استغرقت القوى السياسية الشيعية والسنية في العراق، وقتاً لتستوعب حقيقة أن السياسي مقتدى الصدر، ربح جولة حاسمة ضد حلفاء إيران في سباق تشكيل الحكومة العراقية.
وبحسب صحف عربية صادرة اليوم الجمعة، أفشل الصدر بشكل عملي، التصويت على مرشحي الأحزاب العراقية القريبة من طهران، وهو السبب الذي استدعى تأخير موعد انعقاد جلسة منح الثقة حتى ساعة متأخرة.
حاولت كتلة الصدر”سائرون” الاستفادة من عامل الوقت، بحسب ما ذكرت “صحيفة العرب”، من خلال التصويت على جزء محدد من التشكيلة، بما يضمن الشرعية الدستورية الكاملة لرئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي من جهة، ويسمح بنيل بعض الوزراء، دون غيرهم، ثقة البرلمان من جهة أخرى، وحققت الخطة الصدرية نجاحاً ساحقاً، إذ نال جميع الوزراء الذين يؤيدهم مقتدى الصدر ثقة البرلمان، عند طرحهم أولاً، وعددهم 14 وزيراً، قبل أن يحجم الرئيس المكلف، لسبب مجهول، عن عرض باقي أسماء أعضاء التشكيلة على التصويت.
واتضح بعد رفع الجلسة أن البرلمان العراقي صوت على جميع مرشحي “كتلة الإصلاح”، التي تضم “سائرون” و”النصر” بزعامة حيدر العبادي، وأجّل التصويت على وزراء تحالف “البناء”، الذي يضم منظمة بدر، بزعامة هادي العامري و”دولة القانون”، بزعامة نوري المالكي و”عصائب أهل الحق” بزعامة قيس الخزعلي، وجميعهم حلفاءٌ “موثوقونَ لطهران”.
وكانت الضربة الأكبر، التي تلقاها حلفاء إيران في البرلمان العراقي، تجنب عبد المهدي طرح مرشح حقيبة الداخلية للتصويت مع أصرار الأحزاب العراقية القريبة من إيران على ترشيح فالح الفياض لحقيبة الدفاع، وقبيل عقد جلسة منح الثقة، أرسل الصدر عبر تويتر إشارات تؤكد عدم رضاه على ترشيح الفياض لهذه الحقيبة الحساسة.
من جهة أخرى، قال النائب عن تحالف البناء عامر الفايز، عن كواليس تأجيل تمرير التشكيلة الحكومية في تصريح لـ”المدى” العراقية قال إنّ “تحفظات القوى البرلمانية المختلفة على الكابينة الحكومية اشتدت قبل موعد انعقاد الجلسة المسائية الأربعاء”، وقبل الجلسة بيومين وقّع أكثر من 120 نائباً على طلب لجعل التصويت سريّاً، حاولوا تقديمه إلى رئاسة البرلمان.
وتحدث الفايز عن تغييرات حدثت في قائمة الوزراء قبل تسربها الى وسائل الإعلام، قائلاً: “التغييرات جرت قبل موعد جلسة التصويت على التشكيلة الحكومية، وهي محاولة لخلق حالة من التوافق بين رئيس مجلس الوزراء المكلف، والقوى البرلمانية، لتسهيل عملية تمرير التشكيلة الحكومية”.
وأبدت القوى السُنيّة تحفظات كبيرة على المعايير التي وضعها رئيس مجلس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي، الذي أرجع أكثر من 15 مرشحاً سنياً إلى كتلهم لعدم مطابقتهم للشروط والمعاير التي وضعت.
من جانبه قال النائب يحيى المحمدي: “هناك مشكلة عانينا منها قبل عقد جلسة التصويت المتمثلة في تأخر إرسال السير الذاتية للمرشحين إلى الكابينة الحكومية من قبل رئيس مجلس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي”.
وأشار الكاتب العراقي حميد الكفائي، في مقال له بجريدة “الحياة”، إلى أن رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، لم يحلم يوماً بأن “الوسادة”، سوف “تُثنى” له بالطريقة التي حصلت في سبتمبر 2018.
وأجمع السياسيون ورعاة “الديموقراطية” الأجانب، والمرجعية الدينية الشيعية، بحسب الكاتب، الكفائي، على أن عبد المهدي هو المُنقذ، “فسارت نحوه الزعامة الهوينا وهو جالسٌ في بيته”، وقَبِل عبد المهدي التحدي، ليس طمعاً في قوة يستمدها من سلطة سيتولاها، أو دعماً يتلقاه من جارة متنفذة أو قوة عظمى “راعية”، بل لشعور بوجود فرصة تاريخية للتغيير، لأن جميع منافسيه استنفدوا قواهم في محاربة بعضهم بعضاً، بينما ضعفت الجارة (إيران) بسبب مغامراتها الخارجية، وترددت القوة العظمى لجهل مسؤوليها، وأصبح الجميع ضعفاء، وعبد المهدي هو الأقوى بينهم.
ولفت الكاتب إلى ان رئيس الوزراء العراقي الجديد يلقى على عاتقه ترتيب الكثير من المعادلات التي اعتقد البعض بأنها أصبحت راسخة، مثل حصر السلاح بيد الدولة، وهذه المهمة ستكون التحدي الأكبر له لأنها تعني “تجريد الجماعات المسلحة من سلاحها ونفوذها”، مستعرضاً الأمل في أن يرى محافظة البصرة “دبي العراق”.
وتواجه الحكومة العراقية تحدياً هائلاً يتمثل في إعادة إعمار بلد دمرته معارك استمرت ثلاث سنوات، لطرد تنظيم “داعش” الإرهابي من مناطق في شمال وغرب البلاد.
وأشارت صحيفة “الجريدة” إلى أنهُ سيكون على الحكومة معالجة آثار الاحتجاجات التي تصاعدت وشهدت أعمال عنف في بعض الأحيان ، للمطالبة بالخدمات العامة بينها معالجة البطالة والكهرباء والتي أدت لتعرض ما لا يقل عن 100 ألف شخص لحالات تسمم في محافظة البصرة النفطية، في جنوب البلاد.
ووسط ارتفاع الميزانية مع تصاعد أسعار النفط الذي يعد المورد الرئيسي للبلاد، سيكون على الحكومة مواصلة المفاوضات الجارية مع شركة “جنرال إلكتريك” الأمريكية، بدعم الإدارة الأمريكية، وشركة “سيمنز” الألمانية لإعادة شبكة الكهرباء التي تعاني نقصاً حاداً في الطاقة.
وسيواجه عبد المهدي المهمة الشاقة المتمثلة بتهدئة العلاقات مع إقليم كردستان العراق الذي صوت قبل عام على الانفصال، كما تواجه الحكومة أيضاً مهمة مواصلة الجهود لتأمين استقرار الأوضاع الأمنية في المناطق التي استعادتها القوات العراقية من “الجهاديين” الذين لا يزالون يشنون هجمات.
المصدر:وكالات