على وقع استعدادات لبنان لانطلاق فعاليات الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية اعتبارا من اليوم الجمعة ولمدة ٣ أيام ، تتصاعد وتيرة الاستعدادات التنظيمية واللوجستية لضمان نجاحها ، خاصة وأنها المرة الأولى التي تستضيف فيها بيروت هذه القمة بعدما استضافت القمة العربية في عام 2002 ٠
وتعنى القمة بالموضوعات التنموية، وتعد حدثا مهما على الصعيد العربى ، لأنها قمة تنموية ستركز على تنمية الإنسان العربي ، ومن أبرز الملفات المتوقع أن تبحثها “قمة بيروت”، إطلاق إطار عربي استراتيجي للقضاء على الفقر متعدد الأبعاد، والإعلان العربي حول الانتماء والهوية.
كما تناقش القمة استراتيجية وخطة عمل إقليمية عربية شاملة حول ” الوقاية والاستجابة لمناهضة كل أشكال العنف”، وبصفة خاصة العنف الجنسي ضد النساء والفتيات في حالات اللجوء، وذلك في ظل ما شهده عدد من الدول العربية خلال الأعوام الأخيرة من حروب ونزاعات مسلحة، وما ترتب عليها من حالات اللجوء والنزوح والهوية ، بالإضافة إلى موضوع الاستراتيجية العربية لكبار السن، ومنهاج العمل للأسرة في المنطقة العربية في إطار تنفيذ أهداف التنمية المستدامة 2030 ، وأجندة التنمية للاستثمار في الطفولة في الوطن العربي 2030، والاستراتيجية العربية لحماية الأطفال في وضع اللجوء في المنطقة العربية، والعقد العربي لحقوق الإنسان 2019 – 2029 ، والدورة الرياضية العربية الرابعة عشرة للألعاب الرياضية عام 2021
وتكتنف القمة العديد من الأزمات سواء فى شأن مشاركة كل من ليبيا وسوريا في فعالياتها ، أو المتعلقة بالشأن الداخلى للبنان ووجود فراغ سياسى يتمثل فى عدم وجود حكومة لبنانية حتى الآن ، وقد حسمت ليبيا مشاركتها فى القمة ، بإعلانها أمس (الإثنين ) رفضها المشاركة ، فيما لم يحسم بعد موضوع مشاركة دمشق من عدمه ، حيث يتطلب توجيه دعوة للرئيس السوري بشار الأسد تفاهما داخليا من قبل رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس النيابي، وهو تفاهم غير موجود حاليا، في ظل رفض الرئيس سعد الحريري الموضوع جملة وتفصيلا، إلى جانب أن توجيه الدعوة لدمشق قد يؤدى تلقائيا لمقاطعة عربية كبيرة للقمة.
تتمثل الأزمة المتعلقة بالشأن الداخلى فى حالة الفراغ والمأزق السياسى الذى يواجه لبنان منذ إجراء الانتخابات البرلمانية فى شهر مايو الماضى التى أسفرت عن فوز حزب الله، مع أحزاب حليفة ومستقلين، بأكثر من 70 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 128 ، وبالتالى بات البرلمان يميل إلي جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران ، ولا توجد حتى الآن مؤشرات علي التوصل لحلول وسط من أجل تشكيل حكومة وحدة ، وواجهت المفاوضات شبكة من التعقيدات أبرزها كيف يمكن لرئيس الوزراء المكلف سعد الحريري تشكيل حكومة معبرة عن نتيجة الانتخابات وتهدئة مخاوف غربية خليجية مزدوجة من نفوذ حزب الله.
وزادت النتيجة من تعقيد النظام السياسي الطائفي في لبنان، الذي طالما كان ساحة للصراعات الإقليمية والدولية من خلال حلفاء محليين. فالمسيحيون والدروز والسنة يتنافسون للحصول علي حقائب وزارية. وإلي جانب ذلك يسعي حزب الله لتجاوز نطاق دوره التقليدي، الذي كان يلعبه في الصفوف الخلفية، في الحكومة المقبلة. ويريد حزب الله ثلاث حقائب بدلا من حقيبتين في الحكومة كما يريد حقائب وزارية مؤثرة عن تلك التي كان يحصل عليها بما في ذلك وزارات تقدم خدمات.
ومن بين أسباب تعثر تشكيل الحكومة في لبنان، فشل الجهود التي كان يقوم بها فريق رئيس الحكومة المكلف سعد الدين الحريري بهدف تقريب وجهات النظر بين “التيار الوطني الحر” من جهة وحزب “القوات اللبنانية”، وكلاهما محسوب علي التركيبة المسيحية في البلاد ، وتعدي الخلاف بين الطرفين المسيحيين حملات التراشق الإعلامي ليصل إلي حد الكشف عن مضمون وثيقة “معراب” التي كانت أساسا للمصالحة المسيحية – المسيحية ووصول النائب ميشيل عون إلي سدة رئاسة الجمهورية ، ومع هذا الخلاف تعقدت مساعي رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، لا سيما في ظل إصرار الفريق الدرزي المتمثل بالنائب السابق وليد جنبلاط علي الاستحواذ بكامل الحصة الدرزية في الحكومة، “3 وزراء”، مقابل إصرار رئيس الجمهورية علي تمثيل النائب طلال أرسلان بوزير داخل الحكومة المقبلة.
وأمام ما وصل إليه مسار تشكيل الحكومة، بدأت أوساط سياسية متابعة تشير إلي إمكانية تقليص عدد الوزراء داخل الحكومة المقبلة إلي 24 وزيرا، وهو ما قد يخفف من حدة الخلافات القائمة ما بين المكونات السياسية حول تقاسم الحصص الوزارية.
المصدر : أ ش أ