رصدت صحيفة “سينس مونيتور” الأمريكية التحديات المتزايدة التي تواجه التحالف الوثيق بين الولايات المتحدة وإسرائيل.. لاسيما الحرب المستعرة في قطاع غزة، والتي قد دفعت هذه العلاقة في اتجاه غير مسبوق؛ ما أضاف إلى التوترات السياسية المتراكمة خلال فترة حكم بنيامين نتنياهو الممتدة لـ 16 عامًا.
وتحت هذا المشهد المعقد، تتساءل الصحيفة عن مستقبل العلاقة بين واشنطن وتل أبيب، وما إذا كانت هذه التوترات قد تؤدي إلى إعادة تعريف الشراكة التي تمتد لعقود.
وألمحت إلى أن ذلك سيعتمد على مدة استمرار الحرب، وكيف ستنتهي، وما إذا كان من الممكن تخفيف محنة المدنيين الفلسطينيين في غزة، وما إذا كان من الممكن تجنب صراع إقليمي أوسع نطاقا.
وأوضحت الصحيفة أن الأمر يعتمد -أيضا- على ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي سيبقى في السلطة، وما إذا كانت نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس ستحتفظ بسيطرة الحزب الديمقراطي على البيت الأبيض في نوفمبر المقبل. وتبدو النتيجتان بالتأكيد أكثر احتمالا مما كانتا عليه قبل بضعة أسابيع فقط.
وقالت الصحيفة إنه على الرغم من عدم وهن التزام أمريكا بأمن إسرائيل إلا أن هناك علامات على التآكل.
ورأت الصحيفة أن أحد أسباب الدعم العسكري المعزز الذي تقدمه واشنطن منذ 7 أكتوبر – نحو 14 مليار دولار، بالإضافة إلى ما يقرب من 4 مليارات دولار من المساعدات الأمريكية السنوية – هو “الارتباط العاطفي السياسي” للرئيس الأمريكي جو بايدن سابقا مع إسرائيل.
لكن الاتصال الأمني أعمق بكثير؛ فلقد تم بناؤه على سنوات من التعاون الوثيق في المسائل العسكرية والاستخبارات والاستراتيجيات والتكنولوجيا، مدعوما بأولويات أمنية مشتركة خلال الحرب الباردة، ومؤخرا التهديد الذي تفرضه إيران وحلفاؤها.
ويحظى الالتزام الأمني -بحسب الصحيفة- بدعم واسع النطاق من الحزبين في الولايات المتحدة. وكما أكد بلينكن هذا الأسبوع، فإن هذه العلاقة تخدم أيضًا مصلحة أمريكية مباشرة: وهو ردع أي تحرك إيراني يمكن أن يؤدي إلى صراع مباشر مع إسرائيل وحرب إقليمية.
لكن هذا الأمر أصبح أقل صحة فيما يتعلق بالعلاقة الأوسع بين الولايات المتحدة وإسرائيل وإن التوترات السياسية المتزايدة بين واشنطن وإسرائيل بشأن غزة قد تقضي على إمكانية تحقيق مثل هذا التوافق في المستقبل. وهذا هو التغيير الذي بدأ يتجذر منذ أكثر من عقد من الزمن، والذي لعب فيه نتنياهو دورا مركزيا.
وأضافت الصحيفة أن العلاقة الوثيقة التي تربط الولايات المتحدة بإسرائيل، بدأت تتغير تحت قيادة نتنياهو، خاصة خلال فترة رئاسة باراك أوباما.. فحين كانت إسرائيل سابقاً تحرص على تعزيز علاقاتها الثنائية مع الولايات المتحدة، ركز نتنياهو على تحفيز الدعم من اليمين السياسي الأمريكي وقادة الجمهوريين في الكونجرس.
وكان أكثر العلامات دراماتيكية على تآكل العلاقات عندما كانت واشنطن تضع اللمسات الأخيرة على اتفاق متعدد الأطراف مع إيران للحد من برنامجها النووي والتي حينها جادل ضد الاتفاق في كلمة أمام الكونجرس الأمريكي.
وعاد التوتر للظهور مؤخراً عندما حصل نتنياهو في أواخر عام 2022 على أغلبية برلمانية؛ دفعه ذلك إلى دعم الحكم الإسرائيلي الدائم على الضفة الغربية المحتلة والسعي للحد من استقلالية المحكمة العليا في إسرائيل. وأشارت الصحيفة إلى أن الحرب في غزة زادت من تفاقم هذه التوترات.
وفي أواخر الشهر الماضي، قبل نتنياهو – مرة أخرى – دعوة لإلقاء خطاب في جلسة مشتركة للكونجرس، وسط انقسامات داخل حزب بايدن حول السياسة تجاه غزة في عام انتخابي. كما تزايدت التوترات حول الحاجة الملحة للتوصل لوقف إطلاق النار، ومستوى الخسائر المدنية، وقبل كل شيء، رؤية بايدن طويلة المدى لغزة والشرق الأوسط.
وأردفت الصحيفة قائلة: إن بايدن يبدو عازما على صياغة مشروع مشترك مع إسرائيل وبعض دول لإعادة إعمار غزة، وإعادة فتح مقترح التوصل في نهاية المطاف إلى سلام قائم على أساس الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين، وتعزيز الشراكة الإقليمية لتقييد إيران وحلفائها.
ومع اعتماد نتنياهو على شركائه من اليمين المتطرف، ليس من الواضح ما إذا كان سيقبل بالتنازلات اللازمة لتحقيق ذلك. بدلاً من ذلك، قد يعتمد على تجنب اتخاذ قرارات سياسية صعبة في حال عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا ربما يدفع لإصلاح العلاقات مع واشنطن، طالما ظل الرجلان على رأس السلطة. لكنه قد يعمل أيضاً على ترسيخ تغيير دائم في طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وخلصت الصحيفة بالقول: إنه على الرغم أنه من المرجح أن تظل العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة وإسرائيل قوية إلا أن مدى “خصوصية” العلاقة قد تكون الآن تحت رحمة الرياح السياسية التي تهب في كلا البلدين.
المصدر : أ ش أ