قالت صحيفة “ذا هيل” الأمريكية إن العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا والصين بدأت في عهد الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن بداية صعبة وعدائية.
وأشارت الصحيفة -في سياق تقرير نشرته اليوم السبت على موقعها الإلكتروني- إلى أن بايدن أيد مؤخرا تقييم أحد الإعلاميين الذي وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنه “قاتل”، وهدد بايدن بأن بوتين سيدفع ثمن التدخل في الانتخابات الأمريكية، ورد بوتين متمنيا لبايدن “صحة جيدة” وهو رد “يذكّر أي شخص بتسميم معارضي الكرملين”، وفقا للصحيفة.
بعد ذلك بيوم واحد تبادل المسؤولون الأمريكيون والصينيون كلمات حادة في اجتماعهم الأول منذ تنصيب بايدن، إذ أشارت بكين إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تكون قلقة بشأن الديمقراطية داخل حدودها أكثر من قلقها من خارجها.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن إدارة بايدن تأمل في مواجهة روسيا والصين من خلال تعزيز تحالفات الولايات المتحدة والعمل بالتنسيق مع الشركاء للضغط على البلدين لتغيير سلوكهما، كما تظهر موسكو وبكين إشارات عدائية تجاه إدارة بايدن مما يشير لاستعداد البلدين أيضا لمواجهة الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، أوضحت مديرة برنامج الأمن عبر المحيط الأطلسي في مركز الأمن الأمريكي الجديد أندريا كيندال تيلور إن الحديث الحاد ليس مفاجأة بالنظر إلى القوة التي تعتقد موسكو وبكين أنهما اكتسبتاها خلال سنوات حكم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وقالت تيلور “إن روسيا والصين عملتا بشكل متزايد على مواءمة مصالحهما على المسرح العالمي، وكانت أهدافهما النهائية متوافقة ولا تزال كذلك فكلاهما يريد الضغط على الولايات المتحدة وتحويل النظام الدولي بعيدا عن سيطرة الولايات المتحدة، وفي أفعالهما تعتبر روسيا أكثر اضطرابا والصين تفضل مواجهة أقل، لكن كلاهما يعمل لتحقيق نفس الأهداف”.
وعلى الرغم من هذا العداء تأمل إدارة بايدن في العمل مع كلا البلدين في مجالات اتفاق مشترك مثل مواجهة تغير المناخ وإصلاح الاتفاق النووي الإيراني الذي وقعت عليه الصين وروسيا.. لكن الرئيس الأمريكي حشد حلفاء الولايات المتحدة للتنديد بشدة بانتهاكات حقوق الإنسان في كلا البلدين وفرض العقوبات.
وقالت “ذا هيل” إن منتقدي إدارة ترامب يعتبرون نهج بايدن بمثابة نسمة من الهواء النقي في ضوء مبادرات ترامب الودية تجاه بوتين وتقويضه للتقييمات الرسمية لسلوك موسكو الذي وصفوه بالعدواني.
وفرضت إدارة بايدن المزيد من العقوبات على روسيا بسبب تسميم وسجن المعارض الروسي أليكسي نافالني.. كما أثار الخلاف مع الصينيين بعض التضامن بين المشرعين الجمهوريين الذين كانوا يتطلعون لمهاجمة بايدن لكونه متساهلا للغاية مع الصين.
وقال السيناتور بن ساسي عضو لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي -في بيان يوم أمس الجمعة- “لدي العديد من الخلافات السياسية مع إدارة بايدن لكن يجب على كل أمريكي أن يتحد ضد طغاة بكين، كان وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين ومستشار الأمن القومي سوليفان محقين في قولهما “ليس من الجيد أبدا الرهان ضد الولايات المتحدة” ويجب الاستمرار في الكشف عن أكاذيب الرئيس الصيني شي جين بينج”.
وقالت إدارة بايدن إنها تهدف إلى الاقتراب من بكين من موقع قوة، باستخدام حزمة الإغاثة من فيروس كورونا التي تم تمريرها مؤخرا كمثال على المرونة الاقتصادية والمحادثات مع الحلفاء والدول الشريكة كإظهار للاتفاق وفهم القواعد والأعراف الدولية.
وأشارت نائبة السكرتير الصحفي الرئيسي للبيت الأبيض كارين جان بيير إلى أن خطاب المسؤولين الصينيين موجه إلى الجمهور المحلي وأقروا بأن المسؤولين الأمريكيين ذهبوا إلى الاجتماع وهم يعلمون أن المحادثات ستكون “صعبة”.
واستنكر المسؤولون الصينيون جهود الولايات المتحدة لحشد الحلفاء إذ قال مدير الشؤون الخارجية الصيني يانج جيتشي في اجتماع ألاسكا “لا أعتقد أن الغالبية العظمى من الدول في العالم تعترف بأن القيم العالمية التي تنادي بها الولايات المتحدة يمكن أن تمثل الرأي العام الدولي “، وجاء رد بلينكين “يجب أن أخبرك بأن ما أسمعه مختلف تماما عما وصفته”.
ووصل وزير الخارجية الأمريكي إلى ألاسكا بعد لقاءاته الأولى وجها لوجه مع الحلفاء في اليابان وكوريا الجنوبية في أعقاب اجتماع بايدن الافتراضي مع قادة من الهند وأستراليا واليابان والذين يشاركون جميعا مخاوفهم بشأن بكين.
وقالت ليزا كورتيس التي شغلت منصب مدير مجلس الأمن القومي لشؤون جنوب ووسط آسيا في عهد ترامب “يبدو أن الصينيين كانوا في موقف دفاعي بعد قمة رباعية ناجحة للغاية في الأسبوع الماضي وزيارات وزيري الخارجية والدفاع الأمريكيين إلى اليابان وكوريا الجنوبية في وقت سابق من الأسبوع”.
وأضافت كورتيس “بالنظر إلى التحديات العديدة التي تطرحها الصين على مصالح الولايات المتحدة مثل حقوق الإنسان في شينجيانج والتبت وهونج كونج والسلوك العسكري العدواني في جميع أنحاء المحيطين الهندي والهادئ والإكراه الاقتصادي لحلفاء الولايات المتحدة، فقد يكون من الجيد أن يتخلص الطرفان من التفاصيل الدبلوماسية ويصلان مباشرة إلى قلب خلافاتهما”.
وقال أنتوني روجيرو المدير السابق في مجلس الأمن القومي “إنه ينظر إلى الخطاب الأكثر عدوانية لموسكو وبكين باعتباره اختبارا مبكرا لإدارة بايدن، وقد يكون محاولة من كلاهما للضغط على هذه الإدارة لمعرفة ما إذا كانت مستعدة للرد إما من خلال العقوبات أو غيرها من الردود المحتملة”.
وأضاف “أعتقد أن التعليقات في اجتماعات ألاسكا تظهر حقا أن الصينيين يظهرون علنا ما يفعلونه في السر وهو محاولة التنمر على الناس، وردت إدارة بايدن بشكل مناسب”.
ومن المقرر أن يتوجه وزير الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكين إلى بروكسل يوم الإثنين المقبل لعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي وزعماء بلجيكا، ومن المتوقع أن تكون روسيا والصين على جدول الأعمال.
وقال نائب وزير الخارجية للشؤون الأوروبية والأوروبية الآسيوية فيليب ريكر في تصريحات صحفية يوم أمس الجمعة “نتوقع حتى كما رأيتم في الأيام الأخيرة أن تظل علاقتنا مع روسيا تمثل تحديا، ومن الواضح أن الناتو يدرك ذلك تماما وهو أمر أعتقد أننا مستعدون له”.
المصدر : أ ش أ