أعربت صحف عربية اليوم عن مخاوف من التأثير السلبى للهجمات الإرهابية التى شهدتها العاصمة الفرنسية باريس الجمعة 13 نوفمبر وتبناها تنظيم “داعش” ليس فقط على الجالية العربية المقيمة في أوروبا وإنما أيضا على العرب والمسلمين بصفة عامة.
وحذرت بعض الصحف من موجة جديدة من “العنصرية القبيحة” من داخل المجتمعات الأوروبية، بينما عقد بعض الكتاب مقارنة بين هجمات الحادى عشر من سبتمبر/أيلول 2001 وأحداث باريس الدامية.
“موجة جديدة من العنصرية القبيحة”
وحذر بهجت قرني فى جريدة الأهرام المصرية من بعض الآثار الاجتماعية والسياسية السلبية من جراء هجمات باريس.
وكتب قرني “نحن إذن على أبواب موجة جديدة من العنصرية القبيحة من داخل المجتمعات الأوروبية نفسها وليس فقط من داخل الأجهزة الحكومية وسلطات الأمن، وسيزيد عدد الإجراءات المقيدة للحريات ضد المهاجرين العرب وحتى المواطنين الأوروبيين من أصل عربي، وتزداد نظرات الاتهام ضد كل رموز الإسلام من حجاب ولحية. نحن على أبواب مرحلة صعبة قد تتأثر فيها العلاقة حتى بين الأصدقاء ذوى الأصول العرقية المختلفة، وحتى بين الأطفال داخل المدرسة الواحدة”.
وفى جريدة الوسط البحرينية، يرى منصور الجمرى أن ما قام به التنظيم الإرهابي في فرنسا يفتح “أبواب البلاء على العرب والمسلمين” المقيمين في تلك الدول، إذ إن أشكالهم ومناطقهم ومساجدهم أصبحت الآن “هدفاً للحركات اليمينية التي ستجدُ فيما يحدث فرصةً للنيل من الإسلام والمسلمين”.
وقال الكاتب أن المسلمين يتوجّبُ عليهم أن “يُحدِّدوا وُجهة نظرهم وأن يُعلنوا مواقفهم بصراحة ومن دون لبس، وأن يُبعدوا أنفسهم عن النهج الذي يُهدِّدُ أمنَهم واستقرارهم، وأمن واستقرار الآخرين”.
ويرى عبد العزيز الكندري فى مقاله فى جريدة الرأي الكويتية “أن هذه العمليات ومن يقوم بها من الوحوش البشرية، خطر جداً على الإسلام والمسلمين، خصوصا ممن يعيشون في أمان في أوروبا، حيث إن الأحزاب اليمينية المتطرفة ستستثمر هذا الحدث لصالحها، بل تم استثماره بالفعل من أول يوم للحادث، حيث بدأت تصف المسلمين بأبشع الأوصاف”.
ودعا الكندري الجاليات الإسلامية إلى استنكار هذا “الفعل الشنيع”، وأضاف “في مثل هذه الحروب يجب أن تحدد موقفك، ولامكان للحياد في مثل هذه الجرائم البشعة، وأن يكون موقفك إدانة مثل هذه العمليات الإجرامية، وإياك أن تبرر قتل أناس آمنين في بلدانهم بيننا وبينهم اتفاقيات ومعاهدات وتبادل سفارات، وإذا كان هناك بعض الظلم فهذا لا يبرر النظرة السوداوية وتبرير ظلم الآخرين لأن هذا جنون.”
“حتى لا تتكرر أخطاء ما بعد اعتداءات 2001”
وفى جريدة الغد الأردني، قارن أحمد جميل العزم بين تبعات هجمات الحادى عشر من سبتمبر وما قد يلى هجمات باريس. وكتب فى مقاله المعنون “حتى لا تتكرر أخطاء ما بعد اعتداءات 2001” إنه سيكون من “الخطأ أن يكرر العالم أساليبه في مواجهة الإرهاب، بعد هجمات يوم الجمعة الدموية في باريس، كما حدث بعد يوم الحادى عشر من سبتمبر 2001. ويستوي في هذا الغرب والعرب، الفلسطينيون وباقي العالم”.
وأضاف الكاتب أن “قيام الدول الغربية بتبني خطة عسكرية للقضاء على “داعش” ومشتقاته وشبيهاته، سيكون تكراراً لخطأ الحرب على أفغانستان، بعد اعتداءات 2001. تماماً مثلما أنّ تبني الحل الأمني في التعامل مع المهاجرين في أوروبا خطأ”.
ويرى العزم أنه ربما يكون ما هو مطلوب حاليا هو تصور يطرحه “مفكرون وأكاديميون، وسياسيون استراتيجيون حكماء، على غرار ويلسون، لرزمة حلول، تعلي شؤون حقوق الإنسان عالميا، وتحدد آليات لمحاسبة الحكومات، وتصلِح الأمم المتحدة وأنظمتها وأدواتها، بدلا من تهميش هذه المنظمة عندما لا تخدم سياسات الدول الكبرى”.
أما الكاتب رفيق خورى فيرى أن هجمات باريس هى “نسخة جديدة من مرحلة ما بعد حادى عشر من سبتمبر”.
وكتب خورى فى جريدة الأنوار اللبنانية “من يلعب دور الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن ليس الرئيس باراك اوباما بل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند. بوش الابن أعلن الحرب على الإرهاب وبدأ غزو أفغانستان لإسقاط حكم طالبان الذي كان يضمن الملجأ الآمن للقاعدة. وهولاند أعلن في خطاب فرساي أمام جلسة مشتركة للبرلمان ومجلس الشيوخ حرب تدمير داعش الذي يحاول تدميرنا. وكما اتخذ بوش اجراءات شديدة في الداخل وطلب من الكونجرس قوانين تحد من حريات الأمريكيين، كذلك فرض هولاند حال الطوارئ ثم طلب قانوناً لتمديدها الى ثلاثة أشهر ومراجعة الدستور من أجل مقتضيات مكافحة الارهاب”.
وأشار الكاتب إلى أن “حرب القضاء على داعش تحتاج، لا فقط الى قوى على الأرض يغطيها القصف الجوي كما يقول اوباما وبوتين، بل أيضاً الى جبهة ثقافية وفكرية تبطل جاذبية دولة الخلافة لدى شبان في بلدان عدة”.
وتساءل عثمان النمر فى جريدة الخليج الإماراتية عن إمكانية تغير العالم بعد اعتداءات نوفمبر في باريس، مثلما تغير العالم بعد أحداث أيلول 2001 في الولايات المتحدة؟
وقال النمر إن أحداث سبتمبر كانت “مبرراً لحربين في أفغانستان والعراق، وإطاحة نظامي الحكم فيهما، وطرح مشروع جيوسياسي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتغيير قواعد الاشتباك، والتوسع في قوائم العقوبات، وتقييد التحويلات المالية والرقابة عليها، ونشر المزيد من القواعد العسكرية والقوات الأمريكية حول العالم، وخروج المزيد من النازحين واللاجئين وتعقيد الأزمة الإنسانية التي تحاصرهم، وتكثيف الأنشطة الاستخبارية، وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان، وفرض المزيد من القيود على حركة السفر”.
وحذر الكاتب من أن أي عمل عسكري جديد سيترتب عليه المزيد من الأزمات الإنسانية، إذ سيخرج المزيد من النازحين واللاجئين.
المصدر: وكالات