يحتفل المصريون بعيد “شم النسيم” أو “عيد الربيع” الذي يعد هدية مصر مهد الحضارات ومهبط الأديان إلى مختلف شعوب العالم القديم والحديث
حيث ترجع جذور كل مايرتبط بالاحتفال بشم النسيم من عادات وتقاليد اجتماعية أو طقوس وعقائد إلى أعماق تاريخ مصر، ويحتفل المصريين بعيد شم النسيم يوم الاثنين التالي مباشرة ليوم الأحد الموافق عيد القيامة المجيد طبقا لتقويم الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية وذلك في شهر “برمودة” من كل عام.
وهو من الاحتفالات المصرية الأصيلة التي تضرب بجذورها في عمق التاريخ المصري .
تسمية شم النسيم
وترجع تسمية شم النسيم بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية شمو، وهى كلمة هيروغليفية قديمة تعنى عيد الخلق أو بعث الحياة ، وكان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم يرمز إلى بدء خلق العالم وبعث الحياة.
وقد تعرَّض الاسم للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه كلمة النسيم لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.
وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم احتفال رسمي كبير ، فكانوا يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم ، و تخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.
مظاهر الاحتفال
يحتفل المصريون بعيد شم النسيم من خلال مهرجان شعبى، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفة، فيخرج الناس إلى الحدائق والحقول والمتنزهات.
ويرتبط الاحتفال بشم النسيم بمجموعة أطعمة تقليدية خاصة تتعلق بالعادات والتقاليد ، والتي انتقلت من المصريين القدماء عبر العصور لتفرض نفسها على أعياد الربيع فى أنحاء العالم القديم والحديث .
اكتب دعواتك وامنياتك على البيض في يوم شم النسيم وعلقها على الأشجار لتحظى ببركات نور الإله فيحقق أمنياتك .. هذه هي احدى مراسم الاحتفال التى يتخذها الفراعنة خلال احتفالهم بعيد شم النسيم أو عيد الربيع والذى يرمز لديهم إلى بدء خلق العالم وبعث الحياة.
وقد اتخذ المصريون الأن هذا العيد ليكون احتفالية كبرى للتمتع بجمال الزهور والرياحين فى الحدائق والمتنزهات … خاصة فى مثل هذا الوقت من العام والذي تزدهر فيه الرياحين فى فصل الربيع. فهو أقرب لمهرجان شعبي، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفة، للتنزه في الحدائق والحقول والمتنزهات.
عادات وتقاليد..
يرتبط الاحتفال بشم النسيم بمجموعة أطعمة تقليدية خاصة تتعلق بالعادات والتقاليد ، والتي انتقلت من المصريين القدماء عبر العصور لتفرض نفسها على أعياد الربيع فى أنحاء العالم القديم والحديث حيث تشمل قائمة الأطعمة المميزة لمائدة شم النسيم : البيض، والفسيخ (السمك المملح)، والخَسُّ، والبصل، والملانة (الحُمُّص الأخضر)، وهي أطعمة مصرية كان لها معنى ومدلول عند المصريون القدماء.
الفسيخ .. رمز الخير والرزق
الفسيخ والاسماك المملحة ظهرت من بين الأطعمة التقليدية في الاحتفال بالعيد في عهد الأسرة الخامسة، مع بدء الاهتمام بتقديس النيل، وقد أظهر المصريون القدماء براعة شديدة في حفظ الأسماك وتجفيفها وصناعة الفسيخ ، و اعتبروه رمزا للخير والرزق وتناوله في تلك المناسبة يعبر عن الخصوبة والبهجة المصاحبة لموسم الحصاد .
البصل ..يطرد الأرواح الشريرة..
