كتبت صحيفة الخليج الإماراتية في افتتاحيتها أن كل حرب لها هدف سياسي، وهذا يتوقف على نتيجتها. وترتبط الحرب بدول القوة التي تجعل من قوتها العسكرية الوسيلة لفرض أهدافها على الطرف الآخر. وهنا السؤال: ماذا تريد إسرائيل من حربها الآن على غزة؟ وقبل ذلك، هل حققت حروبها العديدة على غزة وغيرها ما تريد؟
وأضافت أنه باستقراء تاريخ الحروب السابقة، كانت النتيجة هي فشل خيار الحرب في الوصول إلى الهدف، أي تحقيق أمنها وبقائها رغم تفوقها العسكري. الإجابة لا، وهذا ما أثبتته الحرب الآن على غزة الصغيرة، والأقل قوة، رغم ما ألحقته من دمار شامل فإسرائيل غير قادرة على محو الشعب الفلسطيني الذي ما زال يملك القدرة على المقاومة ورفض الاحتلال.
وأكدت الصحيفة أن الحقيقة أن الفلسطينيين ليسوا مجرد جماعات سكانية متفرقة، بل هم شعب له هويته الوطنية والقومية وتاريخه الطويل على هذه الأرض الذي يسبق الوجود اليهودي. وحقيقة تاريخية غائبة وهي أن اليهود وحتى الهجرة الأولى كانوا يعيشون كشعب واحد مع الفلسطينيين، ولم تظهر بوادر الصراع إلا مع الهجرة الثانية في عشرينات القرن الماضي، عندما بدأت تظهر سياسات الاقتلاع والقوة والسيطرة على الأرض، ومحاولة نفي صاحبها والحيلولة دون قيام الدولة الواحدة.
كان يفترض أن نظام الانتداب البريطاني الذي فرض على فلسطين أن يكون هدفه العمل على قيام الدولة الواحدة لكل ساكني فلسطين، لكن الهدف كان تنفيذ وعد بلفور، وتحقيق هدف التحالف الصهيوني الاستعماري بقيام الوطن القومي اليهودي، والمقصود من وقتها قيام الدولة اليهودية التي لا يمكن أن تقوم إلا على حساب عدم قيام الدولة الفلسطينية، وعلى حساب السيطرة على الأرض وتهجير سكانها وهذا ما يفسر لنا استمرار الصراع بين من له حق في أرضه وبين من يريد أن يفرض دولته بترديد أساطير وسرديات ثبت فشلها كأرض الميعاد، وأرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
وأضافت الصحيفة أن هذا الفشل تجسده الحرب الآن على غزة. فلا بديل عن الحرب إلا الحل السياسي الذي يعترف بالفلسطينيين كشعب له حقوقه الثابتة تاريخياً والمدعومة دولياً، وقيام دولته المعترف بها من قبل 139 دولة، ولها صفة المراقب في الأمم المتحدة، إضافة إلى حقه في تقرير مصيره.. ويقول اللورد البريطاني بيتر هيني وهو وزير سابق للشرق الأوسط «إن المفاوضات الصعبة تحقق ما لا تستطيع القنابل تحقيقه، فإسرائيل لن تستطيع تدمير حماس واقتلاع جذورها، فهي حركة أيديولوجية، ومنغرسة في شعبها». ويضيف «إن الدروس المستفادة من جميع الصراعات الحديثة يجب أن تكون أن فشل الأقوياء في إنهاء الظلم والتفاوض على حل يولد التطرف، وعندما لا تنجح السياسة فإن العنف يملأ الفراغ».
وعليه، لا يوجد حل غير الحل السياسي، وأساسه إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة والبحث عن صيغ للتعايش ولا يمكن لإسرائيل تحقيق أمنها على حساب أمن الشعب الفلسطيني، هذا ما تثبته الآن الحرب على غزة.
واختتمت إن إنكار وجود الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية المشروعة، كما تروج حكومة نتنياهو، لن يجلب إلا الحروب والمآسي المتتالية والحروب المتواصلة.