نصح تقرير جديد الشركات والمستثمرين والعاملين في صناعة تطوير البرمجيات ومستخدميها معاً، بإعداد أنفسهم لتغيير جوهري ستشهده هذه الصناعة خلال السنوات القليلة المقبلة، متوقعاً أن ينتقل مركز الثقل بها من «برمجيات الأرفف» إلى «برمجيات تحركها البيانات»، تدور بالأساس في فلك بيئة الحوسبة السحابية، التي ستصبح أشبه «بالثقب الأسود» الذي سيلتهم الجزء الأكبر إن لم يكن الغالبية الساحقة من أنشطة واستثمارات صناعة تطوير البرمجيات، ويجعلها تخضع لمقاييس جديدة، يتساوى فيها تأثير البيانات مع تأثير البرمجيات في قيادة وتحريك بيئة العمل المقبلة، وهو تحول جوهري، لا يؤثر فقط في مصنعي البرمجيات ومطوريها والمستثمرين فيها، بل يؤثر بالدرجة نفسها في مستخدميها ومستهلكيها، لاسيما في قطاع المؤسسات والشركات.
وصدر تقرير مستقبل صناعة تطوير البرمجيات، أخيراً، عن شركة «باي فوتال» المتخصصة في بحوث الحوسبة السحابية وتقنية المعلومات، بالتعاون مع شركة «مايكروسوفت» للبرمجيات، و«فورستر للأبحاث». وقدمت «باي فوتال» عرضاً تفصيلياً للتقرير عبر موقع شبكة «زد دي نت» المتخصصة في التقنية.
عامل القلق
الحذر عند التحول
شدد تقرير مستقبل صناعة تطوير البرمجيات، الذي صدر عن شركة «باي فوتال» المتخصصة في بحوث الحوسبة السحابية وتقنية المعلومات، على أنه مع انتقال صناعة تطوير البرمجيات إلى نموذج «برمجيات تحركها البيانات»، سيكون على المطورين ومتخذي القرار في المؤسسات والشركات أن يكونوا حذرين في اجتياز عملية الانتقال والتحول.
وأشار التقرير إلى أنه بالنسبة لمستخدمي البرمجيات من المؤسسات والشركات، هناك فرصة للقفز فوق البنية التحتية المعلوماتية المعتادة بتعقيداتها المعروفة في التشغيل والإنشاء والتأمين، والانتقال إلى بيئة الحوسبة السحابية بمفاهيمها المختلفة.
وعالج التقرير ما وصفه بالاتجاهات والفرص والتهديدات التي تواجه صناعة تطوير البرمجيات خلال السنوات المقبلة، مؤكداً أن هذه الصناعة التي اعتادت أنها تكون عامل القلق رقم واحد بالنسبة للكثيرين، سواء من المصنعين والمستثمرين والمطورين أو المستخدمين والمستهلكين والمشترين، باتت منجذبة بقوة نحو «ثقب أسود» جديد هو «الحوسبة السحابية»، التي تجعلها تحت التأثير الساحق للبيانات كقوة محركة للتطوير والتسويق والبيع والاستخدام واستخلاص القيمة.
وبحسب التقرير، فإن هذا ما يتعين على المؤسسات والشركات إدراكه والاستعداد له، سواء كانت مطورة أو مستخدمة للبرمجيات، مرجعاً ذلك إلى أن أهمية البيانات ستكمن ليس فقط في دعم عملية صنع القرارات المعتمدة على البيانات، وإنما في أنها نفسها ستكون معتمدة على البيانات، وتقدم حلولاً في حالات بالغة التعقيد، لا يمكن التعامل معها باستخدام إجراءات البرمجة التقليدية، ومن ثم ستتغير جذرياً، من برمجيات يجري تطويرها بطرق البرمجة لتوضع على الأرفف، كمنتجات نهائية تعمل من تلقاء نفسها بعيداً عن البيانات، لتصبح برمجيات تحركها البيانات، تصنع لتوضع في قواعد البيانات وبيئة العمل السحابية، ولا توضع على الأرفف كمنتج نهائي مستقل.
الجيل الثاني
وأشار التقرير إلى أنه مع الاندفاعة الكبرى لتقنيات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي، تطورت بيئة الحوسبة السحابية، وظهرت بها استراتيجيتان رئيستان، الأولى استراتيجية بيئة العمل السحابية المتعددة، والثانية استراتيجية بيئة العمل السحابية الهجينة، وكلتاهما باتت تفرض العديد من التحديات والفرص أمام قادة الأعمال.
وذكر أنه في هذا السياق تم إجراء مسح على عدد من المديرين التنفيذيين من الشركات المستخدمة للتقنية، تبين منه أن 100% منهم يعد نفسه لاستراتيجية الحوسبة السحابية المتعددة، و77% منهم يعد نفسه للحوسبة السحابية الهجين، في حين أن الجميع يعتقد أن كلتيهما ستقود مؤسساتها إلى المزيد من الكفاءة والمرونة والسرعة، لكن المديرين وفقاً للمسح يبدون قلقاً واضحاً حول مسائل الأمن والمراقبة والاتساق في نظم العمل.
وأفاد تقرير «باي فوتال» بأن هذه التوقعات تعني أننا بصدد الجيل الثاني من صناعة تطوير البرمجيات، أو ما أطلق عليه «برمجيات 2.0»، وهو جيل تحركه البيانات بالكامل، ويخضع لها خضوعاً شبه تام.
ولفت إلى من النقاط الجديرة بالملاحظة أن 57% من المديرين التنفيذيين الذين شملهم المسح عبروا عن أن هذا التحول يشمل أعباء العمل الجارية في قواعد البيانات، وسيتم التعامل معه من العام الجاري، فيما رأى 39% منهم أن هذه الحالة ستبدأ في العام المقبل، بينما حدد جميع المشاركين في المسح هذا التغيير في الانتقال إلى قواعد البيانات المدارة داخل بيئة عمل الحوسبة السحابية أو «قواعد البيانات السحابية»، بما يتضمنه ذلك من تغيير كبير، وربما جذري، في طريقة تطوير وتصنيع البرمجيات والتطبيقات.
تكامل المنصات
وأورد التقرير أن مفهوم تكامل المنصات كخدمة أو «آي باس» سيكون من الأطر المهمة التي يتوقع أن تستوعب حركة التغيير المقبلة في صناعة البرمجيات، ويقصد به أن خدمات الحوسبة السحابية العملاقة والكبيرة المقدمة من أكثر من جهة، التي تتكامل معها لتقدم خدمات موحدة لمئات الآلاف وربما الملايين من المتعاملين والمستفيدين حول العالم، ستعتبر كياناً واحداً، وهذا الأمر سيجعل صناعة البرمجيات تركز بشكل طبيعي على تطوير البرمجيات الخاضعة لسلطة وتأثير البيانات، مشيراً إلى أنه يمكن لمفهوم «آي باس» أن يجعل المؤسسات تعمل بشكل أسرع من البدء من الصفر، مع نتائج أفضل بكثير من الأحيان.