تخوض الولايات المتحدة الأمريكية سباقا لتطوير أنظمة القتال البحري في مواجهة تقدم سريع تحرزه الصين وروسيا في هذا المجال التسلحي لا سيما في حروب الغواصات، و يشبه هذا السباق سباقا آخر اكتملت معالمه بين واشنطن والصين وموسكو على صعيد الطائرات التي تعمل بدون طيار التي كانت قبل أعوام قليلة سلاحا غير أساسي وصارت اليوم رأس حربة أساسي في العمليات العسكرية حول العالم ومكافحة الإرهاب ومعاونة القوات البرية والبحرية استطلاعيا و نيرانيا .
وتعد الغواصات التي تعمل بدون غواص والتي تتم إدارتها بالتوجيه عن بعد – على غرار الطائرات ذاتية التسيير – هي هدف التطوير الحالي لمنظومات القتال البحري الأمريكية، ويدرس البنتاجون حاليا إنتاج 232 غواصة وسفينة قتالية تعمل بالتوجيه عن بعد لدعم القدرة العسكرية البحرية للولايات المتحدة حول العالم، ورصد البنتاجون لهذا الهدف 3.7 مليار دولار في موازنة العام القادم 2020 تضاف إلى 447 مليون دولار أمريكي أنفقها البنتاجون هذا العام على إنتاج فرقاطتين كبيرتين من طراز / LUSV / الحكم ، تعملا بالتوجيه عن بعد ولهما القدرة على القيام بمهام الاستطلاع و الاشتباك النيراني في آن واحد ، و ستدخل الفرقاطتين الذاتيتي التسيير الخدمة بحلول عام 2024 ، إلى جانب قطعتين من طرازات أقل حجما تكلف إنتاجهما 2.7 مليار دولار.
ويترواح طول الفرقاطة ذاتية التسيير LUSV ما بين 200 إلى 300 قدم ، ويصل وزنها ما متوسطه 2000 طن بحسب قدرة التسليح ، كذلك قررت إدارة التخطيط الاستراتيجي في البنتاجون زيادة الموازنة المخصصة لإنتاج الغواصات النووية الأمريكية بواقع ملياري دولار في موازنة العام 2021 تزاد إلى خمسة مليارات دولار في موازنة 2024 الدفاعية .
واعتمد البنتاجون 4.3 مليار دولار في موازنة العام القادم بدلا من 2.3 مليار دولار لتسريع إنتاج جيل جديد من الغواصات المتطورة من طراز / كولومبيا كلاس/ ، وذلك في إطار برنامج لإنتاج 12 غواصة من هذا الطراز قادرة على إطلاق صواريخ باليسيتية ، و ستحل الغواصات كولومبيا كلاس محل الغواصات الأمريكية /أوهايو كلاس/ العاملة حاليا في الخدمة والتي يرجع تاريخ إنتاجها إلى السبعينيات و عددها 14 غواصة، وبمقتضى الخطة الأمريكية فمن المقرر أن يتم الانتهاء من استكمال نسبة 40 في المائة من تصميمات الغواصات الجديدة / كولومبيا كلاس / بحلول أكتوبر من العام القادم ، وتم رصد 128 مليار دولار لإنجاز المراحل المتبقية من برنامج تطوير تلك الغواصة المتطورة و التي تعول عليها البحرية الأمريكية كثيرا في تحقيق التفوق البحري إزاء من تعتبرهم خصوما .
ويتكامل تطوير الغواصات ونظم القتال البحري الأمريكية مع برنامج مواز لتطوير القوة البحرية الأمريكية الداعمة للعمليات البحرية و سائر تشكيلات المعاونة الجوية – البحرية، وهو برنامج طموح يساير طموحات البنتاجون لتعزيز نفوذ سلاح البحرية الأمريكي على خارطة العالم خلال الأعوام الثلاثين القادمة، وهو برنامج يتكلف تريليون دولار ويشارك في توريد متطلباته الإنتاجية والتصنيعية 324 من كبار موردي مكونات التصنيع العسكري من الشركات الأمريكية المتخصصة وكذلك شركات من خارج الولايات المتحدة .
ويقول المراقبون إن روسيا والصين في تنافس مستمر لإنتاج جيل جديد من نظم القتال البحري الغاطس لتلبية احتياجات الدفاع عن مصالحهما البحرية و تجدر الإشارة إلى أن روسيا كانت قد دشنت هذا العام باكورة إنتاجها من الغواصات القتالية التي تعمل بالتوجيه عن بعد والقادرة على الاشتباك النيراني في أعماق البحار و المحيطات ، وقالت مؤسسة روس تيك المتخصصة في إنتاج منظومات الدفاع المتطورة أن الغواصة المسيرة الجديدة هي الأولى من نوعها فى العالم و أن فكرة إنتاجها مستلهمة من الطائرات التي تعمل بدون طيار، كما بمقدور الغواصات الروسية الجديدة المسيرة الاشتباك مع عناصر الضفادع البشرية من خلال منظومة كاميرات للبث المباشر مرتبطة بقواعد الإدارة والتحكم البحرية التي تقوم بتشغيلها، كما تقدر الغواصات الروسية الجديدة على توفير الحماية للأهداف البحرية الطافية والشاطئية من الهجمات المعادية التي تقوم بها الغواصات أو الزوارق الطافية بل حتى عناصر الأبرار البحري.
وفي مارس من العام الماضي أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن بلاده تعمل على تطوير غواصات ذاتية التسيير تعمل بالطاقة النووية، وقد أطلقت روسيا على غواصتها الجديدة ذاتية التسيير الاسم /بوسيدون/ وهي تحاكي غواصات / كانيون / التي طورتها مصانع دول الاتحاد الاوروبي بصورة مشتركة بالتعاون مع المصانع الأمريكية وهي غواصات قادرة على حمل المقذوفات النووية و التقليدية في آن واحد وقادرة على الاشتباك مع الأهداف الجوية والتحصينات الساحلية و منشئآت البنية التحتية البحرية و الساحلية و تصدير نيران الإزعاج للوحدات المعادية ، لكنها برغم ذلك ليست ذاتية التسيير وهي الميزة التي تتفوق بها الغواصات الروسية الجديدة / بوسيدو، كذلك فمن المرتقب ان تثمر جهود التطوير الصينية عن إنتاج غواصات ذاتية التسسير قادرة على الاشتباك النيرانى مطلع العام 2020، وتعتمد بكين في ذلك على تطبيقات الذكاء الاصطناعى وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة تشاينا مورنينج في يوليو من العام الماضي ، لكن برنامج إنتاج هذا النوع من الغواصات الصينية لا يزال محاطا بتكتم شديد .
المصدر: أ ش أ