حسم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري خياره بالاعتذار عن متابعة مهمته، مع إصرار رئيس الجمهورية على عرقلة تشكيل الحكومة طوال 9 أشهر.
ووفقاً لصحف عربية صادرة اليوم الجمعة، فبمجرد اعتذار الحريري، تضاعفت المخاوف في لبنان من مرحلة سياسية ضبابية تدفع الأزمة الحكومية والمعيشية إلى التصعيد، وبدأت أولى مؤشراتها أمس بارتفاع سعر صرف الدولار ليلامس 22 ألف ليرة للمرة الأولى في تاريخ لبنان، وسط احتجاجات وحالة غضب في الشارع.
ونقل محمد شقير في صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية عن مصدر نيابي بارز في لبنان أن التشكيلة الحكومية التي قدمها الحريري كان يمكن أن تشكّل خشبة الخلاص لوقف انهيار لبنان، وأن تكون بمثابة “سترة النجاة” لإعادة الاعتبار ولو متأخراً لـ”العهد القوي” (للرئيس ميشال عون) الذي أخذ يتهاوى تحت ارتفاع منسوب التأزُّم وغياب الحلول وتخلي حكومة تصريف الأعمال عن مسؤوليتها والتي يحل مكانها المجلس الأعلى للدفاع كـ”بدل عن ضائع”.
وعليه، يقول مصدر سياسي بارز إن العائق الوحيد الذي يمنع تشكيل الحكومة يكمن في موقف “حزب الله”، وأن لا مكان للتذرُّع بقوى خارجية لصرف الأنظار عن عدم استعداده للضغط على باسيل، لأنه هو من يدير المفاوضات حول تشكيل الحكومة بتسليم لا لبس فيه من عون.
واعتبرت وفاء عواد في صحيفة “البيان” الإماراتية أن منسوب الكلام عن ضرورة الاستعداد لمرحلة ما بعد الحريري يرتفع: من يخلفه لرئاسة الحكومة؟ ومن ستكون له الكلمة الفصل في التسمية الجديدة؟
وأوضحت أنه تردّدت معلومات مفادها أنّ دولاً أساسيّة، منخرطة في الجهود القائمة لحلّ أزمة لبنان، بدت متوجّسة من التداعيات التي قد تترتّب على اعتذار الحريري، باعتبار أنّه سيترك فجوات خطيرة في واقع لبنان، ما لم ترافقه ترتيبات انتقاليّة للبحث عن البديل، بموافقة كليّة من الحريري نفسه، مشيرة إلى أنّ محاور دوليّة دخلت على خطّ الحكومة، تحت سيْف العقوبات.
وعبر صحيفة “الجمهورية” اللبنانية، رأى شارل جبور أنه “تبين انّ الحريري لا يعرف عون جيداً، حيث كان عليه إما ألّا يخوض مغامرة التكليف. وخطأ الحريري كان باعتقاده بأنّ دقة الوضع ستدفع عون إلى تليين موقفه، فيما ذهب رئيس الجمهورية إلى أقصى التشدُّد، في محاولة لحماية ما تبقّى من عهده وما بعد هذا العهد”.
وأضاف “بعد أن حقّق هدفه باستبعاد الحريري، سيتعامل عون بليونة فائقة مع التكليف، فالتأليف متكئاً على مناخ دولي أولويته تأليف حكومة بمعزل عمن يرأسها من أجل فرملة الانهيار وضبط الاستقرار. وبالتالي فإن رهان عون يكمن بأن أي حكومة جديدة ستُمنح فترة سماح داخلية وخارجية، وستستفيد من الدينامية الدولية التي وضعت لبنان في صدارة اهتماماتها وأولوياتها، وبالتالي سيتمكّن من شراء الوقت، خصوصاً انّه وضع الخلاف مع الحريري بالتقني لا السياسي، الأمر الذي سيوظِّفه عون بتشكيل حكومة يوحي بتركيبتها أنّها موثوقة وقادرة على الإصلاح”.
وتحت العنوان أعلاه، أشارت صحيفة “الرياض” السعودية إلى أنه “على الرغم من الجهود العربية والدولية لحلحلة الأزمة اللبنانية إلا أنها لم تنجح في إحداث أي اختراق يذكر، ذلك أن الطبقة السياسية في لبنان مسلوبة الإرادة لا تملك قرارها بل هي رهينة عند “حزب الله” يوجهها كيفما شاء، بإرادة إيرانية واضحة لا تريد الخير لا للبنان ولا للبنانيين”.
وتساءلت الصحيفة إن كان “حزب الله يريد ربما لعب دور المنقذ حتى يزيد من إحكام سيطرته أكثر وأكثر على لبنان، فيكون دولة تابعة لإيران تحت شعارات الممانعة والمقاومة التي لا تشبع بطون اللبنانيين التي أرهقها الجوع وأذلها الفقر”.
من جهتها، رأت صحيفة “العرب” اللندنية أن الحريري اعتذر عن تشكيل حكومة بعد أن قُُدم كـ”منقذ” للبنان منهياً ما يمكن وصفه بتسعة أشهر من الخديعة التي تشترك فيها الطبقة السياسية كلها في نقطة الحفاظ على الوضع الحالي دون أيّ تغييرات، وإنّ تمسك كل طرف بشروطه لم يكن الهدف منه إدانة الآخرين بقدر ما كان الوصول إلى نتيجة واحدة هي استحالة الحل، وما يعنيه ذلك من ترك اللعبة بأيدي اللاعبين الحاليين.
وقالت أوساط لبنانية متابعة إن “حزب الله استغل سنوات حكم الحريري للإمعان في بسط نفوذه، وهذا يعني أن الحريري، الذي يقدم نفسه كمعارض لعهد (الرئيس عون)، هو نفسه كان يتحرك لتأبيد الوضع الذي يحافظ فيه الحزب المرتبط بإيران على وضعه كفاعل رئيسي يتحرك الجميع لتنفيذ أجندته”.
المصدر: وكالات