رصد الكاتب البريطاني سيمون هيفر، صورا التقطتها الكاميرات، في قمة مجموعة السبع التي اختتمت أعمالها باليابان الجمعة، لرئيس الورزاء ديفيد كاميرون والتي بدا فيها أنيقا هادئا مطمئنا، رغم أسابيع قضاها في صراع سياسي داخل حزبه (المحافظين) المنقسم على نفسه إزاء الاستفتاء على مستقبل المملكة في الاتحاد الأوروبي.
وقال هيفر، في مقاله بصحيفة “صنداي تلجراف”، إن كاميرون الذي بدا كشخص فاقد لليقين لا بد أنه يقف على أهمية القدرة على مجاراة نظرائه في هذا الاجتماع الذي ضم عددا من قادة عالميين قادرين أو متظاهرين بالقدرة على أداء أعمالهم كعظماء… إن كاميرون يتظاهر بلعب دور رجل الدولة المحنك في العالم العصري، تماما كما فعل توني بلير من قبل عندما تخلى عنه حزب العمال في رئاسته للوزراء، في محاولة للهروب من صراعات سياسية داخلية مرعبة .. عندما يترقب الهجوم ويشعر بالقلق فليس ثمّ مخرج آخر.
وتساءل الكاتب عن سر ترويج كاميرون لحملة بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، رغم أنه لم يحدد سببا إيجابيا واحدا لهذا البقاء، فضلا عن تصريح صديقه المقرب ستيف هيلتون مؤخرا أنه (كاميرون) في دخيلة أمره هو من أنصار خروج بريطانيا من الاتحاد؟ لكن المستر هيلتون شرح بعد ذلك، ما الفارق بين المنظور والواقع بقوله إن المستر كاميرون كان ليروّج للخروج من الاتحاد الأوروبي لو لم يكن رئيسا للوزراء.
هذا التصريح من جانب المستر هيلتون يعيدنا مرة أخرى إلى أجواء اجتماعات القادة العالميين الشبيهة بقمة مجموعة السبع .. إن آخر ما يريده كاميرون في اجتماعاته المقبلة بهؤلاء القادة في أي قمة كانت، هو ألا يجد نفسه مضطرا للدفاع عن نفسه كونه المسئول عن السماح لبريطانيا بمغادرة الاتحاد الأوروبي الذي هو أحد أهم أندية اجتماع هؤلاء القادة، حتى ولو كان ذلك على حساب انخفاض معدلات النمو وارتفاع معدلات البطالة وفوضى الهجرة وظهور اليمين المتطرف.
ويرى هيفر، أن المستر كاميرون هو حالة مثيرة للدراسة السيكولوجية؛ من حيث كونه يستطيع التماهي مع الوسط المحيط به في أي توقيت حرج من التاريخ، على نحو يشبه تماما شخصية (زيليج) التي قدمها الممثل والمخرج الأمريكي وودي آلن في فيلم سينمائي يحمل اسم الشخصية ذاتها… حتى إن المرء قد يشكّ فيما إذا كان المستر كاميرون يعرف حقيقة نفسه ومَن يكون؟ الآن يرغب كاميرون في الظهور بصورة رجل الدولة المحنك، وإذا ما تعرضت هذه الصورة للتهديد بفضل حملة خروج بريطانيا من الاتحاد فإن ذلك يزعجه ويشعره بعدم الأمان والذي يوّلد في داخله اليأس ويكشف هشاشته ومن هنا تصدر مزاعمه المتعلقة بنشوب حرب عالمية ثالثة حال خروج المملكة من الاتحاد أو أحاديثه عن الانهيار الاقتصادي… وهي تصريحات باتت تثمر عن نتائج عكسية: إذْ هو (كاميرون) بذلك يفقد شعبيته البرلمانية على نحو يهدد بقاءه في القيادة حتى حال التصويت في الاستفتاء لصالح البقاء في الاتحاد الأوروبي.
وأكد هيفر، أن سياسة التخويف التي اتبعها كاميرون قد تمخضت عن تراجع شعبيته وثقة الجمهور فيه فيما يتعلق بأوروبا إلى نسبة 18 بالمائة.. ما يعني أنه كلما تحدث في هذا الموضوع فإن مصداقيته تتراجع، وبالتالي يزيد اليأس الذي يتولد بداخله عندما يشعر بعدم الأمان.
واختتم الكاتب قائلا “أيا كانت نتيجة الاستفتاء المزمع في 23 يونيو، فإن الانطباعات عن المستر كاميرون قد تغيرت: إنه يفقد حزبه، تماما كما فعل المستر بلير من قبله، ويبحث عن العزاء في تجمعات القادة العالميين.. لقد قطع شوطا طويلا بعد البداية، وإنني لأتحدى أي شخص يحاول إقناعي بأنه (كاميرون) ليس على الطريق في بداية النهاية.”
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط