نقلت صحيفة «العرب» اللندنية، المقربة من دوائر الحكم في المملكة العربية السعودية، عن مصادر مطلعة قولها إن قرارًا سعوديًا رفيع المستوى اتخذ بالتصدى لـ«التمدد الإيراني» في المنطقة، وإن إستراتيجية جديدة تتم بلورتها حاليا تأخذ بنظر الاعتبار محاصرة إيران من جهتها الشرقية.
وكشفت المصادر، التي تحدثت إلى الصحيفة، أمس، أن باكستان ستكون في قلب هذه الإستراتيجية واسعة النطاق ومتعددة الأهداف بما تمثله من ثقل عسكري كبير، وما تملكه من سلاح نووي، ما يوفر رادعًا حاسمًا لإيران في أي احتكاكات مستقبلية محتملة، مشيرة إلى أن السعودية قدمت مساعدات اقتصادية سخية إلى باكستان في محاولة لدعم إسلام أباد بينها شحنات نفط وتسهيلات مالية كبيرة.
وأوضحت المصادر، أن الدعم المعروض قدم من العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى رئيس الوزراء الباكستانى، نواز شريف، خلال زيارته إلى الرياض الأسبوع الماضي.
وتتحرك الرياض بسرعة لـ«تطويق تمدد طهران المتزايد» خصوصًا مع تمكن «الحوثيين» من السيطرة على مناطق واسعة في اليمن، كما تخوض قواتها والميليشيات التابعة لها معارك واسعة النطاق في عمق الجغرافيا السنية العراقية شمال بغداد تحت غطاء محاربة تنظيم «داعش» الإرهابى.
ويشعر السعوديون بقلق بالغ إزاء التقارب المتزايد بين طهران وواشنطن بالتزامن مع إعلان الجانبين عن قرب التوصل إلى اتفاق نهائى حول الملف النووى الإيراني، حيث تخشى الرياض من أن يؤدى الاتفاق النووى إلى إلغاء العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، وتفرغ النظام الإيرانى لتنفيذ خطط التوسع الإقليمى التي لا يتردد المسئولون الإيرانيون في الحديث عنها علنا في وسائل الإعلام.
وأكد مصدر سعودى مطلع رفض الكشف عن اسمه أن قرار المواجهة الإستراتيجية مع إيران اتخذ، وقد عبرت عنه المملكة إعلاميًا في أكثر من مناسبة، ويقول مراقبون: «إن التحركات السعودية تعكس عدم استعداد المسئولين هناك لتقبل المخاطرة التي يدعو إليها الأمريكيون بالجلوس وانتظار تعاظم التأثير الإيرانى في المنطقة، لذلك قررت السعودية التحرك لدعم باكستان التي ينظر إليها كمنافس إقليمى محتمل للإيرانيين».
وتنظر السعودية إلى الحكومة الشيعية في بغداد باعتبارها تابعًا تكتيكيًا لإيران، ولا يمكن التعويل على أي من نواياها أو تصريحاتها، وترى أن إيران هي المستفيد الأكبر من الحرب على «داعش» بغض النظر عن الوقت الذي ستستغرقه هذه الحرب، وما يمكن أن تجره من تداعيات إقليمية، وأن التنظيم وفر فرصة «تاريخية لطهران» للتدخل الشامل والعلنى في العراق وسوريا كما لم يحدث منذ قرون.
وتعيش المنطقة صراع نفوذ بين عدة لاعبين إقليميين على رأسهم إيران وتركيا والسعودية، وتتخوف الرياض من محاولات التوسع الشيعى التي تقودها إيران بينما لا تشعر بارتياح كامل للعمل مع الأتراك.
وتمكنت إيران من تقديم نفسها بشكل متزايد كقوة سياسية وعسكرية يمكن الاعتماد عليها وساهمت منذ الغزو الأمريكى للعراق عام ٢٠٠٣ في توفير الإطار السياسي للحكم في بغداد الذي تحول لاحقا، مع خروج الأمريكيين، إلى حكم يدين بالولاء الكامل لطهران.
وتعتقد السعودية أن القوات الباكستانية من الممكن أن تمنحها ثقلًا دبلوماسيًا خلال عملية التفاوض التي تخطط لقيادتها لحل الأزمة هناك.
وتلجأ الرياض عادة إلى إسلام آباد، حينما تشعر بأى خطر على منطقة الخليج، وفى عام ١٩٧٩ أرسلت باكستان قوات عسكرية إلى السعودية عقب اندلاع الثورة الإسلامية بقيادة آية الله الخمينى، في إيران وخاصة بعد تلويحها بـ«تصدير الثورة» إلى دولة الجوار، وشاركت قوات باكستانية أيضًا في حماية الحدود السعودية خلال حرب الخليج الثانية.
المصدر: الوكالات