يتصاعد الخلاف الدبلوماسي بين إسرائيل والولايات المتحدة، بشأن خطط جيش الاحتلال الإسرائيلي للتقدم إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، والتي أصبحت بعد 4 أشهر من الحرب المدمرة “الملاذ الأخير” لحوالي مليوني فلسطيني نازح.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في نهاية الأسبوع الماضي، إن حملة الاحتلال الإسرائيلية في غزة جعلت النصر “في متناول اليد”، على الرغم من أن هدفه المعلن المتمثل في “القضاء” على حركة حماس لا يزال يبدو بعيد المنال.
وذكرت مجلة “نيوزويك” الأمريكية، أنه بينما تقاتل وحدات جيش الدفاع الإسرائيلي في معقل حماس الجنوبي في خان يونس، يستعد المخططون الإسرائيليون للتقدم جنوباً إلى رفح، التي تقع على طول الحدود بين غزة ومصر.
وقال نتانياهو: “سنفعل ذلك”، مضيفاً “سنسيطر على ما تبقى من كتائب حماس في رفح، وهي المعقل الأخير”.
وأثارت التهديدات احتجاجات من البيت الأبيض، حيث حذر الرئيس جو بايدن من أنه لا ينبغي شن هجوم على رفح “دون خطة موثوقة وقابلة للتنفيذ، لضمان سلامة ودعم أكثر من مليون شخص لجأوا هناك”.
وأوضحت المجلة أن نتانياهو، الذي لم يكن أبداً صديقاً قوياً لبايدن على مدى علاقة امتدت لعقود من الزمن، أظهر مراراً وتكراراً استعداداً لتحدي المتبرع الرئيسي لإسرائيل، ويمكن أن تكون معركة رفح أكبر تصريح له حتى الآن.
وقالت البروفيسورة أدريا لورانس من جامعة جونز هوبكنز لمجلة نيوزويك: “لقد أثبت نتانياهو والحكومة الإسرائيلية مراراً وتكراراً، أنهم سيتخذون أي إجراءات يعتقدون أنها ستخدم أمن إسرائيل على أفضل وجه، بغض النظر عما يدعو إليه حلفاؤهم أو شركاؤهم الإقليميون”.
وأضافت أن “الولايات المتحدة ببساطة لا تملك القدرة على ردع الحكومة الإسرائيلية، التي يعتقد بعض منتقدي بايدن أنه يمتلكها”، مشيرة إلى أن أي عملية ضد رفح ـ وفي ممر فيلادلفيا، وهو الاسم المستخدم للإشارة إلى قطاع الأرض الذي يمتد على طول الحدود بين غزة ومصر ـ ستكون مكلفة بلا شك.
وقبل الحرب، كان عدد سكان رفح 300 ألف نسمة فقط، ومن شأن الهجوم على المدينة الحدودية الجنوبية أن يعرض 1.5 مليون مدني فلسطيني للخطر، تدفقوا عليها هرباً من القصف الإسرائيلي في أماكن أخرى من القطاع.
وقال أطباء من منظمة “MedGlobal” غير الحكومية، الذين قضوا مؤخراً وقتاً تطوعياً في المرافق الطبية في رفح وخان يونس، لنيوزويك هذا الشهر إن “أولئك الذين لجأوا إلى رفح يشعرون بالرعب مما سيحدث”.
وأفادت المجلة بأن حوالي 65% من سكان غزة محشورون في المدينة، التي صنفتها الحكومة الإسرائيلية “منطقة آمنة”، على الرغم من الغارات الجوية المتكررة.
وقالت سارة باركنسون، وهي أيضاً أستاذة في جامعة جونز هوبكنز، للمجلة إن “البنية التحتية للمدينة تنهار تحت وطأة الحرب”.
وأضافت أن “العمليات البرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي والقصف المصاحب لها سيجعل البحث عن الغذاء والماء الشحيحين – أو محاولة الوصول إلى الرعاية الطبية في المستشفيات القليلة المتبقية التي تعمل جزئياً – أمراً خطيراً مميتاً، لا توجد وسيلة لضمان سلامة المدنيين في ظل هذه الظروف، لم يكن هناك مكان آمن في غزة منذ أشهر”.
وكشفت المجلة أن عمليات التوغل التي قام بها جيش الاحتلال الإسرائيلي في السابق، أو الجارية داخل المراكز الحضرية مثل مدينة غزة وخان يونس بطيئة ودموية.
وقد يكون الأمر مماثلاً في رفح، مع ما يصاحب ذلك من تعقيد إضافي يتمثل في أن ملايين الفلسطينيين ليس لديهم مكان يفرون إليه.
وقال ديفيد تسور، القائد السابق لوحدة مكافحة الإرهاب الإسرائيلية “اليمام” والعضو السابق في البرلمان الإسرائيلي، لنيوزويك خلال مؤتمر صحفي: “إن أي عمل في رفح سيكون معقداً، لأنها منطقة معادية للغاية”.
ويثير هجوم كبير في غزة المزيد من الشكاوى من البيت الأبيض، الذي يحث إسرائيل على الانتقال إلى أسلوب حرب أكثر استهدافاً وأقل دموية.
وقالت البروفيسورة لورانس إن “بايدن يواجه بالتأكيد قيوداً سياسية عندما يتعلق الأمر بانتقاد إسرائيل أو الضغط عليها، لكن ما فشل العديد من منتقديه بشأن هذه القضية في تقديره، هو أنه حتى لو دفع نتانياهو بقوة إلى إعطاء الأولوية لرفاهية المدنيين الفلسطينيين، لدى بايدن تأثير ضئيل للغاية على إسرائيل”.
وتابعت “إسرائيل لديها القدرة على العمل مع أو بدون دعم خارجي أو مساعدات عسكرية”.
وتظهر علامات الإحباط بين حلفاء إسرائيل التقليديين بشكل واضح، حيث قال مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل هذا الأسبوع “إن نتانياهو لا يستمع”.
وأما بالنسبة لاقتراح رئيس الوزراء بشأن إجلاء جديد للفلسطينيين من رفح، فقال بوريل مازحاً: “إلى أين؟ إلى القمر؟”.
المصدر: وكالات