منذ فجر التاريخ كانت مصر لاعبًا أساسيًا في إفريقيا وضامنا قويًا لأمان ورخاء القارة السمراء، ورغم تراجع هذا الدور في العهود السابقة، إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي بدأ عهدًا جديدًا لاستعادة الدور المصري في إفريقيا، بعقيدة راسخة مفادها أن الأمن القومي المصري يتحقق بتأمين امتدادها الإفريقي، ومد يد العون لجيران القارة السمراء من أجل الوصول لحقهم في الأمن والتنمية.
خبرات وإمكانيات مصرية في خدمة إفريقيا
وعليه، بدأت الإدارة المصرية في عهد الرئيس السيسي بالتعامل مع مشاكل إفريقيا من خلال الخبرات والإمكانيات المصرية المتعددة، لاسيما الخبرات الأمنية في مكافحة الإرهاب الذي بات يهدد آمن الشعوب الإفريقية على نحو غير مسبوق، لتبدأ مبادرات مصرية في تحقيق الأمن والتنمية على أرض بلدان القارة المظلومة.
وانطلقت مصر السيسي في مسارات التعاون الشامل مع بلدان إفريقيا، مع يقين راسخ بأن القضاء على الإرهاب سيكون بداية الانطلاقة نحو التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية في إفريقيا، لذا كانت الخبرات المصرية في هذا المجال حاضرة لخدمة شعوب إفريقيا، وبالرغم من التحديات الصعبة التي واجهت مصر في العشرية السوداء، إلا أنها تمكنت من استعادة دورها في إفريقيا، وهو ما تُوج برئاسة مصر للاتحاد الإفريقي، وحصول الرئيس السيسي على وسام القديس جورج تقديرًا لجهوده في صنع السلام في إفريقيا.
السيسي يترأس الاتحاد الإفريقي
ففي 2019، انتخبت الدول الإفريقية مصر لرئاسة الاتحاد الإفريقي، تقديرًا لدور مصر في تنمية القارة، خاصة منذ العام 2014، وهو ما كان طفرة كبيرة في العلاقات المصرية الإفريقية بعد تعليق عضوية مصر في عضوية الاتحاد الإفريقي بعد يونيو 2013، لحين استعادة الوضع الدستوري.
آنذاك، تمثلت رؤية الرئيس السيسي في أن تحقيق السلام والأمن والتنمية من أهم الطرق لمجابهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في إفريقيا، وأن مصر تسعى بكل الجهد لإقامة المشروعات التي تحقق التنمية الشاملة في القارة واستغلال طاقات الشباب الكامنة.
19 زيارة إفريقية و28 منتدى
وأدرك الرئيس السيسي ضرورة عودة مصر لدورها الفاعل في إفريقيا، لذا حرص على حضور القمم والمؤتمرات الإفريقية، وكان حضوره في القمة الإفريقية بغينيا نقطة تحول في العلاقات المصرية الإفريقية. وفي الفترة من 2014 حتى 2019 قام الرئيس السيسي بـ 79 زيارة خارجية، من بينهم 19 زيارة لإفريقيا، كما شارك فيما يزيد على 28 منتدى وقمة إفريقية، كما تولى منصب منسق لجنة رؤوساء الدول الإفريقية المعنية بتغير المناخ في يناير 2015، ورئاسة مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة من 2014 حتى 2016، ونائب رئيس لجنة التوجيه للجنة النيباد في 2015.
كما أولت السياسة الخارجية المصرية في عهد الرئيس السيسي، قضية السلم والأمن في إفريقيا أهمية على العديد من المستويات.
محاربة الفساد والتعاون الأمني
واعتمدت مصر السيسي استراتيجية واضحة في إفريقيا، أساسها الأمن والتنمية، فأطلقت مصر الكثير من المبادرات والمشروعات مع دول القارة السمراء، تشمل التعليم والصحة والإصلاح الإداري، ومحاربة الفساد والتعاون الأمني والتدريب العسكري والاقتصاد، وكذلك إعادة صياغة واسعة لمؤسسات الدولة، بتخصيص قطاع للشؤون الإفريقية في معظم الوزارات والمؤسسات الحكومية، واستحداث لجنة الشؤون الإفريقية بمجلس النواب، وإنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية، لتكون آلية لدعم القدرات البشرية الإفريقية.
وانطلقت مصر في خطتها لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في إفريقيا، عبر توفير فرص العمل للشباب الإفريقي وتطوير منظومة التصنيع والزراعة لتحقيق الأمن الغذائي، والعمل من أجل التكامل الاقتصادي، بتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة لتنفيذ المشروعات الخاصة بالبنية التحتية في إفريقيا، والتعاون مع الشركاء، والتواصل الحضاري والثقافي.
إعادة التنمية والإعمار بعد النزاعات
أما على مستوى جهود مصر لتحقيق الأمن والسلم في إفريقيا، ففي فترة تولي الرئيس السيسي لرئاسة الاتحاد الإفريقي، أطلق “مركز الاتحاد الإفريقي لإعادة التنمية والإعمار بعد النزاعات” لمكافحة الإرهاب واستخدام الوساطة في فض النزاعات، وأطلقت الخارجية المصرية منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة في 2019.
