يسعى تنظيم “الإخوان” في ليبيا إلى تعطيل التعيينات الجديدة في المناصب السيادية، بعد أن ظهر لهم خلو قوائم المرشحين من أذرعهم القديمة فيها، وبخاصة رئيسا المصرف المركزي الصديق الكبير وديوان المحاسبة خالد شكشك.
وقد يشمل هذا التعطيل محاولة لخلق توتر وفوضى جديدة في البلاد، أو تعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية العام.
وظهر بوضوح غضب “الإخوان” في خطاب المجلس الأعلى للدولة، الذي يسيطر عليه التنظيم، إلى مجلس النواب، حيث دعاه إلى “عقد المزيد من اللقاءات” للتباحث حول الأمر، بدلاً من النظر في قوائم الترشيحات التي أحالتها لجنة تابعة لـ”النواب”.
وكشفت مصادر مطلعة عن قلق قيادات التنظيم من حسم الأمر، لأن بعضهم يرونه نهاية لحضورهم في مؤسسات الدولة، وبالأخص مجلس الدولة “الذي لن يكون له أي وجود”، حال إتمام التغيير في المناصب السيادية.
وأوضحت المصادر أن “الإخوان” يبدون امتعاضهم من تولي مجلس النواب زمام الأمور والمبادرة في المشهد السياسي الآن، ورفضه، الشهر الماضي، مشروع الميزانية العامة المقدم إليه دليل على ذلك، مبدين تخوفهم من إمكانية إصداره إعلانا دستوريا لإقرار رؤيته فيما يخص المناصب السيادية.
والصديق الكبير، المنتمي لتنظيم “الإخوان”، مستمر في منصبه منذ 10 سنوات، حيث عينه المجلس الانتقالي أواخر 2011، بضغط من التنظيم، الذي كان يسيطر على أغلبية المؤتمر الوطني الليبي، وعمل على ترسيخ وجود التنظيم بتوفير غطاء مالي كبير له، مكنه من توطيد أقدامه عسكريا في الغرب الليبي.
وشاب عمله الكثير من المخالفات، أخطرها صرف رواتب ثابتة لميليشيات إرهابية، وصفقات سلاح مشبوهة، كما رصدت تقارير رقابية العديد من التجاوزات داخل المصرف تحت إدارته، كان آخرها الصادر عن ديوان المحاسبة في طرابلس.
أما خالد شكشك، فقد قرر مجلس النواب في طبرق سنة 2014 إنهاء خدمته، لشكوك حول دوره في تسخير أرصدة المؤسسات العامة والسيادية لصالح “الإخوان”.
وبالنسبة لخالد المشري، فهو من مؤسسي حزب العدالة والبناء الإخواني بعد 2011، ويوصف بأنه “رجل تركيا الأول” في طرابلس.
وبوصف وكيل وزارة الخارجية الليبية الأسبق حسن الصغير فإن جماعة الإخوان تقود “انقلابا” على مسارات الحوار السياسي، بغرض تعطيل الانتخابات العامة المقرر عقدها في 24 ديسمبر المقبل.
وبحسب الصغير فإن تحركات الإخوان الأخيرة تأتي بعد فشل محاولتهم منع انتخاب رئيس الدولة بالاقتراع المباشر، عبر أشخاص تابعين لهم في اللجنة القانونية التابعة لملتقى الحوار السياسي، المسؤولة عن صياغة القاعدة الدستورية للانتخابات.
وفي 28 أبريل الماضي، انتهى مجلس النواب من إعداد القوائم النهائية لمرشحي المناصب السيادية، وعلى رأسها منصب محافظ البنك المركزي الذي خلت قائمة المرشحين من اسم رئيسه الحالي الصديق الكبير، وقد راعى المجلس أكبر قدر من التوافق بين الأقاليم، وتطبيق الشروط التي وضعها الحوار الوطني ولجنة الفرز لاختيار المرشحين لحساسية المرحلة التي تمر بها البلاد التي تستعد لإجراء الانتخابات النيابية والرئاسية خلال أشهر.
وتضمنت هذه القوائم 9 مرشحين لمنصب محافظ مصرف ليبيا المركزي، و12 مرشحا لمنصب نائب المحافظ، و40 مرشحا لمنصب عضو مجلس إدارة المركزي.
وبالنسبة لقائمة منصب رئيس ديوان المحاسبة، فاحتوت على 12 اسما لرئاستها من الجنوب الليبي، و11 أسما لوكالتها من الشرق، أما منصب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد فتضمنت قوائمه 12 اسما لرئاستها من الغرب الليبي، و10 أسماء لوكالتها من الجنوب، و43 مرشحا لعضويتها من مختلف المناطق.
وفيما يخص منصب رئيس هيئة الرقابة الإدارية فتضمنت القوائم 13 اسما من شرق ليبيا، و18 آخرين لوكالتها من الغرب الليبي، فيما رشح المجلس 11 اسما لرئاسة المفوضية العليا للانتخابات من غرب ليبيا، و47 اسما لعضويتها من مختلف المناطق.
وتعد مسألة اختيار المرشحين لهذه المناصب شديدة الحساسية في هذه المرحلة المطلوب فيها إنجاح المصالحة الوطنية، وهذا يعني أن المهمة ستكون صعبة نظرا لأنها تحتاج مراعاة التوازن في اختيار المرشحين، بما يكفل تمثيلا عادلا للأقاليم الثلاثة: طرابلس (الغرب) وبرقة (الشرق) وفزان (الجنوب)، وهو الأمر الضروري من أجل تجنب أي تصعيد أو تجدد للصراعات.
المصدر : وكالات