ظهر البصل ضمن أطعمة العيد التقليدية أيام الأسرة السادسة وارتبط عندهم بإرادة الحياة وقهر الموت والتغلب على المرض، وارتبط ظهوره برواية وردت في إحدى برديات أساطير منف القديمة التي تروى أن أحد ملوك الفراعنة كان له طفل وحيد أصيب بمرض غامض أقعده عن الحركة لعدة سنوات وعجز الأطباء والكهنة في معبد منف في علاجه ، ولجأ الفرعون إلى الكاهن الأكبر لمعبد اون معبد اله الشمس والذى أرجع سبب مرض الابن إلى سيطرة الأرواح الشريرة عليه وأمر بوضع ثمرة ناضجة من البصل تحت رأس الأمير بعد أن قرأ عليها بعض التعاويذ كما علق على السرير وأبواب الغرف بالقصر أعواد البصل الأخضر لطرد الأرواح الشريرة وعند شروق الشمس قام بشق ثمرة البصل ووضع عصيرها في أنف الأمير الذي شفى تدريجيا من مرضه ومنذ ذلك الوقت اعتبره الفراعنة من النباتات المقدسة.
الخس والملانة .. يعلنان عن حلول الربيع
يعد الخس من النباتات المفضلة التي تعلن عن حلول الربيع باكتمال نموها وعرف ابتدأ من الأسرة الرابعة حيث ظهرت صوره في سلال القرابين بورقه الأخضر الطويل ، وكان يُسَمَّى بالهيروغليفية عب ، واعتبره المصريون القدماء من النباتات المقدسة. أما نبات الحمص الأخضر وهو ما يعرف عند المصريين باسم “الملانة”، فقد جعلوا من نضوجه إشارة إلى مقدم الربيع.
البيض الملون
بدأ ظهوره على مائدة أعياد الربيع مع بداية احتفال المصريين بعيد شم النسيم وهو عند المصريين القدماء يرمز إلى خلق الحياة من الجماد ، وكان قدماء المصريين ينقشون عليه الدعوات والأمنيات بألوان مستخلصة من الطبيعة ويجمعونه في سلال من زعف النخيل الأخضر ويتركونه في شرفات المنازل أو يتم تعليقها على فروع الأشجار بالحدائق ، لتحظى ببركات نور الإله عند شروقه فيحقق دعواتهم ، وقد تطورت هذه النقوش فيما بعد لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض.
وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله بتاح إله الخلق عند الفراعنة وهو يجلس على الأرض على شكل البيضة التى شكلها من الجماد ، وقد أخذ العالم عن مصر القديمة أكل البيض فى شم النسيم فصار البيض الملون هو رمز عيد الفصح الذى يتزامن مع شم النسيم .
ويشهد شم النسيم سنويًّا عديدًا من مظاهر الاحتفال المختلفة ، فى كل أنحاء ومدن الجمهورية، وفق ثقافات وعادات كل منطقة من هذه المناطق.
وتختلف احتفالات شم النسيم باختلاف المدينة أو المحافظة، فكل مدينة أو محافظة لها طقوس وعادات معينة فى الاحتفالات.
حيث تأتى احتفالات شم النسيم فى الريف المصرى عبر الجلوس فى الحدائق والبساتين، وقضاء اليوم فى الأجواء المعتدلة والشمس الناعمة، وتناول أفضل أكلات شم النسيم، بينما تتمثل احتفالات شم النسيم عند الأطفال فى الاستمتاع بالألعاب المختلفة التى تنتشر فى تلك اليوم.
أما على السواحل المصرية، فتأتى احتفالات شم النسيم مختلفة بعض الشىء، إذ يذهب أصحاب تلك المدن، كالإسكندرية وبورسعيد ومرسى مطروح، إلى شواطئ البحر للاستمتاع بالجو الساحر مع المياه والأمواج الهادئة، ومن الناس – فى محافظات الدلتا المختلفة – من يفضلون الجلوس على شواطئ الأنهار الصغيرة للاستمتاع بالصيد.
هناك بعض الأشخاص من المقيمين فى محافظات القاهرة الكبرى، يفضلون الذهاب – خلال احتفالات شم النسيم – إلى القناطر الخيرية، للاستمتاع برحلة الأتوبيس النهرى فى النيل، إلى جانب الاستمتاع بالحدائق الواسعة والجلوس بها لتناول الغداء من أطعمة الربيع وشم النسيم الشهيرة، كالفسيخ والرنجة والبيض الملوّن.