زيارة الرئيس السيسى للنمسا .. تعزيز للامن القومى وتحقيق لمصالح سياسية واقتصادية وإستراتيجية
الزيارة التى يقوم بها الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى النمسا حاليا لها أهداف عديدة، وتحمل مدلولات ذات أهمية كبيرة تستمدها من واقع مصر الراهن ودورها الإقليمى والدولي، وكذلك من جدول أعمال الزيارة الذى يشمل زيارة ثنائية إلى النمسا، ثم مشاركة مصر على مستوى القمة فى لقاء أوروبي- أفريقى يعقد فى العاصمة النمساوية فيينا فى إطار منتدى أوروبا إفريقيا.
ويقول تقرير أعدته الهيئة العامة للاستعلامات إن التحرك المصرى الخارجى فى السنوات الأخيرة بما فى ذلك الزيارة الحالية إلى النمسا تحكمه مجموعة من الأهداف فى مقدمتها العمل من أجل كل ما يعزز الأمن القومى المصرى بكل عناصره بمعناها الواسع، ويحقق المصالح الوطنية المصرية السياسية والاقتصادية والاستراتيجية والثقافية وغيرها.. وأيضاً كل ما يساهم فى تحقيق الأمن والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، إضافة إلى دور مصر فى قارتها الأفريقية وعلى المستوى الدولي.
وانطلاقاً من الواقع الراهن فى مصر، فإن أولويات العمل الوطنى تتضمن توفير الدعم الدولى لجهود مصر فى تحقيق التنمية الشاملة وتحسين حياة المواطنين والإصلاح الاقتصادى بما فى ذلك جذب الاستثمارات الخارجية وجلب التكنولوجيا المتقدمة والشركاء الدوليين فى هذه المجالات وزيادة السياحة والصادرات. فى الوقت نفسه فإن تحقيق الاستقرار ومواجهة الأزمات فى منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط أحد أهداف السياسة الخارجية المصرية حالياً.
من جانب آخر، فإن دور مصر ومسئوليتها فى القارة الأفريقية يفرضان عليها التواصل مع كل القوى العالمية والمجموعات الدولية لتوفير الدعم السياسى والاقتصادى لتنمية أفريقيا، وفى هذا الاطار سافر الرئيس إلى ألمانيا مرتين للمشاركة فى القمة الألمانية الأفريقية وإلى الصين للمشاركة فى منتدى الصين أفريقيا، وغيرهما..
يضاف إلى ذلك أن مصر سوف تتولى فى بداية عام 2019 رئاسة الاتحاد الأفريقى الأمر الذى يضاعف دورها ومسئوليتها فى هذا المجال.
تجسيداً لكل ما سبق، طبقاً لتقرير هيئة الاستعلامات، جاء برنامج زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى النمسا التى تعد أول زيارة له إلى النمسا وأول زيارة لرئيس مصرى منذ (11) عاماً، وتستغرق الزيارة أربعة أيام، من بينها شق ثنائي، حيث يعد الرئيس الوحيد من بين قادة وممثلى (50) دولة الذى وجهت إلى سيادته دعوة إلى زيارة ثنائية قبيل بدء القمة متعددة الأطراف بين أوروبا وأفريقيا.
وتتضمن الزيارة الثنائية اجتماعاً مع الرئيس النمساوى «الكسندر فان دير بلين» ثم يجتمع الرئيس السيسى مع مستشار النمسا «سيباستيان كورتز» فى مقر المستشارية ، حيث سيشهد الزعيمان توقيع عدد من مذكرات واتفاقيات التعاون بين مصر والنمسا.
كذلك سيلتقى الرئيس السيسى مع رئيس البرلمان النمساوى لبحث تعزيز العلاقات بين الشعبين.
وفى ختام الزيارة سوف يلتقى الرئيس مع المسئولين عن نحو (13) من كبرى الشركات النمساوية بحضور عدد من رجال الأعمال المصريين وذلك فى لقاء تنظمه الغرفة التجارية النمساوية.
