يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (الأربعاء) زيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة تستمر يومين، يقوم خلالها بافتتاح متحف “اللوفر أبو ظبي”، ويتفقد القوات الفرنسية المنتشرة في القواعد البحرية بالبلاد، والمشاركة في المنتدى الاقتصادي الفرنسي الإماراتي في دبي.
وتعد هذه الزيارة الأولى من نوعها للرئيس الفرنسي منذ وصوله إلى سدة الرئاسة في مايو الماضي، وهي الأولى له أيضا في منطقة الخليج.. ويرافقه وفد من الحكومة الفرنسية على رأسه وزير الخارجية جان إيف لو دريان، ووزير الثقافة فرنسواز نيسان، ووزير الدولة لشؤون الاقتصاد والمال بنجامين غريفو، فضلا عن وفد من رجال الأعمال ورؤساء الشركات العاملة في الإمارات أو الراغبة في اقتحام السوق الإماراتية.
ولعل أبرز ما يميز هذه الزيارة، افتتاح متحف “اللوفر أبو ظبي” الذي يعد تتويجًا لواحد من أهم مشروعات التعاون المشترك بين فرنسا والإمارات.. ويأتي هذا الافتتاح بعد عشر سنوات على الاتفاق الذي وقعه الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك عام 2007 لإنشاء هذا المتحف الذي يعد الفرع الوحيد للمتحف الفرنسى خارج الأراضى الفرنسية، وقد صممه المهندس المعماري جان نوفيل وتم إنشاؤه بتمويل من حكومة أبو ظبي، حيث قدرت تكلفته عند توقيع العقد بــ582 مليون يورو، ليصبح أوّل متحف عالمي في العالم العربي.
ومن المقرر أن تشهد الزيارة مباحثات بين الرئيس الفرنسي وكل من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، ورئيس حكومة الإمارات الشيخ محمد بن راشد لاستعراض مواقف البلدين حول الأزمات الإقليمية وعلى رأسها الأزمة الخليجية والأوضاع في سوريا واليمن وليبيا، فضلا عن ملف الإرهاب الذي يحتل أهمية خاصة على طاولة المباحثات، لا سيما في ظل استعدادات باريس لتنظيم مؤتمر دولي حول تمويل الإرهاب، من المنتظر أن يعقد في الفصل الأول من العام المقبل.
وفي اليوم الثاني من المقرر أن يزور الرئيس ماكرون قاعدة الظفرة جنوب أبو ظبي التي تعتبر مركزا للقوات الفرنسية في منطقة الخليج منذ عام 2009. ويتمركز في هذه القاعدة بين 300 و800 جندي فرنسي يشاركون في عمليات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم “داعش” في سوريا والعراق، حيث تؤدي القوات الفرنسية ثاني أكبر طلعات بعد سلاح الجو الأميركي.
بعد ذلك يزور ماكرون جامعة “السوربون أبو ظبي”، وهي فرع للجامعة الفرنسية الشهيرة، تم افتتاحه عام 2006.
ومن المقرر أن ينتقل الرئيس ماكرون بعد ذلك إلى إمارة دبي للالتقاء بالشيخ محمد بن راشد وإلقاء كلمة الختام في المنتدى الاقتصادي الفرنسي ــ الإماراتي الذي تستضيفه الإمارة بهذه المناسبة، ثم الالتقاء بالجالية الفرنسية هناك التي يبلغ عددها 30 ألف شخص.
وترتبط فرنسا والإمارات بعلاقات قوية على مختلف الأصعدة، وشهدت هذه العلاقة تطورا كبيرا خلال الأعوام الماضية، ظهر جليا في التعاون الاقتصادي الوطيد بين البلدين.. فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين فرنسا والإمارات خلال النصف الأول من عام 2017 نحو 2,22 مليار يورو لتصبح الإمارات بذلك ثاني شريك تجاري لفرنسا في منطقة الخليج بعد المملكة العربية السعودية.
وبلغت الصادرات الفرنسية للإمارات 1,68 مليار يورو خلال النصف الأول من عام 2017 مما جعلها ثاني أكبر سوق لفرنسا في الخليج بعد المملكة السعودية أيضا، وتتصدر العطور قائمة الصادرات الفرنسية إلى الإمارات حيث بلغت قيمة صادراتها 216 مليون يورو في عام 2017، بينما تأتي الطائرات في المرحلة الثانية بعد أن بلغت قيمة صادراتها 188 مليون يورو في العام نفسه.. وبلغت الواردات الفرنسية من الإمارات 542 مليون يورو 69% منها مواد نفطية.
وتوفر الإمارات لفرنسا رابع أكبر فائض تجاري بعد المملكة المتحدة وهونغ كونج وسنغافورة حيث يصل إلى 1,14 مليار يورو.
على صعيد الاستثمارات، تُعدّ الإمارات ثاني أكبر مستثمر من مجلس التعاون الخليجي في فرنسا بعد قطر، وبلغ مخزون الاستثمارات الأجنبية المباشرة الخاصة بها 1,13 مليار يورو في عام 2015 أي ما يمثّل 35% تقريبًا من استثمارات دول الخليج العربي في فرنسا.. وتضم الإمارات ما يزيد على 600 شركة فرنسية من الشركات المتوسطة التي تقدم صورة إيجابية عن الصناعات الفرنسية في الإمارات.. كما تلعب الشركات الصغيرة دوراً حيوياً هي الأخرى في تعزيز التواجد الفرنسي هناك.. وتسعى الشركات الفرنسية إلى أن يكون لها موقعها في المشروعات الإماراتية الجديدة لإقامة “المعرض العالمي” في دبي عام 2020.
وتتصدّر الإمارات قائمة المستثمرين الخليجيين في فرنسا حيث يوجد أكثر من 50 شركة إماراتية تعمل هناك، توظف ما يقرب من 2000 شخص.. وتتركز معظم هذه الاستثمارات في قطاعات منتجة كالمواصلات والنقل، والصناعة والطاقة، والقطاع العقاري.
وترتبط البلدان بعلاقات استراتيجية متميزة حيث يعقدان مشاورات دائمة رفيعة المستوى فضلا عن الزيارات المتبادلة بين المسئولين، كما ترتبط البلدان بمجموعة من الاتفاقات الدولية وصل عددها إلى 22 اتفاقية، من بينها اتفاقية النقل الجوي، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي على الدخل، بالإضافة إلى اتفاقية حماية وتشجيع الاستثمار.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط