أكدت مصادر سياسية يمنية مطلعة تصاعد الدور العماني في اليمن بشكل غير مسبوق ما يشير إلى التحول اللافت في السياسة العمانية إزاء الملف اليمني الذي كان يتخذ في الجانب المعلن منه سياسة النأي بالنفس والحياد الإيجابي خلال الفترة الماضية.
وأشارت المصادر إلى بروز دور عماني متصاعد داخل المحافظات المحررة على وجه الخصوص، من خلال دعم شخصيات سياسية وقبلية تتبنى خطابا مناهضا للتحالف العربي والحكومة الشرعية.
وأكدت المصادر لـ”العرب” وصول الوزير اليمني السابق أحمد مساعد حسين إلى محافظة شبوة بشكل مفاجئ قادما من العاصمة العمانية مسقط، وقيامه بعقد اجتماع موسع بقيادات السلطة المحلية وشيوخ وأعيان المحافظة، طالب فيه باتخاذ موقف من التحالف العربي وتحميله مسؤولية الأضرار التي تسبب فيها الانقلاب الحوثي.
ولفتت إلى أن تحركات حسين، الذي يقيم في مسقط منذ العام 2010، تأتي في سياق الدفع بقيادات سياسية وقبلية كانت في الظل خلال السنوات الماضية إلى المشهد السياسي بهدف إرباك التحالف العربي والحكومة الشرعية وخلق حالة صراع داخلي في المحافظات المحررة تحت لافتات من بينها التراجع الأمني والاقتصادي والخلل في بنية الشرعية وطريقة معالجتها للأزمات الداخلية وخصوصا الملف الاقتصادي والأمني والخدمات.
ووفقا للمصادر، فقد عمدت مسقط إلى الإلقاء بثقلها في الملف اليمني، والزج بقيادات يمنية اتخذت من عمان مقرا لإقامتها خلال السنوات الماضية أو استدعاء قيادات يمنية في الخارج للعب دور يصب في صالح الميليشيات الحوثية بشكل مباشر أو غير مباشر.
وتستضيف السلطات العمانية القيادي الجنوبي حسن باعوم المقرب من طهران والدوحة والذي حول مقر إقامته في مدينة صلالة العمانية إلى محطة لإحياء نسخة ميتة من الحراك الجنوبي يديرها نجله فادي باعوم من الضاحية الجنوبية ببيروت.
وكشفت مصادر خاصة عن استقبال باعوم في مدينة صلالة العمانية وبشكل منتظم لوجاهات سياسية وقبلية جنوبية من مختلف المحافظات، وتأليبها على التحالف العربي، وهو ما ظهرت نتائجه من خلال مظاهرات مفتعلة سيرها باعوم في عدد من المحافظات الجنوبية المحررة، رددت هتافات معادية للتحالف العربي.
وبلغ مستوى التنسيق العماني القطري في ما يتعلق بالملف اليمني أعلى مستوياته، حيث يتشارك البلدان في دعم وتمويل التحركات السياسية المناوئة للتحالف العربي والحكومة الشرعية والعمل على خلق اضطرابات في المناطق المحررة، إلى جانب الدعم السياسي والمالي واللوجستي المقدم للحوثيين.
وتقف عناصر محسوبة على مسقط خلف الاعتصامات التي تشهدها محافظة المهرة والمطالبة بمغادرة القوات السعودية للمحافظة التي وصلت بناء على طلب من الحكومة اليمنية للحدّ من تهريب الأسلحة المستمر للميليشيات الحوثية. كما تتولى شخصيات يحمل بعضها الجنسية العمانية بشكل مباشر مسؤولية الاحتجاجات المفتعلة في المهرة، من بينها عيسى بن عفرار وعلي سالم الحريزي، فيما تعمل الدوحة على تأجيج تلك التحركات المشبوهة إعلاميا من خلال قناة الجزيرة ووسائل الإعلام الأخرى التابعة لها، التي باتت تتحرك في مناطق الشرعية بشكل لافت.
وتعتبر عمان محافظة المهرة مجالا حيويا لها، حيث تمنح ميزات خاصة لأبناء المهرة للتنقل بين اليمن وعمان، كما شرعت في تجنيس المئات من الوجاهات القبلية في المحافظة.
وتوسّع الدور العماني المتصاعد في مناطق جنوب اليمن، حيث تؤكد مصادر خاصة وقوف مسقط خلف عودة القيادي الإخواني حمود سعيد المخلافي إلى الواجهة في محافظة تعز من خلال تبنيها لعلاج عدد من الجرحى عبر الشيخ الإخواني المقيم في إسطنبول والذي تؤكد مصادر “العرب” انتقاله إلى مسقط، بالتزامن مع رفع الإخوان في تعز لصور السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان لأول مرة في ساحات وشوارع المدينة، في مؤشر على حالة التناغم غير المسبوقة.
وكشفت مصادر مطلعة لـ”العرب” عن تلقي المخلافي تمويلا من قطر بهدف تأسيس عدد من المعسكرات في منطقة المعافر بمحافظة تعز. وتمكنت كتائب أبوالعباس السلفية في منطقة البيرين في وقت سابق من ضبط ثلاثة أطقم عسكرية محملة بالأسلحة كانت قادمة من مأرب إلى المعافر من بين 20 طقما كانت في طريقها لتعزيز معسكرين جديدين لجماعة الإخوان هناك قوامهما أكثر من 3500 فرد، وتبين أن تلك الأطقم والأسلحة مرسلة من القيادي الإخواني حمود المخلافي وأنه تم شراؤها من مدينة مأرب.
ولفتت المصادر إلى أن الهدف من تأسيس تلك المعسكرات هو الوصول إلى منطقة باب المندب الاستراتيجية ومنع التحام كتائب أبوالعباس بقوات العمالقة في منطقة الكدحة، وخلق بؤرة توتر تحول دون عرقلة مشروع الإخوان للسيطرة على محافظة تعز، إضافة إلى محاولة إرباك عمليات تحرير الساحل الغربي ومدينة الحديدة.
وأثار الإصرار الحوثي خلال الأيام الماضية على وصول طائرة عمانية إلى مطار صنعاء العديد من علامات الاستفهام، في ظل التمسك الحوثي بهذا المطلب بشكل ملح ورفضه المشاركة في مشاورات جنيف وتقديمه عرضا بإطلاق سراح أقرباء الرئيس السابق علي عبدالله صالح بشرط وصول الطائرة.
وتستغل العديد من الأطراف الإقليمية انشغال التحالف العربي بأعباء الحرب والجانب الإغاثي للعب أدوار مشبوهة تصب في صالح الحوثيين، مستفيدة من سوء إدارة الحكومة الشرعية للعديد من الملفات وعدم التجانس بين المكونات المنضوية فيها، إضافة إلى تمكن الدوحة من لعب دور تخريبي عبر العديد من الموالين لها داخل الحكومة اليمنية وأخذت على عاتقها الإساءة إلى أحد أبرز أطراف التحالف العربي والتشكيك فيه.