وتستهدف جميع هذه اللقاءات بحث سبل زيادة الاستثمارات النمساوية فى مصر ودعم التبادل التجارى والتعاون الفنى والتكنولوجى والعلمى مع النمسا، كما سيعرض الرئيس ما حققته مصر من انجازات فى مجال النهوض الاقتصادى والتنمية إضافة إلى بحث قضايا منطقة الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية والأمن فى البحر المتوسط وقضايا الهجرة غير الشرعية والتعاون مع أوروبا من منطلق رئاسة النمسا حالياً للاتحاد الأوروبى فى دورته الحالية التى تستمر حتى نهاية عام 2018.
منتدى إفريقيا – أوروبا
يتمثــل الشــق متعــدد الأطــراف فــى زيــارة الرئيس عبد الفتاح السيسى للنمسا فى المشاركــة فــى منتدى أفريقيا أوروبا الذى يعقد بدعوة مشتركة من كل من مستشار النمسا سيباستيان كورتز، الذى ترأس بلاده الدورة الحالية لمجلس الاتحاد الأوروبي، والرئيس البوروندى بول كاجاى الذى ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الأفريقى ويشارك فى أعمال المنتدى «جان كلود يونكر» رئيس المفوضية الأوروبية وكذلك «انطونيوتاياني» رئيس البرلمان الأوروبي، وقادة ووزراء وممثلون عن عدد كبير من الدول الأفريقية والأوروبية.
وينعقد المنتدى هذا العام تحت عنوان «التعاون فى العصر الرقمي» ويستهدف بحث تعزيز التعاون بين القارتين الأوروبية والأفريقية فى مجالات الابتكار والتحول التكنولوجى الرقمي، بمشاركة شركات أوروبية وأفريقية، بالإضافة إلى بحث سبل تمويل المشروعات الجديدة ودعم التنمية فى مجالات الزراعة وانتاج الطاقة المتجددة لتحسين ظروف المعيشة فى الدول الأفريقية ودعم التنمية المستدامة.
وتكتسب مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى هذا المنتدى أهمية مضاعفة بالنظر إلى أن مصر تستعد لتولى رئاسة الاتحاد الأفريقى عام 2019، إضافة إلى اهتمامها بدعم التنمية فى أفريقيا، فضلاً عن أهمية علاقات مصر مع أوروبا حيث تمثل صادرات مصر إلى الاتحاد الأوروبى ما يقرب من 40% من اجمالى الصادرات المصرية، بينما تمثل واردات مصر من دول الاتحاد الأوروبى نحو 37% من اجمالى الواردات المصرية، إضافة إلى وجود العديد من الاتفاقيات الشاملة بين مصر وأوروبا وعلى رأسها اتفاق الشراكة المصرية الأوروبية الذى اكتمل بنهاية العام الحالى جميع مراحل تنفيذه من الطرفين.
وكان منتدى أفريقيا أوروبا قد عقد دورته العام الماضى فى العاصمة البلجيكية بروكسل، حيث ركز على إيجاد نموذج جديد للشراكة فى قطاع الأعمال الخاصة والمساهمة فى تحقيق أهداف تنمية عالمية مستدامة بحلول عام 2030.
وفى دورة العام الماضى أيضاً قرر الاتحاد الأوروبى تخصيص مبلغ 3.35 مليار يورو كتمويل لدعم التنمية التقليدية فى أفريقيا حتى عام 2020.
العلاقات الاقتصادية
ويقول تقرير هيئة الاستعلامات ان العلاقات الاقتصادية بين مصر والنمسا قد تعززت فى الوقت الراهن حيث يبلغ حجم التبادل التجارى نحو 400 مليون يورو سنوياً.
وهناك ما يقرب من 600 شركة نمساوية تعمل مباشرة فى السوق المصرية ، فى قطاعات استثماريـــة متنوعـــة هى (الصناعات الكيمياوية النقل – صناعات هندسية – مواد البناء – صناعة الأغذية – العقاقير الطبية والكهرباء).
