبة محزنة.
وتحتضن السنة الهجرية ٣٥٤ يومًا شمسيًا في السنة البسيطة، و٣٥٥ يومًا في السنة الكبيسة موزعة على 12 شهرًا، والسنون الهجرية الكبيسة في كل ٣٠ عامًا أرقامها ٢٩،٢٦،٢٤،٢١،١٨،١٥،١٣،١٠،٧،٥،٢، فيما تحمل السنون الهجرية البسيطة في كل ٣٠ سنة أرقام ٣٠،٢٨،٢٧،٢٥،٢٣،٢٢،٢٠،١٩،١٧،١٦،١٤،١٢،١١،٩،٨،٦،٤،٣،١، وعلى ذلك تم الاتفاق على اعتبار عدة كل شهر زوجي ٢٩ يومًا، وكل شهر فردي ٣٠ يومًا.
والتقويم الهجري يحمل إيجابية ينفرد بها عن سائر التقاويم الأخرى، وهي أن الخطأ في أي شهر هجري يمكنه أن يصحح نفسه في الشهر التالي، بالإضافة إلى عدم ثبوت مواعيد الأعياد والمواسم الدينية والعبادات الهامة بالنسبة للشهور الميلادية مما يكسر حاجز الملل في النفس البشرية التي تسأم الرتابة، ويرجع ذلك إلى اعتماد التقويم الهجري على حركة القمر، وتقدم السنة الهجرية كل عام ميلادي ١١يوما، وبالتالي تقع مواسمها وأعيادها في أيام مختلفة.
ويبدأ العام الهجري بشهر المحرم وهو من الأشهر الحرم وسمى كذلك لأن العرب قبل الإسلام كانوا يحرمون فيه القتال، فيما حمل شهر صفر هذا الاسم لأن ديار العرب كانت تصفر أي تخلو من أهلها للحرب، وقيل لأن العرب كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صفر المتاع.
وجاءت تسميه ربيع الأول بذلك لأن تسميته جاءت في الربيع، ويليه ربيع الثاني وسمى بهذا الاسم لأنه يتبع ربيع الأول، وشهر جمادي الأول كان يسمى قبل الإسلام باسم جمادي خمسة، وسميت جمادي لوقوعها في الشتاء وقت التسمية حيث جمد الماء، ويعقبه شهر جمادى الآخر، ورجب لأنه من الأشهر الحرم وكانت العرب ترجب رماحها فيه أي تنزع النصل من الرمح وتتوقف عن القتال.
وشعبان الذي يقع بين رجب ورمضان، سمي شعبان لأن العرب كانوا يتفرقون فيه ويتشعبون طلبا للماء، ورمضان وهو شهر الصوم عند المسلمين، سمي بذلك لرموض الحر وشدة وقع الشمس فيه وقت تسميته، حيث كانت الفترة التي سمي فيها بذلك شديدة الحر.
شوال وهو الشهر الذي يقع فيه عيد الفطر، وسمي بذلك لشولان النوق فيه بأذنابها أي هزلت وجف لبنها، فيما تشير تسمية شهر ذي القعدة بهذا الاسم لأنه أول الأشهر الحرم وفيه تقعد الناس عن الحرب، ويعقبه شهر ذو الحجة وفيه موسم الحج وعيد الأضحى هو آخر الأشهر الحرم في العام الهجري وسمي بهذا الاسم لأن العرب كانوا يذهبون فيه للحج.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)