قالت صحيفة “الجارديان البريطانية” إنه منذ أكثر من مائة عام لم تكن بريطانيا مختلفة كثيرا عن العديد من الدول الفقيرة اليوم ، إذ كان متوسط الأعمار منخفضا، وكان معدل وفيات بين الرضع مرتفعا وانتشرت الأمراض التي تنقلها المياه ، وعمل الناس لساعات طويلة، ثم جاءت الثورة الصناعية واكتشفت بريطانيا، تليها دول أخرى في المناطق معتدلة الحرارة في العالم ، إكسير النمو الاقتصادي ، وبدأ الدخل للفرد في الارتفاع بسرعة أكبر، مما أدى لتقليل أسابيع العمل وإطالة متوسط الأعمار وانخفض عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع.
وأضافت ، أنه تم إنفاق المزيد من الأموال على الصحة والتعليم والصرف الصحي، ولكن كان لذلك ثمن ، إذ أدى قرنان من استخدام الوقود الأحفوري لتشغيل النشاط الاقتصادي دون أي اعتبار للعواقب لارتفاع درجة حرارة الأرض، والتي وصلت الآن إلى مستويات كارثية محتملة .
وذكرت الصحيفة – في مقال عبر موقعها الإلكتروني اليوم الخميس- أن الخبر السار من الأيام الأولى لمؤتمر كوب26 في جلاسكو هو أن الجميع يعترف بوجود مشكلة، فالرئيس الأمريكي، جو بايدن يفهم ذلك ، وكذلك المستشار البريطاني ريشي سوناك. والرئيس الصيني شي جين بينج، يدرك ذلك التهديد مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أو المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل. إذ يدرك أباطرة التمويل العالمي الكبار أنه يتعين عليهم التعهد بالالتزام بأهداف صافي الكربون الصفري حتى مع الاستمرار في تمويل قطاع الوقود الأحفوري.
ومع ذلك هناك خطر حقيقي من أن يبوء كوب 26 بالفشل -وفقا للصحيفة- وأن ينتهي البحث عن نهج جماعي لمعالجة أزمة المناخ، بتبادل الاتهامات ولعبة إلقاء اللوم. والسبب في ذلك بسيط: فالبلدان الغنية تريد أن تضع البلدان الفقيرة أهدافا أكثر صرامة لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وتقول الدول الفقيرة إنها لن تفعل ذلك إلا إذا كانت الخطط متوافقة مع الحد من الفقر وتضييق فجوة الرفاهية بينها وبين الغرب ، تشير الدول الفقيرة إلى أن الفوضى الحالية ناتجة إلى حد كبير عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب على المدى الطويل من جانب الدول الغنية.
فالاحتباس الحراري مشكلة تطورت مع مرور الوقت ، والصين مسؤولة عن 28٪ من الانبعاثات العالمية الجديدة ؛ ولكن دول في أوروبا ساهمت من مخزون غازات الاحتباس الحراري، بنسبة الثلث والولايات المتحدة أقل بقليل من الربع، في حين تعاني الدول الغنية من انهيار مناخي أقل بكثير مما تعانيه الدول الفقيرة ، غير أن الدول الغنية هي التي تمتلك الموارد للقضاء عليه.
ولتحقيق هدف باريس المتمثل في 1.5 درجة مئوية، يجب التخلص من كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون كل عام من الآن وحتى عام 2050. وسيكون لذلك تكلفة. لقد وضع بنك الاستثمار الأمريكي مورجان ستانلي سعرا قدره 50 تريليون دولار (37 تريليون جنيه إسترليني) على خمسة مجالات رئيسية للتكنولوجيا -بما في ذلك 20 تريليون دولار لتطوير الطاقة الهيدروجينية و 14 تريليون دولار للطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المائية ، و 11 تريليون دولار للمركبات الكهربائية.
وعلى الرغم من الكثير من الوعود، كانت المساعدة المالية بطيئة في الوصول. ومن ثم تمتلك البلدان النامية كل الحق في السخرية من المبلغ البالغ 130 تريليون دولار للتعامل مع أزمة المناخ التي يُزعم أن أكبر الشركات المالية في العالم توفره ، في حين أن التعهدات السابقة بتقديم 100 مليار دولار سنويًا من الدول الغنية لم يتم الوفاء بها بعد.
ومضت الصحيفة تقول إنه ليس من الصعب الخروج باقتراحات لما يتعين أن يحدث. فيمكن للدول الغربية أن تفي بالتزاماتها المالية دون تأخير. ويمكن أن توفر تخفيفا أكبر لديون الأعداد المتزايدة من البلدان التي تعاني من ضائقة. كما يمكن تنظيم الصفقات التجارية لمنع مقاضاة الدول التي تتخذ إجراءات ضد شركات الوقود الأحفوري.
واختتمت الصحيفة البريطانية مقالها قائلة إن الدول الغنية تصر على أن الأموال شحيحة في أعقاب الوباء العالمي، ولكن هذا هو نوع المبالغ يحتاج الغرب لأخذه على محمل الجد في العالم النامي.
المصدر : أ ش أ