كما تعد مصر سابع أكبر مساهم في عمليات حفظ السلام على مستوى العالم، والدولة العربية الأولى التي تساهم في هذا المجال، لتشكل ركيزة أساسية في حفظ الأمن والسلم في إفريقيا.
كما أولى السيسي ملف التنمية وإعادة الإعمار في إفريقيا حيزًا كبيرًا من العمل منذ 2014، فانطلقت مصر بمشروعات جبارة من أجل التنمية على أرض إفريقيا، مثل إنشاء السدود والطاقة المتجددة، فبدأت وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة في تنفيذ أولى خطوات تحول مصر لمحور عالمي للطاقة بإطلاق التيار بالمرحلة الأولى من مشروع الربط الكهربائي مع السودان بقدرة 70 ميجاوات كمرحلة أولى، ومن المتوقع أن يصل إلى 3 آلاف ميجا وات، ويتيح هذا المشروع الربط بين مصر وإثيوبيا ومنها لجميع دول قارة أفريقيا.
2.9 مليار دولار مشروعات في إفريقيا
ويكشف المهندس محسن صلاح، رئيس شركة المقاولون العرب السابق، عن حجم التعاقدات الجارية بشركة المقاولون العرب داخل دول إفريقيا، مؤكدًا أنها وصلت لـ 2 مليار دولار، بالإضافة إلى سد تنزانيا الأخير الذى تم إسناده لشركة المقاولون العرب بقيمة 2.9 مليار دولار.
ربط مدن إثيوبيا وموانئ كينيا
وأشار في تصريحات إعلامية سابقة، إلى أن الشركة انتهت من أعمال مشروع إعادة تأهيل طريق آجريماريم-يابللو بإثيوبيا، والذى يبلغ طوله 95.5 كم، ويربط بين مدينتى أديس أبابا عاصمة إثيوبيا، ومومباسا ثانى أكبر مدن كينيا ومينائها الرئيسي، ويعد جزءاً من الطريق بين القاهرة وكيب تاون فى جنوب إفريقيا بتكلفة حوالى 55 مليون دولار، وتقوم الشركة حالياً بتنفيذ مشروع آخر بإثيوبيا وهومشروع إعادة طريق يرجا تشيفى-آجريماريم بطول 72 كم بتكلفة 65.5 مليون دولار.
كما تعد دول نيجيريا وغينيا وتشاد من أكبر الدول التى حصلت فيها المقاولون العرب على العديد من المشروعات، والتى تمثل حوالى 67% من إجمالى التعاقدات.
ومن أبرز المشروعات التى تنفذها الشركة المصرية داخل هذه الدول هى “طريق اويرى ايليلى”، بطول حوالى 35 كم، وقيمته 70 مليون دولار أمريكى، وازدواج طريق انوجو بورت هاركوت بطول 56.10 كم وقيمته حوالى 166 مليون دولار أمريكي، وإنشاء البنية التحتية لمنطقة ويى السكنية (مشروعات مياه وصرف صحى ) بقيمة إجمالية 141 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى مجمع الحكومات والتى انتهت الشركة منه بقيمة حوالى 44.6 مليون دولار أمريكي.
كما وصل إجمالي المشروعات التي تنفذها مصر في دولة غينيا الاستوائية إلى 363 مليون دولار، منها شبكة الطرق الداخلية لمنطقة سيمو (مرحلة أولى وثانية) بإجمالى قيمة حوالى 90 مليون دولار أمريكي، وتطوير حضرى لعدد 6 قرى بإجمالى قيمة 43 مليون دولار أمريكي، وطريق الأوزك-أكاسى-بطول 60كم وقيمته 111 مليون دولار أمريكي، وطريق بمدينة امبينى بطول 11كم وقيمته 42 مليون دولار أمريكي، وأعمال مبانى بمدينة مونجومو بإجمالى قيمة 77 مليون دولار أمريكي.
كوبري وقرية بضائع بأيادي مصرية
وداخل كوت ديفوار تقوم المقاولون العرب بتنفيذ مشروع تطوير وتوسعة قرية البضائع، وملحق 2 بمطار ابيدجان ، وذلك بهدف تطوير قرية البضائع والمبانى الخدمية الملحقة بها والمبانى الإدارية والطرق، إضافة إلى تنفيذ كوبرى جاك فيل، الذى يربط الكوبرى بين سواحل كوت ديفوار ومدينة جاك فيل، التى تقع فى إحدى الجزر، وتعد إحدى كبرى المدن فى دولة كوت.
الحقيقة أنه منذ تولي الرئيس السيسي لزمام الأمور، تسير مصر قدماً فى استعادة دورها المحورى داخل قارتها الأفريقية بعد عقود من الإهمال والتهميش، سواء كان عن عمد أو غير عمد ، فمصر تؤمن تمامًا بأن القارة السمراء تمثل أحد أبعاد الأمن القومى لأرض الكنانة، من هذا المنطلق فتحت أم الدنيا ذراعيها من جديد لتحتضن دول إفريقيا خاصة مع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الأمور فى مصر.
المصدر : وكالات