استهل وزير الخارجية، سامح شكري، اليوم الخميس، لقاءاته خلال الزيارة التي يقوم بها حالياً لنيويورك بالمشاركة في جلسة النقاش المفتوح بمجلس الأمن حول دور الشباب فى مكافحة التطرف العنيف ونشر السلام والذي دعت له المملكة الأردنية الهاشمية التي تتولي حاليا رئاسة مجلس الامن للشهر الحالي.
ومن المقرر أن تستمر زيارة شكري إلى نيويورك إلى 27 أبريل.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير بدر عبد العاطي أن الوزير شكري أوضح في كلمته أن هناك عدة عوامل أدت إلى ظهور فصائل وتيارات وجماعات اعتنقت أفكاراً وآراءً متطرفة بعيدة عن روح الدين وسماحته وأخذوا يلزمون الناس بها، مستهدفين الشباب بشكل خاص، حيث تعمدوا التركيز على إظهار نقاط الاختلاف وتضخيمها، مما أدى إلى الصراع والتناحر، وعمليات الإرهاب والقتل والعدوان.
وفى هذا السياق، أكد الوزير شكري بأن المجتمع الدولي مطالب بالتصدي الشامل للتطرف أينما وجد وبالتطرق إلى كافة الأسباب المؤدية له كونه الطريق الممهد للإرهاب، فضلاً عن العمل على إيلاء الشباب الاهتمام اللازم وتجنيبهم الوقوع في براثن التطرف والإرهاب، خاصة وان الشباب يمثلون في الكثير من الدول النسبة الأكبر من السكان، وأخذا في الاعتبار الحملات الشرسة التى يتعرض لها الشباب من كل الدول، خاصة في الآونة الأخيرة، لتجنيدهم كمقاتلين في جماعات إرهابية تتخذ من الدين مظلة لتحقيق أهداف لا تمت لأي من الأديان بصلة.
وتناول شكري في كلمته دعوة السيد رئيس الجمهورية مؤخراً بتجديد الخطاب الديني لمواجهة التطرف، وضمان وصول التفسير والفهم الصحيح للإسلام الحنيف وأحكامه إلى المتلقين، موضحاً بأن مصر بدأت بالفعل في إتخاذ خطوات ملموسة وجادة في هذا الشأن، مضيفاً إنه يتعين مواجهة التطرف والإرهاب بالحجج الواضحة والبراهين القاطعة، إذ أن الأمر ليس قاصراً على المواجهات الأمنية ومن خلال اتخاذ الوسطية كمنهج لنا، علماً بأن الوسطية لا تعنى أنصاف الحلول، وإنما الاعتدال فى التصورات والمناهج والمواقف.
وفى هذا السياق، قال الوزير شكري إنه من الضروري وقف ظاهرة قيام الشباب، الذى يفتقد المؤهلات التى تؤهلهم للاجتهاد، “بالاعتماد على أنفسهم فى استقاء الأحكام مباشرة من القرآن والسنة، ناسين أن المتصدر للفتوى لابد وأن يكون على علم بالتأويل، وأسباب النزول، والأساليب اللغوية، وغيرها من القواعد العلمية حتى لا تكون الفتوى سببا لفتنة ولوقوع الشقاق”.
كما أضاف إنه هناك أسباب اجتماعية وسياسية عديدة تؤدى إلى تطرف الشباب ولجوئهم إلى العنف، من بينها تدهور مستوى التعليم، وانعدام أو محدودية فرص الحياة الكريمة، وانتشار البطالة والفقر، وتهميش الأجانب، واستمرار كافة أشكال الاحتلال الاجنبى، وعدم الاعتراف بالحق الشرعي للشعوب فى تحديد مصيرها، وكلها عوامل يتعين على المجتمع الدولى أن يتعامل معها بكل جدية، سواء عن طريق تعزيز التعاون، وإقرار الاستراتيجيات ذات الصلة، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن المعنية، والامتناع عن التحريض وتوفير الدعم للمتطرفين والإرهابيين.
وأشار المتحدث أن الوزير شكري تناول في كلمته تنامي ظاهرة انضمام الشباب من الأقليات المسلمة وغيرها فى الدول الغربية للتنظيمات المتطرفة، كمقاتلين إرهابيين أجانب، خاصة فى العراق، وسوريا وليبيا وفى أفريقيا، “مما يستوجب إعادة النظر فى السياسات التى تتبناها تلك الدول لإدماج المسلمين فى مجتمعاتهم، وحتمية احترام الثقافات المختلفة، ووقف التطاول على الأديان والرسل، فضلا عن أهمية تبنى رؤى واضحة للتعامل مع حملات التجنيد التى تقوم بها التنظيمات الإرهابية”.
واستعرض شكري الخطوات التي إتخذتها مصر إدراكاً منها لأخطار التطرف والإرهاب، حيث دعت لحتمية تضافر الجهود الدولية للتصدي لتلك الظواهر من خلال استراتيجيات شاملة، وبالإضافة إلى الجهود على الصعيدين الدولى الاقليمى، وقال “اتخذت مصر بالفعل على الصعيد الوطني خطوات جادة وفعالة، تشمل ضمن أمور أخرى تبنى الأزهر الشريف، بمنهجه الوسطى والديني المستنير وبما يمثله من مرجعية دينية عالمية، العديد من المبادرات لدحض الأفكار المغلوطة، والأخذ بأيدي الشباب من خلال برامج توجيه ودورات تثقيفية”.
وتابع أن دور الأزهر لا يقتصر “على مصر فقط، بل يمتد إلى دول أخرى، إذ يتم إيفاد العديد من علماء الأزهر سنوياً إلى تلك الدول بهدف توضيح الأحكام الشرعية ومكافحة التطرف الفكري على أرض الواقع ونشر الفكر الوسطى فيها.”
وفي النهاية، أكد الوزير شكري على أن الموضوع محل النقاش متعدد الجوانب ويستلزم أن يكون التعامل معه شاملا، بالإضافة إلى الاعتماد على الجهود القائمة بالفعل، بما في ذلك تلك التى تقوم بها الأمم المتحدة، مضيفاً إنه لربما سيكون من المفيد قيام السكرتير العام بإعداد تقرير شامل عن الموضوع من كافة أبعاده، بما في ذلك توصيات بشأن خطة العمل اللازمة للمضي قدما.
المصدر: بيان من وزارة الخارجية