المصالحة شقت طريقها، وهناك إصرار من جانب قادة الحركتين وكل الفصائل الأخرى، إضافة إلى مصر التي رعت واحتضنت وضمنت تنفيذ الاتفاق على المضي قدماً في إنجاز كل ما تم الاتفاق عليه من دون تباطؤ وبشكل متدرج في غضون شهرين أو أكثر قليلاً على أن يصار في كل فترة إلى مراجعة ما تحقق وما يجب أن يتحقق وذلك برعاية مصر أيضاً.
رغم المخاوف من أن يكون مصير هذا الاتفاق كسابقته. إلا أن ما يطمئن بأن اتفاق القاهرة مختلف، هو أن الظروف الآن هي غيرها في السنوات السابقة. فالقضية الفلسطينية على المحك وهي تمر بمنعرج مفصلي من حيث الاجتياح ««الإسرائيلي»» للأرض الفلسطينية المحتلة بالمستوطنات، والإصرار على تهويد الأرض، والتمسك بالأيديولوجية القائمة على التوسع والاحتلال كسياسة ثابتة لحكومة نتنياهو، واعتبار الأساطير التوراتية التي تتحدث عن «أرض الميعاد» و«يهودا والسامرة» و«القدس عاصمة أبدية» هي خريطة طريق لتكريس الاحتلال، بمعنى آخر أن لا «دولة فلسطينية» ولا حقوق فلسطينية يمكن أن تكون أساساً لأية مفاوضات ممكنة، وهو ما تأكد خلال أكثر من عشرين عاماً من مفاوضات عقيمة.
يضاف إلى ذلك أن الحديث عما يوصف بـ «صفقة القرن» من خلال تسوية إقليمية تشمل القضية الفلسطينية يجري الإعداد لها، تقتضي وضع استراتيجية وطنية فلسطينية لإدارة الصراع بموقف موحد قادر على أن يلجم أي خطوة قد تنال من الحقوق الفلسطينية أو التفريط فيها، لأن استمرار الانقسام يعني أن القضية سوف تصبح في خبر كان.
هناك اتفاق على استعجال تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، وخصوصاً فتح المعابر، ووضع آلية لضمان عملها لتسهيل حياة أهالي القطاع الذين عاشوا معاناة طويلة، وتمكينهم من الانتقال الحر كبقية بني البشر، وإعادة تشغيل المعابر كشرايين حياة إنسانية واقتصادية واجتماعية وصحية وتعليمية، وكذلك تمكين الحكومة من القيام بعملها في كل من القطاع والضفة الغربية على حد سواء باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للشعب الفلسطيني كي تستطيع القيام بدورها وتحسين ظروف حياة أهالي القطاع الذين يحتاجون إلى كهرباء ومياه ومرافق صحية وأمن وإعادة إعمار ما دمره الاحتلال.
كما أن الجوانب السياسية سوف تكون محل بحث ومناقشة بين الحركتين مطلع الشهر المقبل، ثم تلتقي كل الفصائل الفلسطينية في القاهرة أيضاً لمناقشة كل الملفات المطروحة والخروج بموقف فلسطيني موحد يضع الإطار الشامل لبرنامج كفاحي يأخذ في الاعتبار كل المتغيرات الإقليمية والدولية، ويحدد إطار العمل الدبلوماسي والسياسي، و تشكيل حكومة فلسطينية جديدة وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية، وإعادة تشكيل منظمة التحرير كي تكون الإطار الجامع لكل الشعب الفلسطيني.
إن عدم التطرق إلى سلاح المقاومة يعني أن هناك اتفاقاً على أن يظل هذا السلاح جزءاً من النضال الفلسطيني مع ضبط استخدامه في الداخل، وأن يكون جزءاً من الاستراتيجية الوطنية لإدارة الصراع.