وقد تم تنظيم بعثة استكشافية لرجال الأعمال والشركات النمساوية (6 شركات تعمل فى مجالات تشمل تكنولوجيا الرى وإدارة النفايات والطاقة وتكنولوجيا إدارة الأعمال والنفط والغاز) إلى القاهرة فى مايو 2015، بالتعاون مع الغرفة الاقتصادية الفيدرالية النمساوية والقسم التجارى بالسفارة النمساوية بالقاهرة.
العلاقات السياسية
تعتبر العلاقات المصرية النمساوية من العلاقات المتميزة تاريخياً، بسبب دور النمسا التقليدى كدولة محايدة أثناء الحرب الباردة، والعلاقة الخاصة بين المستشار النمساوى الأسبق كرايسكى والرئيس الراحل أنور السادات وإسهامه فى إطلاق عملية السلام، وفى الفترة الأخيرة تعززت هذه العلاقات من خلال زيارات متبادلة.
فى 16/9/2018 قام دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي، وسيباستيان كورتز مستشار النمسا بزيارة لمصر، استقبلهما الرئيس عبد الفتاح السيسى. تم خلال اللقاء استعراض والتشاور حول عدد من الملفات والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين مصر والاتحاد الأوروبى والنمسا بصفتها الرئيس الحالى للاتحاد، وعلى رأسها مشكلة الهجرة غير الشرعية.
فى 6/7/2018 قام سامح شكرى وزير الخارجية بزيارة للنمسا، استقبله فولفجانج سوبتكا رئيس البرلمان النمساوى والمجلس الوطنى النمساوى. بحث الجانبان دور مصر فى التعامل مع الملفات الاقليمية الحيوية والازمات المتفاقمة فى الشرق الأوسط، وأهمها الاوضاع فى سوريا وليبيا.
فى 24/5/2017 قام المستشار النمساوى كريستيان كيرن بزيارة لمصر،استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسى. بحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات الثنائية وعددا من القضايا الاقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
فى 13/10/2016 قام سامح شكرى وزير الخارجية بزيارة للنمسا، افتتح خلالها منتدى الأعمال المصري- النمساوي، من أجل تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والنمسا فى مختلف المجالات .
فى 22/5/2015 قام سيباستيان كورتز وزير الخارجية والاندماج والشئون الأوروبية لجمهورية النمسا بزيارة لمصر، واستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسى وأكد كورتز أن بلاده تؤيد الرؤية المصرية لمحاربة التطرف ونشر الإسلام المعتدل مؤكداً أهمية العمل على تعزيز التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي.
وفى 25/9/2014 التقى وزير الخارجية سامح شكرى مع نظيره النمساوى سباستيان كورتز وذلك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تناول اللقاء تطورات العلاقات بين البلدين وسبل تعزيزها خلال الفترة القادمة خاصة فى مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية وفى مجالات الاستثمار.
مجلس رجال الأعمال المصرى النمساوى
تم تأسيس مجلس رجال الأعمال المصرى النمساوى فى نوفمبر 2006 تنفيذا لما تم الاتفاق عليه خلال زيارة السيد رئيس الجمهورية للنمسا من أجل تنشيط علاقات التعاون بين البلدين فى جميع المجالات. تم عقد أربع دورات للمجلس بالتبادل بين مصر والنمسا كان آخرها فى الفترة 16-19 مارس 2009 بالقاهرة.
العلاقات الثقافية
تمثل العلاقات الثقافية جانباً مهماً بين مصر والنمسا، وفى الفترة الأخيرة تم التوقيع على مذكرة تفاهم فى شهر ديسمبر 2007 بين المكتبة الوطنية النمساوية ومكتبة الإسكندرية بهدف تنمية تبادل الكتب العالمية.
السياحة
فازت النمسا بمشروع التوءمة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى مجال السياحة، والذى تم توقيعه فى مصر فى فبراير 2007، ويهدف إلى تطوير آليات تنشيط السياحة فى مصر.
وتعد مصر ضمن أهم ست وجهات سياحية يقصدها السائحون النمساويون فى الخارج حيث تزايد عددهم فى السنوات الاخيرة.
المصدر : هيئة الاستعلامات